عرف الصحابة ما يتحلى به الإمام الباقر (عليه السلام) منذ نعومة أظفاره بالعلم الغزير والمعرفة والواسعة فكانوا يرجعون إليه في كل المسائل التي لا يهتدون إلى حلها. يقول الرواة: إن جابر بن عبد الله الأنصاري وهو شيخ كبير، كان يأتيه فيجلس بين يديه ليتعلم.. وقد أعجب جابر من سعة دائرة العلم عند الإمام وعمق معارفه المتعددة فطفق يقول: (يا باقر لقد أوتيت الحكم صبياً) (1).
كما روى المؤرخون أن رجلاً سأل عبد الله بن عمر عن مسألة فلم يقف على جوانبها فقال للرجل: اذهب إلى ذلك الغلام ـ مشيراً إلى الإمام الباقر ـ فاسأله وأعلمني بما يجيبك. فبادر الرجل نحو الإمام وسأله فأجابه (عليه السلام) عن مسألته ثم خف إلى ابن عمر وأخبره بجواب الإمام. عندها أبدى إعجابه بذكاء الإمام المبكر. وقال: (إنهم أهل بيت مفهمون)(2 ).
ولا غرابة في الأمر فالله سبحانه وتعالى خص أهل البيت بالعلم والفضل والمعرفة، ووهبهم الكمال المطلق الذي يهبه لأنبيائه. وعن الأئمة المعصومين قال الرسول الأكرم: (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي).
فكل فرد من أئمة أهل البيت لا تخفى عليه أية مسألة تعرض عليه لأنهم (عليهم السلام) زقوا العلم زقاً وأخذوه من مصادره الأساسية الصحيحة ونشروه على الناس جميعاً ليظهروا الحق ويعلوا كلمة الله جل شأنه.
يقول المؤرخون: إن الإمام الخامس محمد الباقر (عليه السلام) سئل عن أدق المسائل فأجاب عنها وكان له من العمر تسع سنين.
***مقتبس من كتاب معالم مشعة من حياة الإمام الباقر عليه السلام للدكتورحسين ابراهيم الحاج حسن***