|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 836
|
بمعدل : 0.25 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
المُشترَكات القيَميّة بين الإمام الحسين (عليه السلام) وحفيده الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
بتاريخ : 29-08-2022 الساعة : 01:54 PM
وحدة الإرادة وتحقيق الطموح
الكاتب: مرتضى علي الحلي
❖ المقالة:
إنّ إصلاح المجتمع الإنساني عامة هو هدف كل الأنبياء والأئمة المعصومين (عليهم السلام)، ينشدونه ويسعون لتحقيقه قدر المُستطاع.
فمقولة الإصلاح هي مقولة قرآنية ونبوية في نفس الوقت، وكثيراً ما ردّدها القرآن الكريم في نصوصه الشريفة.
وإن الإمام الحسين (عليه السلام) تحرك مُصلحاً وحاملاً لشعار الأنبياء الذي ينصُ على قوله تعالى: ﴿إِنْ أُريدُ إِلّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفيقي إِلا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنيبُ﴾، وعند قراءة الحوارية التي دارت بين الإمام الحسين (عليه السلام) وأخيه (محمد بن الحنفية) والتي ركّز فيها الإمام الحسين (عليه السلام) على ضرورة الإصلاح وتطبيقه ميدانياً حينما قال (عليه السلام): «إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مُفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمّة جدي، أُريدُ أن آمرَ بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ هذا، أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خيرٌ الحاكمين».
وفي هذا النص الوثائقي من لدن الإمام الحسين (عليه السلام) يظهر للقارئ الواعي معيارية وقيمية النهضة الحسينية الشريفة والتي تقوّمت بمقولة إصلاح الأُمّة وتقويمها بعد الاعوجاج الذي حصل في وقت حكم الأمويين.
وهذه المعيارية القيمية في حركة الإمام الحسين (عليه السلام) المجتمعية تعنونت بعنوان وملاك قبول الحق والذي هو محور مقدّس يجمع حوله كل مقولات وغايات الله تعالى في تعاطيه مع عباده في هذه الحياة الدنيا.
وهذا الملاك (القبول بقبول الحق) يَفتحُ تأسيساً جديداً وأصيلاً قيمياً لم يكن معهوداً عند الأنظمة الطاغية في وقت نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، فلذا رسّخه الإمام الحسين (عليه السلام) في حركته ترسيخاً، ودعماً لمقولة أبيه الإمام علي (عليه السلام): «اعرِف الحق تَعرِف أهله، لا يُعرَفُ الحقّ بالرجال».
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ ملاكية ومعيارية (القبول بقبول الحق) تُبعِد الإنسان المُصلِح عن ذاتياته البشرية، كمنزلته ودرجته الخاصة حياتياً، لذا نجدُ الإمام الحسين (عليه السلام) كان مُلتفتاً التفاتاً سديداً وواعياً لما يؤسس نظرياً وتطبيقياً لمشروع التغيير، ولأجل قطع الطريق أمام خصومه من اتِّهامه بالتأسيس لشخصه وذاته حيثُ إنه (عليه السلام) لم يقُل فمن قبلني لشرفي ومنزلتي في المسلمين وقرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما إلى ذلك، لم يقُل شيئاً من هذا، إنّ قبوله يجب أن يكون عنده (عليه السلام) بقبول الحق، فهذا داعٍ من دعاته وحين يقبلُ الناس داعي الحق فإنما يقبلونه لما يحمله إليهم من الحق والخير، لا لنفسه.
إنّ العودة القيمية والمنهجية الواعية بالمجتمع إلى بقعة العدالة وتطبيقاتها تتطلب الإيثار والتضحية وإفناء الذات الداعية إلى التغيير، كي تكون العودة عودة قوية تكتسبُ في ذاتياتها قبساً من قداسة وشرافة الإنسان المُضحي ومنهجه القويم.
فهكذا هو حال الإمام الحسين (عليه السلام)، فقد عاد بذاته إلى ربه شهيداً حتى يعود بشهادته بالمجتمع عوداً جديداً.
إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) في دعوته وحركته الشريفة هذه كان يعمل وفق قاعدة عرفانية راقية تنص على (أنّ كل شيءٍ يفنى من أجل شيءٍ آخر، فإنه يكتسب قيمة بنفس تلك النسبة الفنائية).
يعني أنّ عينه وذاته الشريفة ستُفنى في حال شهادته (عليه السلام)، وفي نفس الوقت يُولدُ ويوجد بلحاظ ولادة القيم الجديدة التي أسسها (عليه السلام).
فشهادة الإمام الحسين (عليه السلام) هي وجود جديد في فناء شريف ومقدّس، وفناء لوجود يعقبه بقاء للقيمة، وثبوت واقعي للفكرة، كبقاء الانعتاق من رقبة الطاغوت، وبقاء العدالة والإحسان في المجتمع.
هكذا كان يفعل الإمام الحسين (عليه السلام) ويصنع في عودته بالمجتمع إلى الحق وساحته ومنهاجه.
إنّ الإمام الحسين (عليه السلام) منح وجوده الشريف بالكامل منحاً إرادياً واختيارياً لله تعالى ولنظام الحق في البشرية في عملية واحدة وسريعة، من أجل إبقاء شريعة الإسلام الأصيل وعقدياته الحقّة.
ومن الطبيعي أنْ تسري قُدسية الله تعالى الذي هو أولى بالحق إلى كيانية الإمام الحسين (عليه السلام).
فالإمام الحسين (عليه السلام) بصنعه هذا ما عادَ فرداً واحداً بل تحوّل إلى فكر مقدّس، سرى مفعوله في مديات الزمان والحياة والمجتمع بصورة جليّة، جعلت من الإمام الحسين (عليه السلام) محركاً قيمياً في الميدان وجودياً، وباعثاً إلى النهوض بالحق وأهل الحق.
وصيّرت الشهادة الحسينية الشريفة الإمام الحسين (عليه السلام) مُعادلاً، بل ما يفوق المُعادل القيمي لمفاهيم الحق والعدالة والإصلاح المجتمعية.
وإنّ نفس ما قام به الإمام الحسين (عليه السلام) في وقته سيقوم به الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ولكن في مجال أوسع وأرحب يُكمِّل ما بدأ به الإمام الحسين (عليه السلام) في طرحه لمشروع الإصلاح الإطلاقي، فلذا تجد المُشتَرك القيمي والإرادة بين الإمامين الحسين (عليه السلام) وحفيده المهدي (عجّل الله فرجه) واحداً، وهو ضرورة تطبيق منهاج الله تعالى في أرضه، وبسطه على عباده، فالروايات نصَّت على أنّ الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) «يملأ الأرض قسطاً وعدلاً مثلما مُلِئت ظُلماً وجوراً».
إنّ لفظة (يملأ) ترمز إلى حقيقة التطبيق الفعلي والبسط لعدل الله في أرضه بحيث لا يبقى شبر فيه ظلم.
وهذا الطموح والهدف الحسيني والمهدوي يتطلَّب إعداد الظروف الموضوعية والنفسية والسلوكية بين بني الإنسان لتسهيل مهمة تحقيق ذلك.
وأنا أعتقد أنّ فرصة التقبُّل الوجداني والفكري والعقلاني لأطروحة وفكر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في بسط العدل والقضاء على الظلم هي موجودة فطرياً عند كل إنسان حيِّ الضمير وقويم العقل.
ونحن لا نشك في وجود شرائح بشرية مؤمنة كأتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) مؤهلة لنصرة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في ظهوره الشريف.
ولكنّ الأهم هو أنْ تعمل هذه النخبة البشرية المؤمنة - شيعة أهل البيت (عليهم السلام) - على توسعة خطابها ووسائلها الإصلاحية إلى الآخرين وبصورة حضارية ومشروعة يقبل بها الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، أو تُسهِم في تكثير المتعاطفين مع فكره وهدفه المعصوم.
#صاحب_الزمان #الموعود #القائم #المهدي #الحجة #المنتظر #أبا_صالح #الإمام_المهدي
#مركز_الدراسات_التخصصية_في_الامام_المهدي عجّل الله فرجه
|
|
|
|
|