|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.83 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
انهار الجنة
بتاريخ : 09-03-2010 الساعة : 06:51 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
الانهار من الامور الملازمة لوصف الجنان في القرآن الكريم ، الجنان اول ما توصف انها جنات تجري من تحتها الانهار ، هذا لابد فيه علة لابد هناك سر في ما يرتبط لهذا التأكيد .
سماحة السيد كمال الحيدري : قبل ان ادخل في ابحاث لذائذ الجنة ، فقد اتضح لنا بانه نحن وقفنا على عدة امور ، وقفنا على ان الجنة لها درجات او لها طبقات وان كل طبقة لها درجة وبينا معنى الدرجة وكيفية الحصول عليها وغير ذلك . الان نريد ان ندخل في ابحاث نعم الجنة في الكرامات التي يكرم الله بها الانسان وهو في الجنة ، بشكل عام اقرأ نص عن الإمام امير المؤمنين ، النصوص الواردة عن امير المؤمنين في هذا المجال كثيرة جداً ، ولكنه بشكل عام انا اخترت نصاً واحداً للاشارة الى مجموع ما يوجد من كرامات في هذه النشأة ثم ندخل في التفاصيل ، منها ما ورد عن الإمام امير المؤمنين في النهج قال : واعلموا ان من يتق الله يجعل له مخرجاً من الفتن ونوراً من الظلم (هذا ما يتعلق في الدنيا) ، ويدخله في ما اشتهت نفسه (الان بدأنا في الاخرة) ، وينزله منزل الكرامة عنده ، يقول في دار اصطنعها لنفسه (الله سبحانه وتعالى هذه الدار اصطنعها لنفسه) ، ظل هذه الدار عرشه ، ونور هذه الدار بهجته ، وزوار هذه الدار ملائكته ، ورفقاء الانسان في هذه الدار رسله . أي ان ظل هذه الدار هو عرش الله ونورها (ليس هذه الانوار المصطنعة) بهجته سبحانه وتعالى ، وزوارها ملائكة الله سبحانه ، ورفقاء الانسان رسله وانبياؤه ، ثم قال (عليه افضل الصلاة والسلام) : فبادروا باعمالكم ، تكونوا مع جيران الله (عجيبة هذه الجملة ، ان الانسان يكون مع جيران الله سبحانه وتعالى له مجاورين ، الانسان يكون جار لهم) رافق بهم رسله واكرم اسماعهم ان تسمع حسيس نار ابدا ، وصان اجسادهم ان تلقى لغوباً ونصبا (هذه كانت امور معنوية الإمام الان سوف يبين الامور المادية) ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم . اما في ما يتعلق بالسؤال الذي يرتبط بهذه الحلقة ، هذه هي الحلقة الاولى في انهار الجنة واشجارها والحلقة الثانية سوف تأتي ونقف عند الابحاث . في الواقع نحن عندما نأتي الى الآيات والى الروايات ، نجد هناك تركيزاً واضحاً على مسألة الانهار في الجنة ، ومئات الآيات القرآنية تكلمت { جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} مثلاً { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ} ، بعبارة اخرى ، لم اجد في القرآن الكريم عندما يريد الله سبحانه وتعالى ان يذكر نعم الجنة لا يوجد فيها لفظ انهار تجري او تجري من تحتها الانهار ، { لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} ، الان على القاعدة التي يتذكر المشاهد الكريم نحن وقفنا عليها في اول هذه الابحاث ، قلنا ان حقيقة هذه الانهار يعني هل هي مثل الماء الذي عندنا وهو المركب من الاوكسجين والهيدروجين وله خواص وله ايجابيات وله سلبيات ، او الاطعمة الاخرى او المشروبات الاخرى ، القرآن الكريم يقول لا ، ابداً ، مثل الجنة التي وعد المتقون ، انهاراً في مقعد صدق . اذا القضية تمثيل لان الانسان (هذه الحقيقة اشرت اليها مراراً في هذه الابحاث) هناك حقائق لا يمكن معرفتها الا بالدخول الى تلك النشأة ، وفي هذه النشأة لا يمكن ان نقف عليها الا من خلال ما نقف عليه من محسوساتنا ومشروباتنا ومأكولاتنا ، انظروا ماذا تقول الآية في سورة محمد () قال { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ} ، هذه فيما يتعلق بالماء غير الاسن والانهار من اللبن والعسل لا توجد مشكلة هنا ولعله توجد مشكلة في { وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } ، هذه القضية (قضية الشاربين) في القرآن الكريم طبعا { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} هذا الخمر الدنيوي ، ولكن القرآن الكريم عندما يأتي الى هذه الحقيقة في سورة الواقعة قال تعالى { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ} ماذا يقول المفسرون في ذيل هذه الآية المباركة (من معين) ، اهل التفسير يقولون والمراد من المعين ، الخمر المعين ، هذه الكؤوس ممتلئة بالخمر المعين ، وهو الظاهر للبصر الجاري ، ولكنه الآية بينت انه هذا الخمر ليست اوصافه بالخمر الذي موجود في الدنيا مباشرة قالت { لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ} بعبارة اخرى : أي لا يأخذهم صداع لاجل خمار يحصل من الخمر كما في خمر الدنيا ، ولا يزول عقلهم بالسكر الحاصل منها لذا الآية هنا قالت { لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } لان الخمر الدنيوي اي لذة فيه ! الانسان يخرج من وضعه الانساني ويكون في عداد البهائم والانعام ، هذه فيها لذة ! لذا الآية المباركة { وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } اذن القرآن الكريم اخواني الاعزاء ، واحدة من النعم الالهية واللذائذ الالهية التي يجعلها من الامور المشتركة في الجنة جميعاً يجعل الانهار ، والانهار اعم من ان تكون انهار من ماء ، انهار من عسل ، انهار من خمر، وانهار من لبن وغير ذلك ، هذه اولاً . اذن لا يتبادر الى الذهن انه دائماً عندما يأتي القرآن الكريم ويقول { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} بالضرورة ان تكون هذه الانهار هي انهار المياه ، لا الانهار الموجودة هناك بخصائصها المختلفة ، انا في الواقع اريد ان اقف عند هذه الحقيقة وهي انه ما هي الانهار في الجنة ؟ التعبير عام (لانها ليست نهر او نهرين او ثلاث او عشرة او مائة) ولكن القرآن الكريم وضع يده على بعض هذه الانهار واعطى بعض الخصوصيات لها ، وبين ما هي حقيقتها . اذا يتذكر المشاهد الكريم ، النهر الاول الذي وقفنا عنده في الابحاث السابقة هو نهر الكوثر وتكلمنا لعله في حلقتين عن نهر الكوثر وعن حوض الكوثر ، فلا نعيد ، اما النهر الآخر الذي وقف عنده القرآن الكريم بشكل تفصيلي ، وبين حقيقته ، انا عندما قلت انه يوجد عندنا انهار كثيرة لان الحديث عن الرسول الاعظم () ايضاً يبين لنا هذه الحقيقة بشكل واضح ، منها هذه الرواية القيمة : سئل النبي عن انهار الجنة (ليس نهر او نهرين او ثلاث) عن انهار الجنة كم عرض كل نهر منها ، فقال () : عرض كل نهر مسير خمسمائة عام ، اما طوله فقد لا يعلمه الا الله ، يدور تحت القصور والحجب ، تتغنى امواجه . الوقت لا يسع لشرحه (لان البعض يتصور اننا فقط نقول انهار الجنة هي مثل هذه الانهار التي نسمعها وشلالات المياه التي موجودة في الدنيا كلا ، لا انهار الجنة من هذا القبيل ، ولا اشجار الجنة من هذا القبيل) قال : تتغنى امواجه وتسبح وتطرب في الجنة كما يطرب الناس في الدنيا (طبعاً الحلال منه موجود والحرام) . النهر الاول هو نهر التسنيم ، نهر التسنيم ورد في سورة المطففيين ، عندما ناتي الى هذه السورة المباركة في الآيات (18الى28) قال تعالى { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} ولعله يتذكر المشاهدون نحن في بحث شهادة الاعمال اشرنا الى هذا ، قلنا ان كتاب الابرار يعرض على المقربين ، فهم الذين يشهدون على الابرار { يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} ، هذه كانت جمله عرضية ، الآية رجعت لتبين مقامات الابرار قالت { إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ (في الدنيا كان بعض الناس عندما يريد ان يختم على شيء كان يختمه بالطين ، انما هناك ختامه مسك) وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} ، الآية المباركة تريد ان تبين مقامات الابرار ،ولكن في الضمن تعطي موعظة ، تعطي تربية ، وتعطي توجيه ، تقول اذا اردتم ان تتنافسوا او ان تتسابقوا فتسابقوا في مثل هذه المقامات ، تسابقوا الى رحمة ، الى مغفرة ، قال { يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} ، هذا الرحيق المختوم الذي يسقون منه ما هو ؟ قال { وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ} ، يعني ان هذا الشراب الذي يسقى به الابرار الذي هو الرحيق المختوم ممزوج بشيء من التسنيم ، سؤال ما هو التسنيم ؟ القرآن الكريم مباشرة ولم يترك القضية مجهولة غائمة مبهمة { وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} اول ما يتبادر الى الذهن يتضح بان الابرار يمكنهم ان يشربوا من هذه العين وهي عين التسنيم خالصاً بحتاً صرفاً او لا يمكنهم ذلك ؟ لا يمكنهم ذلك ، نعم ، مقامهم يسمح بان يمزج لهم بشيء من التسنيم ليعطى لهم ، اما مقام التسنيم ، وعين التسنيم ، يشربها المقربون ، اذن المقربون يشربون خالصاً من التسنيم ، هذه الآيات المباركة في الحقيقة تحتاج الى وقفة لعلي اوفق ان شاء الله تعالى في الحلقة المقبلة .
|
|
|
|
|