من بركة العشق الالهي بين مقامات اهل البيت عليهم السلام والناس في مصر والقادمون اليها من كل حدب وصوب نجد مقام ابي عبدالله الحسين (ع) في مصر باختلاف العادات والتقاليد من بلد لاخر, والذي يجمعهم في كل مكان تواجد فيه سواء بمصر او الشام او العراق ليؤدوا شعائر الصلاة والتبرك فيه فتسمع مجموعات من محبي اهل البيت والحسين (ع) يرددون مدد مدد يا حسين مدد, مدد يا أمير المؤمنين مدد, مدد يا ابو زين العابدين مدد, مدد يابن بنت رسول الله حيث يتجمع الكل على اضواء شعاع الحسين (ع) وليستلهموا من ثورته المباركة وترى الناس يزحفون بالمئات حول الضريح بالنداءات المختلفة و الحناجر تصدح و الدموع وهي تمتزج بالعبرات لتصل عبر المقام الشريف الى بارئها.
ويشير المؤرخون الى ان عشق المصريين لاهل البيت معروف مذ حطت السيدة زينب (ع) وزوجها عبد الله بن جعفر الرحال فيها والى يومنا هذا نجد وخصوصا ايام شهر رمضان المبارك تراتيل التهجد وترانيم التعبد بتنوع مناهجها لكن المضمون واحد هو التقرب الى الله عز وجل بحب اهل البيت (ع).
وبهذه المناسبة التقينا بالاستاذ الجامعي الدكتور عاصم فهيم عند المقام الشريف الذي قال:" الامام الحسين رمز من رموز التضحية لعموم المسلمين بغض النظر عن اية طائفة ورمز انساني عالي للمسلمين وغيرهم هذا الرجل الذي جسد معنى الفداء الحقيقي وضحى بنفسه وماله واولاده واصحابه في سبيل مبدا لا اله الا الله وانه يريد الاصلاح في امة جده (ص)هذا هو الجزء المعنوي الذي يستمر في قلوب المؤمنيين المحبين لاهل البيت وانا متاكد ان مصر كلها تحب الامام الحسين (ع) واكبر دليل على كلامي هو هذا اليوم وانت ترى الناس كالفراش يحلقون حول المقام المقدس".
فالتواصل مع اهل البيت (ع) انبعثت منه الروح الحسينية و من خلال هذه الزيارات اليومية وخصوصا في رمضان وايام و ليالي القدر لتؤكد حقيقة الترابط بين محبي اهل البيت عليهم السلام باختلاف جنسياتهم وانتماءاتهم ليثبتوا ان هذه الزيارات ليست انفعالات وردودا وقتية وانما هي مدرسة يستلهمون منها كل معاني السمو والكمال.
اما حي الحسين فهو حي رمضاني عمره ألف سنة، يمتد تاريخه منذ إنشاء مدينة القاهرة حتى اليوم وهو يتلألأ بالأنوار ويزدحم بالناس طوال ليالي الشهر الكريم، ويعتبر المصريرن ان الإفطار والسهر, في الحسين حتى الصباح نزهة رمضانية ومتعة للأجانب•ايضاالذي يتحول الى مهرجان بشري.
فالناس من كافة الطبقات والألوان والأجناس يخصصون يوماً رمضانياً بالحسين، ومنهم من يزور القاهرة خصيصاً للاحتفال بشهر رمضان الكريم في حي الحسين، ويصلون إليه، ويزورون ضريح الامام الحسين (ع)ويتجولون بين اسواق وبضائع ومعروضات خان الخليلي ويصلون صلاة المغرب في جوامع الحي الشهيرة مثل: الأزهر والأنور والأقمر ويفطرون في مطاعمه التي ترص موائدها بعرض الشارع احتفالاً بالشهر الكريم، ثم ينكبون على مقاهي الحسين ومحاله وبضائعه المتنوعة حتى انطلاق مدفع الإمساك
وعلاقة حي الحسين بشهر رمضان قديمة في القاهرة نفسها، ومعظم العادات الرمضانية التي ما زالت سائدة بين المصريين وغيرهم بدأت في هذا الحي وانتشرت منه، فتراه يزدحم طوال أيام شهر رمضان بأبناء الطرق الصوفية من كافة أنحاء مصر والدول العربية والإسلامية، وأيضاً السياح الأجانب الذين يغريهم الجو الاحتفالي.
وعلى الرغم من أن يد الزمان والإهمال غيرت الكثير من الصورة القديمة لهذا الحي العريق عن طريق الهدم والمحو، وتحولت معظم مبانيه التي كانت مدارس للعلم وخلوات للتصوف وقصورا للخلفاء والأمراء، إلى حوانيت وورش للصناعات البدائية، فإن حي الحسين لم يزل الأثر الباقي من القاهرة الأولى والحي الرمضاني المرغوب والمبهج لأهالي العاصمة وزواره جلسات السمر والأدب
وعلى مقاهيه الشهيرة تزدحم جلسات السمر وندوات الأدب طوال ليالي رمضان، وعليها يتجاور رجال الدين والعلم والأدب والمنشدون والمطربون والأجانب من كل صنف ولون).
ويقول الدكتور السعيد محمد علي إمام وخطيب المسجد: لاشك أن شهر رمضان في رحاب مسجد الحسين عليه السلام، له طابع خاص حيث يشعر الوافدون في هذه الساحة بالروحانيات العالية
فاعتاد المسلمون من شتى بقاع مصر النزول بساحة سيدنا الحسين بالقاهرة في شهر رمضان من كل عام، يؤدون فيه صلاة العشاء ويستمعون إلى آيات الذكر الحكيم من خلال السهرة الرمضانية التي تشرف عليها وزارة الأوقاف والمقامة داخل المسجد ويحضرها أحد مشاهير القراء بالتلاوة قبل و بعد وأثناء صلاة التراويح، كما أنهم يبتهلون إلى الله تعالى بالدعوات الصالحات في هذه الرحاب الطيبة العامرة المباركة.