هو من الاعلام الذين يفخربهم التاريخ، تاريخ الاسلام هو الصحابي المعروف ميثم التمار احد ابرز تلاميذ الامام علي بن ابي طالب(ع) مشهده بالكوفة، وتوجد هذه الابيات مكتوبة على قبة قبر ميثم التمار للمرحوم السيد مهدي البغدادي رحمه الله :
ايها المدعي الولا لعليً
زر ولياً لديه كان يقيم
ان قبراً قد ضمن ميثم
قبر فيه سر من الولاء عظيم
ولد ميثم التمار في "النهروان" بالقرب من مدينة الكوفة وأصله من فارس وكان في صباه غلاماً لامرأة من "بني أسد".
وذات يوم اشتراه الإمام علي عليه السَّلام وأعتقه أي أعاد له حرّيته.
كان الإمام علي منذ شبابه، يحفر الآبار والعيون ويسقي البساتين فإذا توفر لديه بعض المال اشترى به عبداً أو جارية ثم يهبهما الحرّية.
عندما استعاد ميثم حرّيته اتجه إلى سوق الكوفة وأصبح بائعاً للتمر، وعاش حياة بسيطة. شيء واحد كان ينمو في قلبه: إيمانه بالإسلام وحبّه لعلي بن أبي طالب عليه السَّلام.
لقد علّمه الإمام أن الإسلام هو طريق الحريّة، فإذا أراد المرء أن يحيا كريماً ويموت سعيداً فما عليه إلاّ أن يؤمن بالله واليوم الآخر ولا يخشى أحداً إلاً الله.
وكان الإمام علي عليه السلام يحبّ ميثماً لصفاء روحه وطهارة نفسه، لهذا كان يقصده في دكانه في السوق ويتحدّث إليه ويعلّمه. وكان ميثم يُصغي إلى أحاديث الإمام لأنّه يعرف أن عليّاً هو باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله .
دبت الحركة داخل السوق والباعة تعالت أصواتهم واصفينبضاعتهم ومرذكين الناس في شرائها، ما عدا شخص واحد يجلس داخل دكان صغير أختص بعرضبضاعة النمر يدعى ميثم التمار..
هو كذلك يعاني الحزن والألم وقد أحرقت الدموعوجنتيه، لكن معاناته مختلفة عن الآخرين فهي ليست من اجل تجارة خاسرة أو حق مغتصبوإنما لفقد عزيز على قلبه.. كان دكانه يشع بأنوار القبس الإلهي وهو ينهل من خزائنعلم النبوة والوحي، علم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) الذي افصح عنه ذات يومفقال:
علمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم، يفتح لي من كل باب ألف باب..
وقد قالبحقه الرسول محمد (ص): أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليدخلها منبابها..والآن ينظر ميثم التمار من خلال غشاوة الدموع إلى مقعد كان يجلس عليه مولاهعلي بن أبي طالب (ع) فيتفاقم حزنه ويشتد انهمار دموعه.. سلوته في تقليب صفحاتالماضي واسترجاع تلك الذكريات..
يوم كان عدا مملوكاً لامرأة فاشتراه ليمنحه حريته،جعله يشعر كأنه طائر أطلقوه بعد أسر طويل فصار يحلق كما يشاء في فضاء الدنيا.. سألهعن أسمه فأجابه بفرح شديد: سالم.. عندها ربت أمير المؤمنين (ع) على كتفه مبتسماًوهو يقول له: حدثني رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بأن اسمك هو الذي سماك به أبوك في العجم (ميثم)..!! فرجفت أعضاؤه من شدة الدهشة وهو يقول متلعثماً وقد أدمعت عيناه: صدقالله ورسوله وصدقت يا أمير المؤمنين فقال له: حقاً أنه اسمي... ذات يوم دعاه أميرالمؤمنين (ع) فقال له: كيف بك إذا دعاك دعي بني أمية الى البراءة مني..؟وقصدبقوله عبيد الله بن زياد.. فأجابه ميثم بحزم وشجاعة: كيف ذلك يا أمير المؤمنين..؟! لا أبرأ منك أبداً مهما يكن..
-سيقتلك ويصلبك..
فرد ميثم دون تلكؤ أو تردد: اصبر، وذلك عندي في الله قليل.. والآن يكفكف ميثم دموعه مرددا مع نفسه:
متى يأتيذلك اليوم لألقاك وأكون معك.. نهض بعد ان انساب الى مسامعه صوت المؤذن مناديا بحلولوقت الصلاة، فشرع يغلق باب دكانه، ثم اتجه نحو مسجد الكوفة.. ثم غبار تنثره حوافرخيل التابعين للحكم الأموي وهم يبثون الرعب والفزع بين المسلمين.. قبل أن يدخلالمسجد لمحه عمرو بن حريث قائد حرس الوالي، فنادى عليه وهو يتجه نحوه.. التفت ميثمناظراً إليه باشمئزاز بينما هو يواصل كلامه:
ميثم.. أما زلت حزيناً لفقدمولاك..؟
-سأكون جارك يا عمرو، فأحسن مجاورتي..
فرد عليه عمرو مندهشاً: هلستشتري دار أحد جيراني..؟!!
-لا.. فضحك عمرو وتعالت قهقهاته: كيف ستكون جاريإذا..؟!!
-مثلما أقول لك يا عمرو وأني لأراه قريباً جداً.. وتركه على الفورداخلاً المسجد..
يتجه ميثم صوب بيت عمرو بن حريث بعد أداء فريضةالصلاة، لم يقصده ولكن قصد نخلة قبالة البيت..
يتأملها فترتسم في مخيلته صور ستتجسمأحداثها أمام أنظار الناس كما اعلمه بذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، لذايزورها فيقضي برهة من الوقت يتأملها ويناجيها قبل ان يعود إلىعمله..
ما ان دخل ميثم السوق حتى شاهد الباعة وقد ضاقت صدورهم وهميشكون كساد بضاعتهم لعدم إقبال الناس عليها بسبب ارتفاعأسعارها..
-لقد طفح الكيل وبلغ الظلم حداً لا يطاق..
فما هوالحل.. إننا نتحمل فوق طاقتنا..؟!!
بهذه العبارات تعالت أصوات أصحاب السوقمتسائلين مستفسرين شاكين حالهم لبعضهم..
فأشار عليهم ميثم هامساً:
-سأكون على رأسكمفي تظاهرة ترفعون فيها أصواتكم مطالبين بحقوقكم وفاضحين أساليب الظلم والاضطهادالتي يمارسها الحكم الأموي..
فصاحوا جميعاً: نفعل فليس لنا خيارآخر..
.
تعالت الأصوات مفجرة ذلك الغضب الكامن في صدور الناس حتى بلغتمسامع الوالي فانتفض يرعد ويزبد وهو يصرخ طالباً عمرو بن حريث.. فلما حضر بين يديهسأله على الفور:
ماذا يحصل في الخارج..؟!!
-إنها حالة شغب يا سيدي، ونحن مستمرونفي قمعها والقبض على مرتكبيها..
-ومن أثارها وحرض عليها..؟!
-أنهما باعةالسوق وعلى رأسهم ميثم التمار..
فاصطكت أسنانه وشرر الغضب يتطاير منعينيه:
-ميثم..؟!! أريده منك يا عمرو، تحضره أمامي..
فأحنى عمرو رأسه، وأدارظهره منصرفاً لتنفيذ الأمر..
-أ تحرض الناس وتجعلهم يتجرؤن علينايا تابع علي..؟قالها الوالي عبيد الله بن زياد صارخاً بوجه الصحابي ميثم التمارما ان قدم للمحاكمة أمامه.. فرد عليه ميثم:
-انه أمير المؤمنين وإمام المتقينعلي بن أبي طالب.. وهو أجل وأطهر من أن يذكر اسمه على السان حقير مثلك..!!
فجنجنون الوالي وصار جحيماً من الغضب بوجه ميثم:
-يجب أن تبرأ منه الآن فوراًوإلا..
فقاطعه ميثم قائلاً: ستقطع لساني وأطرافي وأنا معلق على جذع نخلةأعلمها..!!فصعق الوالي مبهوراً لا يعلم أهو في حلم أم حقيقة.. وبعد برهة صمت قاللميثم:
-تعرف ما سيحل بك..؟!!
-نعم لقد أخبرني بذلك مولاي أميرالمؤمنين..
إذا.. سأقطع أطرافك وأدع لسانك حتى أكذبك وأكذبمولاك..
على نفس تلك النخلة علق ميثم التمار، وقد شاهده الناس مقطعالأطراف لكن لسانه أثار الانتباه والإصغاء بما ينطقه ويردده:
-هلموا أيها الناسلأخبركم بما سيكون.. سأعلمكم بما أعلمني مولاي علي بن ابي طالب..
وهكذا تكاثرالناس بشكل مذهل يصغون إليه وعيونهم تذرف الدموع بغزارة وقلوبهم تتفطر ألماًلحاله.. حتى بلغ أمره مسامع ابن زياد فأمر على الفور بقطع لسانه..
وبذلك تحقق ماقاله أمير المؤمنين..
ما أن بزغ فجر يوم جديد حتى كان بجانب النخلةقبر كتب عليه اسم ميثم التمار، إذ لم يتركه المؤمنون معلقاً على جذع النخلة فتسللواليلاً ليهتموا بما تقتضيه إجراءات الدفن.. وقد فوجئ عمرو بن الحريث عند خروجه منالبيت فجعل يتمتم وهو يتأمل القبر مستذكراً كلام ميثم: أهذه الجيرة التي حدثتنيعنها يا ميثم..؟!!
ثم انصرف وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة.. لكن الذينأفعمت قلوبهم بالإيمان يعرفون قدر الصحابي الجليل ميثم التمار.. فيقفون أمام قبرهمسلمين عليه بإجلال وإكبار ثم يقرؤون له سورة الفاتحة قبل أن ينصرفوا عنه.. ومن جيلإلى جيل وفي كل زمن وعصر يذكر ميثم التمار الذي سطر ملحمة رائعة بقيت خالدة علىصفحات التاريخ، وكيف لا..!! أليس أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطانجائر..؟
استشهد ميثم ( رضي الله عنه ) في الثاني والعشرين من ذي الحجَّة 60 هـ ، أي : قبل وصول الإمام الحسين ( عليه السلام ) إلى كربلاء بعشرة أيّام .
تأثرت كثيراً بما اوردتموه اختي الفـاضلة
عن هذا الصحابي الجليل، نحنُ ممتنون لك
لتعريفنا على هذا الرمز
اثابك الله وسدد خطاكِ وباركِ جهودك الطيبه
شكراً جزيلاً .. تحياتي
جزاك الله خيرا عزيزتي على هذا الطرح القيم
رحم الله هذا الصحابي الجليل الذي قال فيه ائمتنا
1ـ قال الإمام موسى الكاظم(عليه السلام): «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين حواري محمّد بن عبد الله رسول الله(صلى الله عليه وآله)، الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر، ثمّ ينادى مناد: أين حواري علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وصي رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ فيقوم عمرو بن الحمق، ومحمّد بن أبي بكر، وميثم بن يحيى التمّار ـ مولى بني أسد ـ، وأويس القرني».
قال: «ثمّ ينادى المنادى:... فهؤلاء المتحوّرة أوّل السابقين، وأوّل المقرّبين، وأوّل المتحوّرين من التابعين»