قال ابو بصير كنت عند الإمـــــام الصادق (ع) وأحدثه ، فدخل عليه ابنه فقال له : مرحبا وضمّه وقبله ، وقال :
حقّرالله من حقّركم ، وانتقم ممن وتركم ، وخذل الله من خذلكم ، ولعن الله منقتلكم ، وكان الله لكم وليا وحافظا وناصرا ، فقد طال بكاء النساء وبكاءالأنبياء والصدّيقين ، والشهداء وملائكة السماء .
ثم بكى، وقال : يا أبا بصير! إذا أنا نظرتُ إلى ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أُتي إلى أبيهم وإليهم .
ياأبا بصير ! إن فاطمة لتبكيه وتشهق ، فتزفر جهنم زفرة لولا أن الخزنةيسمعون بكاءها ، وقد استعدّوا لذلك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها، فيحرق أهل الأرض فيبكونها ما دامت باكية ، ويزجرونها ويوثقون من أبوابهامخافة على أهل الأرض ، فلا تسكن حتى يسكن صوت فاطمة .
وإن البحارتكاد تنفتق فيدخل بعضها على بعض ، وما منها قطرة إلا بها ملَك موكّل ،فإذا سمع الملَك صوتها أطفأ نارها بأجنحته ، وحبس بعضها على بعض مخافة علىالدنيا ومن فيها ومن على الأرض.
فلا تزال الملائكة مشفقين يبكون لبكائها ، ويدعون الله ويتضرعون إليه ويتضرع أهل العرش ومن حوله ، وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس لله مخافة على أهل الأرض ..
ولو أن صوتا من أصواتهم يصل إلى الأرض ، لصعق أهل الأرض وتقلّعت الجبال ، وزلزلت الارض بأهلها ..
قلت : جعلت فداك ! إن هذا الامر عظيم ،
قال : غيره أعظم منه ما لم تسمعه ثم قال :
يا أبا بصير ! أما تحب أن تكون فيمن يُسعد فاطمة ؟
فبكيتحين قالها ، فما قدرت على المنطق ، وماقدرت على كلامي من البكاء ، ثم قام إلى المصلى يدعو وخرجت من عنده على تلك الحال ، فما انتفعت بطعام وماجاءني النوم ، وأصبحت صائما وجلاًَ حتى أتيته ، فلما رأيته قد سكن سكنت ،وحمدت الله حيث لم تنزل بي عقوبة.
زاد المعاد-المصدر:تاريخ النياحة على الامام الحسين ع ( بتصرف يسير ).
(صلّى الله عليك ياأبا عبد الله )(صلّى الله عليك ياأبا عبد الله )