الدواء سلاح ذو حدين حين استخدامه
لمعالجة الحالات المرضية، فهناك ضريبة
يدفعها الإنسان من جراء استخدام الدواء،
هذه الضريبة هي الآثار الجانبية.
ونسبة كبيرة من التأثيرات الجانبية السلبية
أو الضارة التي تحدث يمكن أن نعزوها إلى
الاستعمال غير الرشيد للأدوية أو إلى الخطأ
البشري، وهذا ما يجعل من الممكن
الوقاية من هذه التأثيرات.
* تأثيرات ضارة
* ولعل من أبرز أسباب ظهور التأثيرات الجانبية الضارة:
ـ الخطأ في تشخيص الحالة المرضية.
ـ وصف دواء خطأ أو تحديد جرعة خاطئة أو
غير مناسبة من دواء مناسب للمريض
«دواء صحيح بجرعة خطأ».
ـ وجود عوامل لدى المريض تتسبب
في حدوث انتكاس ضار لدى تناول
الدواء من قبل هذا المريض في ذات
الحين الذي يستخدم غيره هذا الدواء
بكل أمان، أي أنها نوع من الحساسية لدى البعض.
ـ التطبيب الذاتي، والحديث يطول هنا،
فالكثير من الأمهات تعتمد اليوم على خبرتها
«الموروثة» في الأدوية فتذهب إلى الصيدلي
وتقول له أعطني دواء كذا ولسان حالها
يضيف سراً عبارة «وبدون مناقشة»!
أو قد تروي لجارتها الأعراض التي تظهر
على ابنها فتنبري الجارة المقدامة وتقول
لها استعملي الدواء كذا لقد جربته سابقاً
على طفلي وشفاه من «جميع الأوجاع»،
بل وقد تبادر إلى إعطائها الكمية المتبقية
لديها من عبوة الدواء أو حتى تسكب لها بعضاً
منه في زجاجة وتحتفظ بالباقي لديها
لمواجهة ما يخبئه المستقبل من مختلف الأمراض!
ـ تفضيل الناس الذهاب إلى الصيدلي بهدف
توفير أجور الطبيب، فالصيدلي
«يعرف كل شيء» وهو «أشطر من مائة دكتور»
ومع أن الصيدلي هو الأقدر على الإفتاء في شؤون
الدواء لأنه درس الأدوية ابتداء من تركيبها
الذري حتى لون قرص الدواء واسم المستحضر
التجاري الذي يحتويه، لكن الطبيب هو
الأقدر على تشخيص الحالة واكتشاف سبب
الداء ولا يحق لصيدلي وصف دواء لمريض اللهم
إلا في بعض الحالات المحددة التي تسمح
فيها السلطات الصحية في الكثير من
الدول للصيدلي بإعطاء أدوية لعلاج
مجموعة محددة جداً من الأمراض
(أدوية الديدان، مسكنات الألم،
مضادات الحموضة الخ ...)
ويتم تقنين هذه الأدوية فيما يعرف
بمجموعة الأدوية التي تباع بدون وصفة طبية.
ـ عدم الامتثال لتعليمات الطبيب
أو الصيدلي فيما يتعلق بالجرعة من
دواء ما والفاصل بين جرعة وأخرى وفترة العلاج.
ـ استعمال المريض في ذات الحين
لمجموعة كبيرة من الأدوية، حيث يتحول
بدنه إلى «خزانة للأدوية»، وذلك بسبب التطبيب
الذاتي أو ذهاب المريض إلى أكثر من طبيب
«للأخذ بأكثر من رأي» دون إطلاع
هؤلاء الأطباء على الأدوية التي يستعملها
والتي يمكن أن تتداخل مع بعضها بعضا في
التأثير، وبالتالي حدوث ما يعرف بالتداخل
الدوائي.
ـ استعمال أدوية مغشوشة أو رديئة الصناعة
أو مقلدة أو استعمال مواد أولية رديئة من قبل
شركات الأدوية في ظل غياب رقابة صارمة
في بعض الدول.
مع ذلك لا بد من الإشارة إلى أنه حتى
لو انتفت جميع العوامل والأسباب المذكورة
أعلاه فإن لكل دواء حتى لو ادعى مصنعوه
أنه «أمن» آثارا جانبية قد تظهر على
نسبة من المرضى إما أثناء تعاطي الدواء
أو فيما بعد، يستوي في ذلك جميع الأدوية.
* فوائد وأخطار
وفي أي علاج دوائي هنالك مفاضلة
بين الفائدة والخطر المرافق للاستعمال قد
تكون نتيجة هذه المفاضلة واضحة ومحسومة
يمكن معها استعمال الدواء بكل ثقة وقد
لا تكون هذه النتيجة معروفة، حيث
نقرأ في النشرة الداخلية لبعض الأدوية أن هذا الدواء
يستعمل لدى بعض فئات المرضى «كالحوامل مثلا»
إذا كانت الفائدة المترتبة على استخدامه أكبر
من الضرر، وذلك بحسب تقدير الطبيب.
ومع ذلك يمكن الحد من هذه التأثيرات
من خلال التأكد من أن الدواء هو من
نوعية جيدة ـ مادة أولية جيدة،
تصنيع جيد، وهنا يبرز دور
السلطات الصحية في ضمان كون
الأدوية الموجودة في الأسواق هي
من نوعية جيدة
وذات فعالية جيدة ويستخدم
فقط عند الحاجة لاستخدامه وبالشكل
الصحيح أي: بترشيد استخدام الدواء.
..
ماذا نفعل للحد من التأثيرات الجانبية
المترتبة على الخطأ في وصف
أو إعطاء أو استخدام الأدوية؟
إن العلاج الدوائي هو عملية متعددة
الأطراف تشترك في مراحلها المختلفة
جهات عدة وهي السلطات الصحية،
والمؤسسة الصحية من
مستشفى، مركز طبي، عيادة، ثم مقدمو
الخدمة الطبية أو الصحية من أرباب
المهن الطبية والصحية كالأطباء، الصيادلة،
الممرضين، وسواهم، واخيرا المريض.
وكل من هذه الأطراف يستطيع
أن يسهم في الحد من وقوع التأثيرات
الجانبية وضريبتها التي يدفعها المريض
والأسرة والمجتمع، فيمكن للصيادلة
أن يعززوا وعيهم وإدراكهم لمسألة
السلامة الدوائية من خلال متابعتهم
المستمرة لنشرات السلامة الدوائية التي
تصدرها السلطات الصحية المعنية والتي
يتم توزيعها مجانا، كما يمكن الإطلاع
عليها في العديد من المواقع المختصة على الإنترنت،
وكذلك من خلال إجراء تقييم
ذاتي لعملية صرف وتركيب
الأدوية في صيدلياتهم واكتشاف
الثغرات التي قد تؤدي إلى ارتكاب
خلل دوائي، وتصحيح الخلل إن
وجد ومناقشة الأخطاء التي تقع مع
جميع موظفي الصيدلية لتبادل
الآراء وإثراء النقاش والتوصل
إلى بناء إجراءات وقائية تمنع
وقوع الخطأ مستقبلا. كما يلعب
الصيادلة دوراً أساسياً في تثقيف
المرضى وتوعيتهم بكافة الجوانب
المتعلقة بأدويتهم بما في ذلك
كيفية استخدامها والآثار الجانبية
المتوقعة والجرعة المناسبة والفاصل
بين جرعة وأخرى، وكيفية حفظ الدواء.
* دور المريض
وبدوره يلعب المريض دورا مهما
في تجنب حدوث الأخطاء الدوائية
وضمان سلامته وسلامة أفراد أسرته،
من خلال بعض الإجراءات البسيطة:
ـ الاحتفاظ بقائمة تحتوي على أسماء
جميع الأدوية ـ لا سيما الحبوب
المساعدة على النوم، الملينات،
حبوب منع الحمل الخ ... التي يتعاطاها
والمستحضرات العشبية والفيتامينات
والمكملات الغذائية وأي مواد يبتاعها
بدون وصفة طبية من الصيدلية.
ـ عرض هذه القائمة على مقدِّم
الخدمة الصحية في كل مرة يزور فيها
مركزا طبيا / صحيا أو عيادة
أو مستشفى أو صيدلية.
-كما يجب عليه أن يخبر طبيبه والصيدلي
الذي يتعامل معه عن أي تحسس لديه تجاه
بعض الأدوية أو المواد. وأن يسأل
طبيبه عن أسماء الأدوية
التي سيبتاعها من الصيدلية
بموجب الوصفة الطبية وما فائدة
كل دواء. وأن يسأل الصيدلي
والطبيب عن الآثار الجانبية المتوقع تعرضه لها
بعد تناوله للدواء وما الذي يتوجب
عليه فعله في حال ظهور أحد هذه
الأعراض والاحتياطات الواجب
اتخاذها لتجنب تفاقمها فيما لو
ظهرت وكيفية تجنب ظهور انتكاسات
سلبية، فمثلاً بعض الأدوية توجب
على المريض لدى تناولها تجنب التعرض
لأشعة الشمس.
ـ الاستفسار من طبيبه عن
الفحوصات المخبرية أو أي
فحوصات أخرى يجب إجراؤها
أثناء استعمال الدواء لمراقبة
تأثيراته على الجسم
( معايرة الصفيحات، الكريات البيض،
اختبار وظائف الكبد واختبار
وظائف الكلية، معايرة بعض الأنزيمات الخ ...)
ـ وأخيراً على المريض أن لا يتردد في
سؤال الصيدلي والطبيب عن كل معلومة
تتعلق بدوائه لتجنب حدوث أي خطأ
دوائي وتحقيق السلامة الدوائية