ترددتُ كثيراً وأنا أهم بفتح باب حجرتها الخشبي, فقدخشيتُ رؤيتها والمواجهة معها من بعد ما حدث بيننا ليلة الأمس, أخذت أكرر عمليةالشهيق والزفير كأنني متوجه إلى حرب لا تقبل أنصاف الحلول, فإما أن أنتصر, وأما أن أغادر الحياة, فتحتُ الباب ببطء شديد, وأغمضتُ عيني وتقدمتُ خطوتين إلى الداخل ,لفتحهما على ظلام يلف المكان بكل ما فيه , لم أراها ,وكيف لي أن أراها وسط هذا الظلام أدامس !!لكني سمعتُ أنينها يصلني فيقتلني ويعود فيقتلني , بحثتُ عن مفتاح النور رغم رفض قلبي لذلك ,فأنا لا أريد رؤيتها تبكي من أجلي؛لأني لا أستحق أن تذرفالدموع لأجلي , وما أن طوى النور الظلام , حتى رأيتها متكورة على نفسها في زاويةالحجرة , تتخذ من أرضيتها الباردة فراشاً لها ومن ذراعيها وسادة لها, اقتربت منهابدون أن أصدر أي صوت يذكر فقد خشيتُ أن تصرخ وتطلب مني تركها, فهي منذ طفولتها لاتُحب أن يرى أحداً ضعفها ,وعلى بعد خطوتين منها خارت قواي , وجلستُ أتأملها وأسمعأنينها , زحفتُ إليها ,ومسحتُ على شعرها المنثور بيدي المرتجفة , لم تمانع فيبدوبأنها لم تشعر بوجودي بعد , حملتُ رأسها الصغير ووضعته على حجري , فزاد نحيبها , مزقتني , بعثرتني , جعلتني أشعر بالضياع , أخذت تعاتبني على خيانتي , على تلاعبيبمشاعرها , لم أعلم ماذا أقول , أو كيف أبرر تصرفي ذلك , فلزمتُ الصمت دلالة علىندمي , ويبدو أن صمتي لم يعجبها فأخذت تسدد الضربات بيديه الصغيرتين باتجاه قلبيكأنها تحاول إيقاظه من سباته المميت, رغم ضعف ضرباتها إلا أنها زعزعتني وآلمتني , وبعد برهة كفت عن ضربي وعادت إلى الأنين الخافت , يبدو أنها تعبت فقررت التوقف, أوربما ظنت أن ضربتها تلك لن توقظ قلبي من سباته , لم أعلم كم من الوقت مضى وهي تبكيوأنا أنصت لها كما ينصت المسلمون لأنين القدس , توقفت عن البكاء ,فأزحتُ خصيلاتشعرها الأسود عن وجهها لتستقبلني وجنتيها مبللة بالدموع, تأملتها كانت نائمة كطفلةأنهكها البكاء على دميتها منزوعة الرأس , حملتها على ذراعي لأضعها على سريرهاالحريري , بقيتُ أتأملها وألوم نفسي على ما حدث , طلع الفجر وأنا ما زلتُ بينتأملها ولوم نفسي, وما أن تردد صوت الأذان في أرجاء الحي حتى خرجتُ لأداء الصلاة فيالمسجد, أنهيتُ صلاتي وعودتُ لها مسرعاً , أسابق دقات قلبي , سأعتذر وسأقسم لهابعدم تكرار ما حدث, وصلتُ إلى باب حجرتها , وتوقفتُ لأجمع أنفاسي , وبعد ثوانيفتحتُ الباب ببطء , وأدخلتُ رأسي ؛لأرى هل مازالت نائمة على سريرها الحريري كالملاك ,أما أنها على سجادتها التركية تخاطب ربها وتشكوني إليه, ولكنها لم تكن لا هنا ولاهناك , بحثتُ عنها في زوايا حجرتها ولم أجدها , خرجتُ من حجرتها لأبحث عنها في باقيمنزلنا, ولكنها لم تكن موجودة , فقد غادرت وعادت من حيث أتت, وتركتني بعد أن أيقظتحبها في زوايا قلبي المتحجر, وليتها لم تفعل...
منقوله بقلم فتاة المحيط
...
اضائه بعد كل قراءهـ ...
يجب أن نكون أكثر حذراً في التعامل مع من نحب
فليس من السهل أن نجد من يسامحنا و يعفو عنا كلما أخطأنا
فقبل أن تخطو خطوه فكر بما سيليها
تحياتي لكـم ..