|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 83053
|
الإنتساب : May 2018
|
المشاركات : 615
|
بمعدل : 0.26 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
مناظرة الشيخ معتصم سيد أحمد السوداني مع الشيخ عبد القادر الاَرنؤوطي في حديث الثقلين
بتاريخ : 31-01-2021 الساعة : 12:40 AM
مناظرة الشيخ معتصم سيد أحمد السوداني مع الشيخ عبد القادر الاَرنؤوطي في حديث الثقلين
حدث لي أثناء إقامتي في الشام لقاء مع الشيخ عبدالقادر الاَرنؤوطي، وهو من علماء الشام ، وله إجازة في علم الحديث.
وقد تم هذا اللقاء من غير إعداد مني، وإنما كان من طريق الصدفة..
كان لي أحد الاَصدقاء السودانيين أسمه عادل، تعرفت عليه في منطقة السيدة زينب عليها السلام وقد أنار الله قلبه بنور أهل البيت عليهم السلام وتشيع لهم، وامتاز هذا الاَخ بصفات حميدة قل ما تجدها في غيره، فكان خلوقاً متديناً ورعاً، وقد أجبرته الظروف على العمل في إحدى المزارع في منطقة تُسمى العادلية ـ۹كم تقريباً جنوب السيدة زينب عليها السلام ، وكان بجوار المزرعةالتي يعمل بها مزرعة اُخرى لرجل كبير السن متديّن يكنى بأبي سليمان.
فعندما عرف هذا الجار أن السوداني الذي يعمل بجواره شيعي، جاء إليه وتحدّث معه، قال: يا أخي، السودانيون سنّة طيبون ... من أين لك بالتشيع؟! هل في اُسرتك أحد شيعي؟
قال عادل: لا، ولكن الدين والقناعة لا تبتني على تقليد المجتمع والاُسرة.
قال: إن الشيعة يكذّبون ويخدعون العامة.
قال عادل: أنا لم أر منهم ذلك.
قال: بلى نحن نعرفهم جيداً.
قال عادل: يا حاج، هل تؤمن بالبخاري ومسلم وصحاح السنة؟
قال: نعم.
قال عادل: إن الشيعة يستدلون على أي عقيدة يؤمنون بها من هذه المصادر، فضلاً عن مصادرهم.
قال: إنهم يكذبون ، ولهم بخاري ومسلم محرَّف.
قال عادل: إنهم لم يلزموني بكتاب مخصص، بل طلبوا مني أن أبحث في أي مكتبة في العالم العربي.
قال: هذا كذبٌ، وأنا من واجبي أن أردك مرة اُخرى إلى السنّة، « وإن يهدي بك الله رجل واحد خير لك مما طلعت عليه الشمس »
قال عادل: نحن طالبي حق وهدى ، نميل مع الدليل حيثما مال.
قال: إني سأحضر لك أكبر عالم في دمشق ، وهو العلامة عبدالقادر الأرونؤوطي ، عالم جليل ، ومحدّث حافظ ، وقد حاول الشيعة إغراءه بالملايين حتى يصبح معهم ، لكنه رفض...
وافق ـ الاَخ ـ عادل على هذا الطرح ، وقال له أبو سليمان: موعدنا يوم الاَثنين أنت وكل السودانيين الذين تاثر وابالفكر الشيعي.
جاء إليَّ عادل، وأخبرني بما حدث، وطلب مني أن أذهب معه... وبفرحة شديدة قبلت هذا العرض، وتواعدت معه يوم الاِثنين بتاريخ ۸ صفر ۱٤۱۷ من الهجرة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم، في تمام الساعة ۱۲ ظهراً.
وكان يوماً شديد الحر، تقابلنا في الموعد، وانطلقنا إلى المزرعة مع ثلاثة من السودانيين، وبعد وصولنا كان الاَخ عادل في استقبالنا في مزرعة خضراء تحفّها الاَشجار المثمرة من الخوخ والتفاح والتوت وغيرها من الفواكه التي لا توجد عندنا في السودان.
وبعدها أخذنا نحث الخطى إلى مزرعة جاره السني، فاستقبلنا بحفاوة بالغة، وبعد قليل من الاستجمام في ذلك المكان الذي تحيط به الخضرة من كل حدبٍ، قمت إلى صلاة الظهر، وفي أثناء الصلاة، جاءت قافلة في مقدمتها سيارة تحمل الشيخ الاَرنؤوطي، وقد امتلأ المكان بالناس وخارج المبنى بالسيارات، وعلت الدهشة وجوه أصحابي السودانيين من هيبة هذا المقام، لاَنهم لم يتصوروا أن الاَمر بهذا الحجم، وبعدما استقر كل واحد في مكانه، اخترتُ مكاناً بجوار الشيخ.
وبعد إجراء التعريف بين الجميع، تحدّث صاحب المزرعة مع الشيخ قائلاً: إن هؤلاء إخواننا من السودان ، وقد تأثروا بالتشيع في السيدة زينب عليهما السلام ، وبينهم واحد شيعي يعمل في المزرعة التي بجوارنا.
قال الشيخ: أين هذا الشيعي؟
قالوا له: ذهب إلى مزرعته وسيرجع بعد قليل.
قال: إذن نؤخر الحديث إلى رجوعه..
... ذهب إليه أحد السودانيين وأحضره إلى المجلس، وقد استغل الشيخ هذه الفرصة،بقراءة أحاديث كثيرة يحفظها عن ظهر قلب، وكان موضوعها أفضلية بعض البلدان على بعض ، وخاصة الشام ودمشق، وقد أخذ هذا الموضوع حوالي نصف ساعة ـ وهو موضوع لا جدوى فيه ـ ، وقد تعجبت منه كثيراً كيف لا يستغل هذا الظرف، وقد أعاره الجميع عقولهم بحديث يستفيدون منه في دينهم ودنياهم، ثم قال: إن دين الله لا يؤخذ بالحسب والنسب، وقد جعل الله شرعه لكل الناس، فبأي حق نأخذ ديننا من أهل البيت:؟! وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بالتمسك بكتاب الله وسنته ، وهو حديث صحيح لا يستطيع أحد تضعيفه، ولا يوجد عندنا طريق آخر غير هذا الطريق وضرب بيده على ظهر عادل وقال له: يا إبني، لا يغرنَّك كلام الشيعة.
استوقفته قائلاً: سماحة الشيخ، نحن باحثون عن الحق، وقد اختلط علينا الأمر ، وجئنا كي نستفيد منك عندما عرفنا أنك عالم جليل ومحدّث وحافظ.
قال: نعم.
قلت: من البديهيات، التي لا يتغافل عنها إلا أعمى أن المسلمين قد تقسموا إلى طوائف ومذاهب متعددة، وكل فرقة تدعي أنها الحق وغيرها باطل، فكيف يتسنى لي، وأنا مكلف بشرع الله أن أعرف الحق من بين هذه الخطوط المتناقضة؟! هل أراد الله لنا أن نكون متفرقين، أم اراد أن نكون على ملة واحدة، نُدين الله بتشريع واحد؟! وإذا كان نعم، ما هي الضمانة التي تركها الله ورسوله صلى الله عليه وآله لنا لكي تحصن الاُمة من الضلالة؟
مع العلم أن أول ما وقع الخلاف بين المسلمين كان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله مباشرة، فليس جائز في حق الرسول أن يترك أُمته من غير هدى يسترشدون به.
قال الشيخ: إن الضمانة التي تركها رسول الله صلى الله عليه وآله لتمنع الاُمة من الاختلاف قوله صلى الله عليه وآله : إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا ، كتاب الله وسنتي.
قلت: لقد ذكرت قبل قليل، في معرض كلامك قد يكون هناك حديث لا أصل له ، أي غير مذكور في كتب الحديث.
قال: نعم.
قلت له: هذا الحديث لا أصل له في الصحاح الستة، فكيف تقول به، وأنت رجل محدّث؟
.... هنا، شبت ناره، وأخذ يصرخ قائلاً: ماذا تقصد، هل تريد أن تضعّف هذا الحديث.
تعجبت من هذه الطريقة، وعن سبب هيجانه مع أنني لم أقل شيئاً.
فقلت: مهلاً، إنَّ سؤالي واحد ومحدد، هل يوجد هذا الحديث في الصحاح الستة؟
قال: الصحاح ليست ستة، وكتب الحديث كثيرة، وإن هذا الحديث يوجد في كتاب الموطأ للاِمام مالك.
قلت ـ متوجها إلى الحضور ـ : حسناً،قد اعترف الشيخ أن هذا الحديث، لا وجود له في الصحاح الستة، ويوجد في موطأ مالك..
فقاطعني ـ بلهجة شديدة ـ قائلاً: شو، الموطأ مو كتاب حديث؟
قلت: الموطأ كتاب حديث ، ولكن حديث: كتاب الله وسنتي مرفوع في الموطأ من غير سند ، مع العلم أن كل أحاديث الموطأ مسندة.
هنا صرخ الشيخ بعدما سقطت حجته، وأخذ يضربني بيده ويهزني شمالاً ويميناً: أنت تريد أن تضعّف الحديث، وأنت مَنْ حتى تضعّفه... حتى خرج عن حدود المعقول، وأخذ الجميع يندهش من حركاته وتصرفه هذا.
قلت: يا شيخ! هنا مقام مناقشة ودليل ، وهذا الاُسلوب الغريب الذي تتبعه لا يجدي، وقد جلست أنا مع الكثير من علماء الشيعة، ولم أر مثل هذا الاُسلوب أبداً، قال تعالى: ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ).. وبعد هذا، هدأ قليلاً من ثورته.
قلت: أسألك يا شيخ: هل رواية مالك لحديث كتاب الله وسنتي ، في الموطأ، ضعيفة أم صحيحة؟!
قال ـ بتحسر شديد ـ : ضعيفة.
قلت: فلماذا إذن، قلت: أن الحديث في الموطأ ، وأنت تعلم أنه ضعيف؟ قال ـ رافعاً صوته ـ : إنَّ للحديث طرق اُخرى.
قلت للحضور: قد تنازل الشيخ عن روايةالموطأ، وقال: إن للحديث طرق اُخرى، فلنسمع منه هذه الطرق.
... هنا أحس الشيخ بالهزيمة والخجل، لأن ليس للحديث طرق صحيحة ، وفي هذه الأثناء، تحدث أحد الجلوس، فوكزني الشيخ بيده، وقال لي وهو مشيراً إلى المتحدث: إسمع له والتفت ، يريد بذلك الهروب من السؤال المحرج الذي وجهته له.
أحسست منه هذا، ولكني أصررت وقلت: أسمعنا يا شيخ الطرق الاُخرى للحديث؟؟
قال ـ بلهجة منكسرة ـ : لا أحفظها، وسوف أكتبها لك.
قلت: سبحان الله! ، أنت تحفظ كل هذه الاَحاديث، في فضل البلدان والمناطق، ولا تحفظ طريق أهم الاَحاديث ، وهو مرتكز أهل السنة والجماعة، والذي يعصم الاُمة عن الضلالة كما قلت... فظل ساكتاً.
وعندما أحس الحضور بخجله، قال لي أحدهم: ماذا تريد من الشيخ وقد وعدك أن يكتبها لك، قلت: أنا أقرّب لك الطريق، إن هذا الحديث يوجد أيضاً في سيرة ابن هشام من غير سند.
قال الشيخ الأرنؤوطي: إن سيرة ابن هشام، كتاب سيرة وليس حديث.
قلت: إذن تضعّف هذه الرواية.
قال: نعم.
قلت: كفيتني مؤونة النقاش فيها.
وواصلت كلامي قائلاً: ويوجد أيضاً في كتاب الاِلماع للقاضي عياض وفي كتاب الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي(۷).. هل تأخذ بهذه الروايات؟
قال: لا.
قلت: إذن، حديث كتاب الله وسنتي ، ضعيف بشهادة الشيخ، ولم يبق أمامنا إلا ضمانة واحدة تمنع الاُمة من الاختلاف، وهي حديث متواتر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وقد روته كتب الحديث السنية، والصحاح الستة ما عدا البخاري وهو قول رسول الله صلى الله عليه وآله : إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ، كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والاَرض، وعترتي أهل بيتي، فإن العليم الخبير، انبئني انهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض.
كما في رواية أحمد بن حنبل(۸) ، ولا مناص لمؤمن يريد الاِسلام الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وآله غير هذا الطريق، وهو طريق أهل البيت المطهرين في القرآن الكريم من الرجس والمعاصي، وذكرت مجموعة من فضائل أهل البيت عليهم السلام ، والشيخ ساكت لم يتفوه بكلمة طوال هذه المدة ـ على غير عادته ـ فقد كان يقاطع حديثي بين كلمة واُخرى.
وعندما رأى مريدوه الاِنكسار في شيخهم، أصبحوا يهرّجون ويمرّجون.
قلت: كفى دجلاً ونفاقاً، ومراوغة عن الحق، إلى متى هذا التنكر؟!! والحق واضحة آياته، ظاهرة بيناته، وقد أقمتُ عليكم الحجة، بأن لا دين من غير الكتاب والعترة الطاهرة من آل محمد صلى الله عليه وآله .
وظل الشيخ ساكتاً ولم يرد عليَّ كلمة واحدة. فقام منتفضاً قائلاً:أنا أريد أن أذهب، وأنني مرتبطٌ بدرس، مع العلم أنه كان مدعواً لطعام الغذاء!!.
أصر عليه صاحب المنزل بالبقاء، وبعد إحضار طعام الغذاء، هدأ المجلس، ولم يتفوه الشيخ بكلمة واحدة في أي موضوع كان، طيلة جلسة الغذاء، وقد كان فيما سبق هو صاحب المجلس والحديث أولاً!...
هكذا مصير كل من يراوغ ويخفي الحقائق، فلا بد أن ينكشف أمام الملأ..
|
|
|
|
|