هل صحبة ابي بكر مع رسول الله كان بطلب رسول الله(ص)؟ و هل كان غيره في الغار؟
بتاريخ : 25-02-2009 الساعة : 11:37 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً : يجب أن نشير إلى أنه لم ينفرد في هجرة رسول الله (ص) ابي بكرفحسب , كما في مفروض السؤال , بل كان سواه معهما كما سيأتي.
وثانياً : لابد من ملاحظة ظروف الواقعة المفروض فيها التكتم وقلّة المصاحب , والاحتياج إلى معرفة الطريق , وغير ذلك .
وثالثاً : إمكان دراسة الموضوع وملاحظته بأشكال متعددة , فقد يقال انه صاحبه خوفاً منه لا عليه , أو كان يخشى منه البوح , ولعلّه يشير إليه قوله تعالى : (( لا تخف انّ الله معنا )) أو تؤخذ الواقعة كنوع امتحان وفتنة من الله سبحانه لعباده .
هذا ولم نجد في رواية من الخاصة أو العامة أن رسول الله (ص) طلب من أبي بكر مصاحبته , أو كان القرار على ذلك , وهذه نكتة مهمة
! بل كلّ ما هناك هو أنه التقى به وهو في حال خروجه من مكة فصاحبه معه , وهذا قد فسر بخوفه من أن يفشي عليه ويخبر عنه , ولا شك أنه (ص) طلب من أبي بكر في الغار أن يسكن وقد أخذته الرعدة وأخبره (( ان الله معنا )) وهذه نكتة أهم .
ثم إنه قد صحبه (ص) في هجرته عامر بن فهر ( فهيره ) مولى أبي بكر وعبد الله بن أريقط كما في (العدد القوية) وغيره , بل كان معهم دليل باسم رقيد , وقيل : هو عبدالله بن اريقط الليثي.
وفي (أمالي للشيخ الطوسي ص 465) : أنه استتبع رسول الله (ص) أبا بكر بن أبي قحافة وهند بن أبي هالة فأمرهما أن يقعدا له بمكان ذكره لهما .
وفي بعض الروايات ـ مما في (الخرائج) وغيره ـ أنه لحق به بعد أن أخبره أمير المؤمنين (ع) بان رسول الله (ص) انطلق إلى بئر ميمون. ومثله في (تفسير العياشي 1/101), بل في (الخرائج 1/144): أنه (ص) رأى أبا بكر قد خرج في الليل يتجسس عن خبره , وقد كان وقف على تدبير قريش من جهتهم , فأخرجه معه إلى الغار. ومثله في (شواهد التنزيل 1/127) .
هذا وقد روى القوم عنه (ص) بأنه قال : (الخلافة بعدي ثلاثون سنة ..) على أعمار الأربعة , فكيف يحرص عليه خاصة دون غيره؟!
قال البياضي في (الصراط المستقيم 1/176) : قد روي انه صحبه خوفاً من أن ينم عليه .
قال ابن طوطي :
ولما سرى الهادي النبي مهاجراً وقد مكر الأعداء والله أمكر
وصاحب في المسرى عتيقاً مخافة لئلا بمسراه لهم كان يخبر
وله كلام هناك فراجعه .
ولا بأس بملاحظة محاورة هشام ابن الحكم في (البحار 10/297) , وكذا عن (الاختصاص: 96 و 420 , والاحتجاج 2/378 و 499 , واعلام الورى: 63) , وغيرها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن مجرد المصاحبة لوحدها لا تنفع إذا لم يقترن معها ورع وتقوى واعتقادات حقة، والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مصاحبا لكل من دخل في الإسلام ونطق بالشهادتين، ولم يكن حال أبي بكر بأحسن من حال سائر الصحابة الباقين، ففيهم الفاسق والفاجر والمنافق، ومع ذلك كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يتعامل معهم على الظاهر كونهم يظهرون الإسلام ويخفون غير ذلك.
ثم إنه لم يثبت عندنا حديثاً واحداً يثبت فيه إشارة لأبي بكر بالجنة، بل ثبت عندنا عكس ذلك.
أما لوكان المقصود من الصحبة مصاحبة أبي بكر للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الغار فان هذه الصحبة لم تكن باختيار النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له حتى تكون فضيلة له، بل هناك أراء متعددة في حقيقة الصحبة منها، أنه كان خائفاً من الوشاية به، وأخرى لكري دابته، وأخرى أنه فرض نفسه عليه، وهذه كلها لا تعطي أي منقبة لأبي بكر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليس لشيعي عداوة شخصية مع أبي بكر ولا مع عمر , بل الفاصل فيما بيننا وبينهما بعيد جداً , وإنما الحب والبغض يكون بالتعرف على حقائق الأشخاص ومواقفهم , وذلك بالرجوع إلى الكتاب والسنة والعقل والتاريخ .
هذا , وإن السكينة وردت في القرآن الكريم عدة مرات :
1ـ (( ...فأَنزَلَ اللّه سَكينَتَه عَلَيْه وَأَيَّدَه )) (التوبة : 40). وهذه الآية هي المعروفة بآية الغار , والدليل العلمي أثبت أن السكينة هنا نزلت على رسول الله (ص) لا غير .
2ـ (( لَقَدْ نَصَرَكم اللّه في مَوَاطنَ كَثيرَة وَيَوْمَ حنَيْن ... ثمَّ أَنَزلَ اللّه سَكينَتَه عَلَى رَسوله وَعَلَى الْمؤْمنينَ ...)) (التوبة : 25ـ26) . والسكينة هنا نزلت على النبي(ص) وعلى المؤمنين , فلا تشمل إلا من صدق أنه مؤمن.
وهنا نقول : بأن الآية لا يمكن أن نقول أنها تشمل فلان وفلان إلا بعد إثبات إيمانهما.
وهنا نسأل : لماذا في الآية الاولى اختصت السكينة برسول الله(ص) , وفي الثانية نزلت على الرسول(ص) والمؤمنين ؟! أليس هذا لوحده يثبت أن أبا بكر لو كان من المؤمنين لنزلت عليه السكينة أيضاً في الغار , وأبو بكر أحوج إلى السكينة في الغار.
3 ـ (( هوَ الَّذي أَنزَلَ السَّكينَةَ في قلوب الْمؤْمنينَ ... )) (الفتح : 4).
4 ـ (( لَقَدْ رَضيَ اللَّه عَن الْمؤْمنينَ إذْ يبَايعونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَة َعَلمَ مَا في قلوبهمْ فأَنزَلَ السَّكينَةَ عَلَيْهمْ ... )) (الفتح : 18) .
5 ـ (( إذْ جَعَلَ الَّذينَ كََفروا في قلوبهم الْحَميَّةَ حَميَّةَ الْجَاهليَّة فأَنزَلَ اللَّه سَكينَتَه عَلَى رَسوله وَعَلَى الْمؤْمنينَ ... )) (الفتح : 26).
وكما ترى , فان الآيات ناظرة في اختصاص نزول السكينة على المؤمنين , وأنى لهم أن يثبتوا إيمان أبي بكر , بل الرجوع إلى الأدلة القطعية من الكتاب والسنة والتاريخ تثبت عدم إيمان أبي بكر وعمر .
وكلّنا أمل في أن تواصلوا البحث والتحقيق في أمثال هذه المسائل التي أدلتها قطعية لا يرد عليها أي شك وشبهة ولم يستطع الوقوف أمامها والرد عليها جهابذة علماء أهل السنة .
يمكن التفرقة بين المقامين، أي بين مقام نهي أبي بكر عن الحزن كما في قوله تعالى: ((لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا))(التوبة:40), ونهي النبي(ص) عن الحزن كما في قوله جل وعلا: ((وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ )) (الحجر:88),
إذ بعد أن ثبت عندنا بالأدلة العقلية عصمة الأنبياء (عليهم السلام) اقتضى العدول عن ظاهر الآية الكريمة إلى معنى انه لا يحزنك إصرارهم على الكفر والجحود ولا يضيق صدرك من مكرهم لابطال دعوتك وصدهم الناس عن سبيل الله فإنهم بعين الله وليسوا بمعجزيه ويجزيهم أعمالهم، فالآية مسوقة لتطييب نفس النبي (ص)،
وليس فيها نهي عن حزن مذموم كما هو الشأن في الآية التي ورد فيها نهي أبي بكر عن الحزن، اذ بعد القطع بعدم عصمة أبي بكر لا يمكننا إلا أن نحمل الآية الكريمة على ظاهرها، وهو النهي عن الحزن، فإن كان هذا الحزن حزن طاعة فلا يصح من النبي (ص) ان ينهى عن الطاعات، وإن كان حزن معصية فهو محل ذم لأبي بكر على حزنه هذا وليس منقبة كما يحاول البعض تأويله.