من أقدم العصور والأزمان، الحرب تقوم باستمرار بين الأخوة والأخوات، حتى في القصص نقرأ الكثير عن المشاكل والمؤامرات بين الأخوة والأخوات.
ما سبب هذه الحروب؟
فلنفكر بالأمر؛ الأبناء لم يختاروا الانضمام إلى هذه العائلة، ولم يختاروا أخوتهم. يكونون من جنس مختلف (ذكور وإناث)، أعمار مختلفة وطباع مختلفة، والأسوأ (من وجهة نظرهم) أن عليهم مشاركة بعضهم بأهم شخصين وكل يتمنى أنهما له وحده: الوالدين.
بعض العوامل المسببة لهذه الحروب:
. موقع الطفل في العائلة، مثل أن يكون الأكبر وعلى عاتقه تقع مسؤولية أخوته الأصغر منه، أو يكون الأصغر الذي يمضي حياته ليتمكن من اللحاق بأخيه الأكبر.
. جنس الطفل، الأخ ممكن أن يكره أخته لأن والده يعاملها بحنو أكثر، ومن الجهة الأخرى، الفتاة تتمنى لو أنها تتكن مثل أخيها الذهاب مع والدها إلى صيد الطيور والغزلان.
. العمر، فمن عمره 5 سنوات بإمكانه أن يلعب مع أخيه البالغ من العمر 8 سنوات، ولكن عندما يصبحا بعمر 10 و 13، ربما يبتعدا قليلاً عن بعضهما.
. ولكن أهم عامل هو تصرف الأهل تجاه كل هذا. الوالدان يسمعان دائماً ويقرآن أن تصرفهما يجب دوماً أن يكونا حياديان، ولكن هذا صعب جداً. من الطبيعي أن يشعر الأهل بمشاعر مختلفة تجاه كل طفل حسب شخصيته وحاجاته وترتيبه بين الأخوة. تخيلن معي هذه الصورة التي تتكرر كل يوم: "هذا ليس عدلاً، لماذا علي أن أنام الآن وأخي ليس عليه الذهاب للنوم الآن؟" العدل ليس له علاقة بالتصرف بهذا الأمر، ببساطة، هذا الطفل أصغر من أخيه، وجسمه بحاجة إلى نوم أطول، هذا الرد المبسط للطفل، والأهل يجب أن لا يهتما لهذا التعبير لأن الصحيح هو الصحيح.
الكثير من الأهل يعتقدون أنهم إن شاءوا أن يكونوا عادلين، فيجب معاملة أطفالهم بتساوٍ. ولكن هذا وبكل بساطة، مستحيل، وهو إرهاق للمشاعر عندما تجد الأم نفسها مضطرة إلى احتضان كل أطفالها لأنها احتضت أحدهم، وإلا أصبح الاحتضان ليس له معنى! مثلاً، هذا الطفل مريض، من الطبيعي أن يحصل على اهتمام أكثر وربما هدايا بسبب شفائه. ومن الطبيعي هنا أن تجدي باقي الأخوة يفكرون بكلمة "العدل"!
هنا نستنتج أن الحروب بين الأخوة شيء طبيعي، ولكن إليكِ بعض النقاط بصيغة افعلي ولا تفعلي، قد تساعد على تخفيف هذه المشاكل لتنعمي براحة البال:
1. لا تقارني؛
مثل أن تقولي: "لا أدري ولكن أخاه في عمره كان بإمكانه ربط حذائه بلا مساعدة." كل طفل يختلف عن الآخر حتى التوأم، والطفل يكره أن يقارن بأي إنسان آخر. بدلاً من المقارنة، ضعي في عقلك أن كل طفل له شخصيته وطريقته للوصول إلى الأشياء، وأن حدوده تختلف عن الآخرين ولهذا يجب أن تكون آمالك مربوطة بشخصية هذا الطفل فقط.
2. لا تحاولي كبت مشاعر الطفل الغاضبة وتقللي من شأنها؛
من الطبيعي أن يغضب طفلك ومن الطبيعي أن يغضب الأخوة تجاه بعضهم البعض، فنحن الكبار نغضب، ولكن السنين علمتنا كيف نسيطر على الغضب، وأن الغضب ليس تصريحاً بالتصرف بطريقة خاطئة. ولهذا فإن طفلك عندما يغضب، اجلسي معه وأكدي له أنك تفهمين ما يشعر به من غضب تجاه أخيه، ولكن هذا لا يعطيه الحق بضربه بأي شيء. وحاولي أن تجعليه يفرغ غضبه ويخبرك بما يضايقه، سيرتاح وستتمكنين من شرح الأمور له بطريقة مبسطة.
3. حاولي تجنب المواقف التي قد تشعر طفلك بالذنب لاحقاً؛
بداية يجب أن يتعلم طفلك كل يوم أن المشاعر لا يجب ترجمتها إلى تصرفات، فالمعنيان مختلفان. ربما يكون طبيعياً شعور طفلك برغبته بضرب أخيه الرضيع، ولكن الأم أو الأب يجب أن يتصرفا بسرعة لإيقاف الأكبر من هذا العمل، فشعوره بالذنب لاحقاً لو تحقق له ما أراد، سيكون أسوأ بكثير من شعوره بهذه الرغبة.
4. إن كان هناك مجال، فاتركي الأخوة يحلون مشاكلهم بأنفسهم؛
كلنا نتمنى لو أن هذا يحدث رغم صعوبته ولكن فلنحاول، الوالدان عليهما الحكم إن كان الموقف يحتاج إليهما أم لا، خاصة في المسابقات والألعاب التي فيها فوز وخسارة. فكل منهم يجب أن يتبع القوانين، وربما في وقت ما يجب أن تتدخلي لو لاحظتي أن الأمر يسوء، فأحياناً لا يتدخل الأهل بتاتاً مما ينتج عن شقاق طويل الأمد بسبب أن حقاً بسيطاً لم يؤخذ خلال اللعب.
بعض الأخطاء التي يرتكبها الوالدان في التعامل مع الشقاق بين الأخوة:
. التحيز،
مثل أن يعاقَب الطفل المخطئ أو المعتقَد أنه أخطأ، فربما عاقبتِ الطفل الذي وجدتِه يضرب أخيه، ولكن ربما هذا الضارب تحمل كثيراً من الثاني قبل أن يقدم على هذه الخطوة.
. عدم المبالاة والتعبير عند المواقف الحسنة،
فبعض الأهل لا يعلقون بكلمة وقت اللعب المهذب بين الأخوة، ولكن ما أن تثور بينهم مشكلة حتى يتنبه الأهل، بينما يجب أن يكافأ العمل المهذب ليشجع على المزيد.
* أفكارنافعة *
1. عندما تتطور المشكلة إلى الضرب أو الملاسنة أو عندما يصبح عدد المشاكل أكثر مما يجب، يجب على الوالدين التدخل؛ اشرحا للأخوة ما الذي يحدث بينهم بالضبط وأعطيهم الاقتراحات المناسبة لحل المشاكل، مثل:
. التجاهل وقت المضايقات
. الرد على المضايقات بدعابة أو ضحكة لتخفيف حدة الموقف
. بطريقة مازحة ممكن أن يوافق الطفل على الكلام الذي يقوله أخوه
. أو أن يخبر الثاني من يضايقه أنه اكتفى بهذا القدر ولا يريد المزيد!
. وعندما يزيد الأمر عن حده ولم تفلح الجهود في إيقاف المضايِق، ممكن الطلب من الوالدين المساعدة
2. وآخر خطة أن يجلس الجميع ويتكلم عن الإيجابيات والسلبيات والعواقب؛ مثل: عند الصراخ والضرب، النتيجة ستكون عقاباً بالعزلة أو كتابة صفحات من جمل الاعتذار!
ولكن من الجهة الأخرى، نخبر الأخوة أنهم إن أحسنوا التصرف طوال اليوم أو حسب ما يناسب، فإن الجميع سيحصلون على مكافأة مثل قصة جديدة، جلسة جميلة، الذهاب للحديقة أو البقاء لمدة أطول قبل النوم.
3. اجعلي من الأشياء البسيطة هامة وكأنها مكافأة، يعني، اجعليهم يقومون بأشياء بشكل دوري مثل قولك:
. من سيذهب أولاً مثل البرق إلى السيارة؟
. من سيضغط على زر المصعد؟
. من سيختار نوع العشاء اليوم؟
. من سيختار القصة اليوم؟
. من سيقوم بجمع القمامة؟ من سيقوم بغسل الصحون؟
وهكذا، حسب طريقة الطلب، تجدينهم يرغبون هذه الأعمال.
من الطبيعي الشقاق بين الأخوة والمشاكل تسبب لك الضغوطات النفسية، ولكن إن استطعت حلها بنجاح، ستمد أطفالك بما يلزمهم في حياتهم مستقبلاً. سيتعلم الأطفال التعاون، التبادل (الممتلكات)، مواجهة الغيرة، وفهم الغير حسب احتياجاتهم. والأهم أنه من خلال مراقبتك عندما تحلين مشاكلهم بعدل، ستترسخ هذه الأمور في عقلهم وتفيدهم مع أطفالهم مستقبلاً.
.