تعريف الجزع واستحبابه على الإمام الحسين (عليه السلام)
بتاريخ : 27-03-2014 الساعة : 09:23 AM
الجَزَعُ: نقيض الصبر، وهو إظهار الحزن، وألم المصيبة.
ففي كتاب (العين) و (لسان العرب): والجَزَعُ: نقيض الصب (كتاب العين: 1 / 217 مادة (جزع)، لسان العرب: 8 / 47 مادة (جزع)).
وفي (أقرب الموارد): لم يصبر فأظهر الحزن (أقرب الموارد: 1 / 120).
وفي (منجد اللغة): لم يصبر عليه، فأظهر الحزن أو الكدر (منجد اللغة: 89 مادة (جزع)).
وإظهار الحزن قد يكون برفع الصوت بالبكاء، المسمّى بـ (النوح)، وقد يكون بالبكاء مع الصراخ، المسمّى بـ (العويل)، وقد يكون بالبكاء مع تعداد محاسن الميّت، المسمّى بـ (الندب)، وقد يكون بالقول، كمن يدعو بالويل والثبور، فيقول: يا ويلاه، واثبوراه. والويل: الهلاك، وكذا الثبور، وقد يكون بالعمل، بأن يضرب يده على جبينه أو خدّه أو فخذه، أو يُمزقَ قميصه أو ثوبه، أو ينتف شعره أو يجزّه، أو يمتنع عن الطعام، أو غيره.
وتوجد روايات متعدّدة في استحباب الجزع على الإمام الحسين (عليه السلام)، منها: ما ورد في خبر معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله (عليه السلام): «كلّ الجزع والبكاء مكروه، سوى الجزع والبكاء على الحسين (عليه السلام)» (أمالي الطوسي: 162 ح 20 المجلس السادس).
وقد نقله الحرّ العاملي في (وسائل الشيعة)، تارةً في أبواب الدفن بعبارة: «... سوى الجزع والبكاء على الحسين (عليه السلام)» (وسائل الشيعة: 2 / 282 ح 9 الباب 87 من أبواب الدفن)، وأُخرى في أبواب المزار بعبارة: «... ما خلا الجزع والبكاء لقتل الحسين (عليه السلام)» (وسائل الشيعة: 14 / 505 ح 10 الباب 66 من أبواب المزار).
ومنها: خبر عليّ بن أبي حمزة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، سمعته يقول: «إنّ البكاء والجزع مكروهٌ للعبد في كلّ ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّ (عليهما السلام)؛ فإنّه فيه مأجور» (كامل الزيارات: 201 ح 286 الباب 32).
ومنها: خبر صالح بن عقبة: «ويُقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه» (مصباح المتهجّد: 772 شرح زيارة أبي عبد الله (عليه السلام) يوم عاشوراء).
ومنها: خبر خالد بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: «وقد شققن الجيوبَ، ولطمن الخدودَ ـ الفاطمياتُ ـ على الحسين بن عليّ (عليهما السلام)، وعلى مثله تُلطم الخدود، وتُشقّ الجيوب» (تهذيب الأحكام: 8 / 325 ح 1207 كتاب الأيمان والنذور والكفّارات).
ومنها: خبر مسمع بن عبد الملك كردين البصري: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «أما تذكر ما صُنع به؟» ـ أي الحسين (عليه السلام) ـ قلت: نعم. قال: «فتجزع؟» قلت: إي واللهِ، وأستعبرُ لذلك، حتّى يرى أهلي أثر ذلك علَيّ، فأمتنع عن الطعام، حتّى يستبينَ ذلك في وجهي. قال (عليه السلام): «رحم الله دمعتك، أما إنك من الذين يُعدّون من أهل الجزع لنا، والذين يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويخافون لخوفنا، ويأمنون إذا أمنّا» (كامل الزيارات: 203 ـ 206 ح 291 الباب 32).
ومنها: خبر معاوية بن وهب: إستأذنتُ على أبي عبد الله (عليه السلام)، فقيل لي: ادخل. فدخلت، فوجدته في مصلّاه في بيته، فجلستُ حتّى قضى صلاته، فسمعته وهو يناجي ربّه، وهو يقول: «يا من خصّنا بالكرامة... إغفر لي ولإخواني ولزوّار قبر أبي [عبد الله] الحسين (عليه السلام)... وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمةً لنا، وارحم تلك القلوب التي جَزَعت واحترقت لنا، وارحم الصرخة التي كانت لنا...» (الكافي: 4 / 582 باب فضل زيارة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)).
وما قاله دعبل في محضر الإمام الرضا (عليه السلام)، مع سكوت المعصوم وإقراره:
أفاطمُ لو خلْتِ الحسينَ مُجدّلاً * وقد ماتَ عطْشاناً بشطّ فراتِ
إذاً للطمْتِ الخَدّ فاطمُ عنده * وأجريتِ دمعَ العينِ في الوَجَناتِ
(مقتل الخوارزمي: 2 / 148، كشف الغمّة: 3 / 112 ذكر الإمام الثامن أبي الحسن (عليه السلام))