قد يتبادر إلى ذهن البعض أن الحسين عليه السلام عندما قال : (ألا من ناصر ينصرنا) أنه بحاجة إلى تلك النصرة، لكي ينتصر على الأعداء من ناحية عسكرية!.. ولكن هذا النداء الذي أطلقه الحسين عليه السلام، هو كنداء نوح إلى ابنه، حين قال له : (يا بني اركب معنا) فنبي الله نوح أراد أن يستنقذ ابنه من الضلالة، وليس الطوفان فقط، فلم يكن ممكنا لابنه أن يركب السفينة إذا لم يكن مؤمنا.. كذلك الحسين عليه السلام عندما قال : (من لحق بنا استشهد، ومن تخلف عنا لم يبلغ الفتح) وهذا يعني أن الشهادة والفتح قد جمعا للحسين عليه السلام، كما جمع الإيمان والنجاة من الطوفان لمن ركب سفينة نوح.
وقد ظل الحسين عليه السلام إلى آخر لحظة في حياته يدعو الناس ليركبوا سفينة النجاة.. وحتى قوله إنه عطشان وطلبه الماء من الشمر إذا صح، فإنه رحمة بقاتليه، فهو يعلم أنه لا سفينة نجاة غيره في ذلك الموقف، ومن لا يركب معه سيغرق في الطوفان.
هذا هو الحسين الذي تخلق بأخلاق ربه، فهو يرحم قاتليه ويدعوهم للنجاة إلى آخر لحظة، وندائه إلى اليوم (ألا من ناصر ينصرنا)، وسيظل هذا النداء يدعونا للركوب في سفينة النجاة، سيظل خالدا، فالحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة.