بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صَلِّ على محمد وآل محمد
الخليفة الشرعي
ثورة الإمام الحسين صلوات الله عليه كانت انموذج للطاعة المطلقة لله تعالى ، وكانت خالصة % 100 لمرضاة الله جل جلاله ، ( ما كان لله ينمو ) ، على هذا الأساس كتب الله تعالى لها الخلود .
وهذه الثورة المباركة أعطت المشروعية لكل شعب او لكل إنسان مهما كان معتقدة ان يثور ضد الظلم ، فقد تتالت الثورات ضد الحُكّام الظالمين بعد معركة ألطف .
النهضة الحسينية المباركة لها هيبة عظيمة ، حيث تغنى بها الكثير من الشخصيات العالمية كرؤساء دول ومفكرين واقتبسوا من فيض نورها الدروس ، واحتوت هذه النهضة مضامين و جوانب لا يستطيع اي كاتب اختزالها بمجلد او اكثر لما فيها من دروس وعبر للأجيال ؛ بمشيئة الله تعالى تناولنا جانب من جوانب هذا النصر العظيم بقيادة بطل عظيم الإمام ابا عبد الله الحسين صلوات الله عليه ، عسى ان يتقبله الله تعالى منا بأحسن قبول والأجر والثواب لنا ولكم ..
قرر معاوية ان يجعل الخلافة من بعده الى ولده يزيد وبالفعل أخذ البيعة من المنتفعين والانتهازيين .. هذه البيعة باطلة حسب بنود وثيقة الصلح التي أُبرمت بين الامام الحسن المجتبى سلام الله عليه وبين معاوية ؛ تنص ( أن يكون الامر للحسن من بعده ، فان حدث به حدث فلأخيه الحسين ، وليس لمعاوية أن يعهد به الى احد ) ..
فبعد ما هلك معاوية أراد يزيد ان يأخذ البيعة من الامام الحسين صلوات الله عليه بالقوة والسبب معروف ، فبعث برسالته الى والي المدينة الوليد بن عتبة ، يأمره على أخذ البيعة من أهل المدينة عامة ، وإخذ البيعة من الامام الحسين سلام الله عليه خاصة ، ويقولوان ابى البيعة فاضرب عنقه وابعث إليَّ برأسه .
قبل لقاء الامام الحسين سلام الله عليه مع الوليد بن عتبة ، وكان حينها عليه السلام في المسجد ، سأله عبد الله بن الزبير: فماذا ترى نصنع يا أبا عبدالله إن دعينا إلى بيعة يزيد ؟
فقال الحسين عليه السلام : أمّا أنا فلا أُبايع أبداً ، لأنّ الأمر كان لي بعد أخي الحسن ، فصنع معاوية ما صنع ، وكان حَلَفَ لأخي الحسن أن لا يجعل الخلافة لأحد من ولده ، وأن يردّها عليّ إن كنت حيّاً ، فإن كان معاوية خرج من دنياه ولم يف لي ولا لأخي بما ضمن ، فقد جائنا ما لا قرار لنا به ، أتظنّ يا أبابكر إنّي أبايع ليزيد ، ويزيد رجل فاسق معلن بالفسق ، يشرب الخمر ، ويلعب بالكلاب والفهود ، ونحن بقيّة آل الرسول ، لا والله لا يكون ذلك أبداً .[1]
هذا كان رأي الإمام ابا عبد الله سلام الله عليه في البيعة وفي يزيد .
في لقاء الوالي مع الامام الحسين سلام الله عليه وبحضور مروان عليه اللعنة أعلن عليه السلام عن عدم البيعة قائلاً: ( إِنَّا أهل بيت النبوة ومعدِن الرسالة ومختلف الملائكة ، بِنَا فتح الله ، وبنا يختم ، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر ، قاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق ، ليس له هذه المنزلة ، ومثلي لا يبايع مثله ، ولكن نصبح وتصبحون ، وننتظر وتنتظرون أيُّنا أحق بالخلافة والبيعة )[2] .
اذن الحسين سلام الله عليه لا يبايع ليزيد لأن البيعه له حسب وثيقة الصلح الذي أشرنا اليها آنفاً ، وهذه المؤآمرة الثانية التي ادت الى مصادرت خلافة الله تعالى ...
وحتى لو فرضنا ليست للإمام الحسين عليه السلام حق في الخلافة ، لابد له من التصدي ليزيد ، وقد أعلن عن سبب امتناعه عن البيعة كما بيناها ، والشيء الآخر ان يزيد يمثل الخليفة وتصرفاته وسلوكه تنعكس على الرعية باعتباره القدوة لهم ( والنَّاس على دين ملوكهم ) .
فالإمام ابا عبد الله صلوات الله عليه ، رأى من واجبه وتكليفه الشرعي ان يتصدى لهذا الفاسق مشيراً برسالته لاخيه محمد بن الحنفية ( .. وأني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي وأبي علي بن ابي طالب فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن رد علي أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم الظالمين وهو خير الحاكمين )[3] .
اللهم العن كل من سَنّة سُنّةً سيئة أدت الى تشويه الشريعة الاسلامية عن مضامينها الحقيفية ..
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وأهل بيته الطاهرين ...