ديوان الإمام الحسين بقلم المستبصر النرويجي الدكتور علي لينستاد
بتاريخ : 27-11-2010 الساعة : 09:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه المقال اعجبني فاحببت نقله اليكم
ديوان الإمام الحسين بقلم المستبصر النرويجي الدكتور علي لينستاد
توحيد الشرق و الغرب
كتب الدكتور تروند علي لينستاد مقدمة باللغة النرويجية عن الجزء الأول من " ديوان الإمام الحسين " من دائرة المعارف الحسينية ، و هذه ترجمته العربية :
يا حسين ! الحمد لله الذي عرّفني بك ، و الحمد له إذ هداني إلى الصراط المستقيم الذي سَلَكْتَه .
إنك السبط المحبوب للنبي الأكرم محمد صلى الله عليه و آله و سلم ، الذي اختاره الله إماماً و منجياً للأمة الإسلامية ، و إنني لأَتَشرّف بأن يُطلب إليّ أن أكتب هذه الكلمات كمقدمة لقصائدك الشُّجاعة .
إنك – يا حسين – أُنموذج للكلّ صغاراً و كباراً ، شيباً و شبّاناً . و دليلٌ للإسلام ، يهزّ وعي المسلم و يوقظه خلال التضحية و الآلام . و أنت القائد الشجاع و سيد الشهداء !
أدعوه تعالى أن يمنحني محبّتك ، فأكون أهلاً لمحبّته سبحانه ، مثلما جاء في الحديث الشريف عن النبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم : " حسينٌ منّي و أنا من حسين ، أحبَّ الله مَن أحبّ حسيناً " ( صحيح الترمذي ) .
الحسين ، هو ابن فاطمة بنت النبي ، و ابن عليّ ، إمامنا الأول . و كلهم من آل النبي المطهّرين من قِبَل الله تعالى ، مثلما قال سبحانه في سورة الشورى ، الآية 23 " " قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودّة في القربى " .
يا حسين ، لقد عبرت سهول الشرق ، تحت الشمس اللاهبة ، لتبلغ الشهادة في كربلاء ، حيث أنقذت العمل و الوعي الإسلامي ، فرضي الله عنك .
أقول – متواضعاً في حضرة الله تعالى – إنني ترعرعت في الغرب ، في بلد بعيد في الشمال ، في صقعٍ لا تُرى فيه الشمس البتّةَ أحياناً . لم نسمع الكثير عن الإسلام ، و نادراً ما كان ذلك بشكل ايجابي .
إسمح لي – يا حسين – أن أقدِّم نفسي :
إنني نرويجي ، أباً عن جدّ ، و كلنا يدّعي أن جدّنا الأعلى هو أريك رودي ( أريك الأحمر ) الذي كان محارباً مشهوراً من محاربي " الفايكينغ " ، طاف البحار ، و اكتشف و استوطن غرينلاند ، و أنجب ليف أريكسن ، أول من اكتشف أميركا قبل بضعة آلافٍ من السنين . ربما كان دمهم يجري في عروقي حقّاً .
و كما تعلم ، يا حسين ، لم يَعُد النرويجيون فايكينغ في هذه الأيام . و هكذا فقد اخترتُ دراسة الطبّ و تأهلت – اكتسبت الأهلية – في جامعة أوسلو ، و حصلت على دبلوم في الصحة و الطبابة المدارية من ليفربول ، ثم عدت إلى أوسلو كخبير . و أُدير الآن مستوصفاً خاصاً هنا ، و أعيش مع زوجتي و أولادي الثلاثة .
إنه لصعبٌ التوقّف عن التطواف . و قد زرتُ – كطالبٍ – بلداناً أجنبية ، عاملاً – في طريقي – على ظهر سفينة حمولات ( شحن ، بضائع ) . و قد مررنا بقناة السويس و زرنا مصر و باكستان ، و واصلت السفينة طريقها نحو الهند و بورما ( ميانمار ) قبل أن تعود إلى أوروبا .
كما تجوّلت أيضاً في عددٍ من الأقطار الأفريقية و تركيا و شطرٍ من سوريا ، و سافرت عبر أوروبا و سِحْتُ في جزء من روسيا ، و زرت بكين و شنغهاي في الصين . كل ذلك قبل أن أتعرّف عليك !
و ذهبت إلى الأراضي المقدسة لإكتشاف الفلسطينيين ! الذين اضطُهدوا و شردوا على مدى عقود ، و كانت لهم قضيتهم العادلة و المشروعة .
لقد تخرّجت كطبيب ، و عدت للعمل في الشرق الأوسط – في الأردن – كمتطوِّع في بعض المخيّمات الفلسطينية . ثم عملت في لبنان ، و كانت الطائرات الإسرائيلية تحلّق فوق رؤوسنا ثم تقصف مخيمات اللاجئين . كان المستوصف الذي أديره في معرض الخطر ، فأتى بي الناس إلى المسجد الذي مكثت فيه مع أدويتي و أجهزتي الطبية . كان الرصاص و القذائف ينهمر من حولنا ، و كان الرجال يأتون إلى المسجد ، فيضعون أسلحتهم جانباً و يصلّون لربّهم بخشوع قبل العودة إلى المقاومة مجدّداً .
لقد تعجّبت ، أي دين هذا الذي يجعل الناس كاملين : يؤمنون بالله الأعلى في عَيْنِ عدم إنكارهم لحقائق الحياة ؟
كنت أقترب منك ، أيها الإمام الحسين ، دون أن أشعر بذلك بعد .
و تتابعت أحداث هامة ، من بينها الثورة الإيرانية . و يا لها مِنْ ثورةٍ عظيمةٍ ! و يا لقوة الدين . لقد كان بلدٌ بكامله يتغيّر بإرادة الشعب تحت قيادة عالمٍ بارز .
ذهبت إلى هناك لأرى الحقيقة بنفسي و قد استولى التوهّجُ على لُبّي : فالدين لم يغيّر الناس فحسب ، بل غيّر كاملَ البَلَد ! يا للروعة !
يقول الشعار : " كلُّ يوم عاشوراء … كلُّ أرضٍ كربلاء " .
يا حسين ، لقد بدأت أتعرّفُ عليك ! لقد قرأت القرآن ، للمرّة الأولى ، و حيّرتني قصصه الفاتنة . و قرأته ثانيةً ، لكنه لم يَزَل – حتى ذلك الوقت – يتضمّن مجرّد حكاياتٍ بالنسبة لي .
و في المرّة الثالثة لقراءتي له ، فتح الله عينيّ : فرأيتُ الحقيقة التي قدّمها لِيَ القرآن حول الحياة الإنسانية و الكينونة بتمامها و كمالها .
و هكذا فقد أصبحت مسلماً . و في ذات الوقت ، حميماً معك ، يا حسين ، و تابعاً لتعاليمك .
أيها الإمام الحسين ، سامحني لما أقوله ! فإنني أريد أن أُضح فحسب أنك : وَحَّدْتَ الشرق و الغرب ، بحياتك و عملك المُثمَّن ( المحترم ، المعتَبر ، المُقدَّر ) إلى حدٍّ كبير ، و حوّلتَ الناس إلى روح الإسلام !
و ستترك ، يا حسين ، بفضل الله ، آثاراً لا تُمحى ، في قلوب الباحثين عن الحياة الحرّة الكريمة .
و بالنسبة لي ، فأمتهن الطبابة في النرويج . و أترأّس إحدى الأمانات الإسلامية ( أمانة آرته هاجن Urtehagen ) حيث ندير رياضاً للأطفال تضمّ نحو 190 طفلاً ( و هذه هي رياض الأطفال الإسلامية الوحيدة في النرويج ) .
و تقدّم هذه الأمانة الدروس القرآنية و كذلك دروس اللغات و الكومبيوتر و التدريب الرياضي للأطفال و اليافعين . و ندير مزرعةً صغيرةً في غابات ضواحي أوسلو ، حيث يذهب أطفال المدن بعيداً عن الإسفلت و الضغوط الاجتماعية السلبية التي يمكن أن تمثّلها حياة الشوارع في أية مدينة كبرى ( بالنسبة للأطفال ) .
و للأمانة أيضاً برامجها التليفزيونية في أوسلو ، و هي تبثّ البرامج التليفزيونية الإسلامية الوحيدة في النرويج . كما ندير أيضاً المدرسة الإسلامية المتوسطة الأولى و الوحيدة المعترف بها من قبل الحكومة في البلاد . و مديرها أيضاً هو – أو هي – من أتباعك أيها الإمام الحسين .
و لقد صادقت الحكومة النرويجية أخيراً على طلبنا القاضي بإنشاء أول مدرسة ابتدائية و ثانوية إسلامية مدعومة من قبلها ، و من المقرر أن تضمّ كحدّ أقصى خمسمائة تلميذ تتراوح أعمارهم بين 6 – 16 سنة .
إننا بحاجة إلى تشجيعك ( مباركتك ) أيها الإمام الحسين لننجح في مساعينا .
و بالنسبة لي ، إذن ، ربما اكتملت الدائرة عند المكان الذي بدأت فيه أنا و أسلافي . فقد طافوا العالم لإكتشاف أراضٍ جديدة ، و طُفْتُهُ فوجدتُ الإسلام .
لقد ساعَدَ جدّي المحتمل ليف أريكسن على جعل النرويج مسيحية . أما أنا فأشعر أنني أعمل من أجل عقيدةٍ أكثر صدقاً و أصالةً و حقّانية . تلك العقيدة التي طهًرتها أنت يا حسين !
أعاننا الله في ذلك الواجب الهام ، الذي يُعدّ من أهداف هذا الكتاب ( دائرة المعارف الحسينية ) أيضاً .