كان هذا الهندوسي الذي يدعى ( هاريداس) صاحب محل لتجارة الأقمشة في سوق دلهي في الهند منذ سنوات طويلة وكان طيب الخلق وعلاقته طيبة مع جميع أصحاب المحلات المجاورة، وأكثرهم كانوا مسلمين من الشيعة والسنة، وبحكم هذه العلاقة الطويلة لاحظ بأن بعض المحلات لا تفتح بعض الأيام فلما سأل عن السبب قالوا له بأنهم شيعة ويتشائمون من التجارة في أيام عاشوراء والمناسبات الدينية الحزينة لآل البيت، وبأنهم يعتبرون هذه أيام حزن ويقومون ببعض الشعائر الدينية للتعبير عن حزنهم، الرجل تفهم الوضع ولم يعد يسأل في السنوات الأخرى ، وفي يوم من الأيام قال له أحد التجار الشيعة يمكننا أن نرسل لك بعض الأكل من الحسينية للتبرك إذا أردت، فهو طبعا لم يكن يؤمن بعقائد المسلمين ولم يعرف شيئا عن الشيعة غير ما قيل له عندما سأل أصحابه في السوق عن سبب إغلاقهم لمحلاتهم، ولكنه رحب بالعرض وفرح ومنذ ذلك اليوم كانوا يرسلون له الأكل في كل عاشوراء وبعض المناسبات الأخرى، وكان يشكرهم عندما يرجعون الى تجارتهم ويذكرهم بأن لا ينسوه في المناسبات القادمة.
وفي عاشوراء من سنة 1997 ميلادية عندما أرسلوا له الطعام تفاجئوا بأن محله كان مغلقا، وفي اليوم التالي أيضا كان مغلقا، وقال صاحبه الشيعي (جاويد) الذي يرسل له الطعام لا بأس سنرى ما به بعد إنقضاء مناسبة عاشوراء، حيث لم يكن يعلم شيئا عن محل إقامته سوى أنه يبعد عن السوق بحوالي ساعة بالسيارة. وبعد إنقضاء عاشوراء رجع التجار إلى محلاتهم وهو لازال غائبا ولم يفتح دكانه، فقررجاويد الشيعي أن يزوره في بيته للتعرف على سبب تغيبه عن السوق، وبعد السؤال والبحث الطويل عرف أين يسكن فأخذ معه أحد التجار الآخرين وإنطلقوا بإتجاه الحي الذي يسكنه وأخيرا وجدوا منزله، وإستأذنوا للدخول فقالت زوجته تفضلوا فهو مريض ومستلق في الفراش لأن الطبيب نصحه بالراحة وقد تناول للتو بعض الأدوية، ودخلوا عليه ووجدوه شاحب الوجه وآثار المرض واضحة عليه وعلموا منه بأنه مصاب بورم خبيث في المخ، ويبدو بأن المرض قد تطور دون أن يعلم وكان يعتقد أن الصداع الشديد الذي يعاني منه مجرد شيء عادي بسبب التعب والتوتر ولذلك لم يذهب الى طبيب مختص في المخ والأعصاب من قبل، ولكن هذه المرة نقل الى المستشفى مغميا عليه وبعد الفحوصات الدقيقة تبين بأنه مصاب بهذا الورم الخبيث في المخ ووصف الأطباء له بعض الأدوية المهدئة للألم وقالوا له بأنه يحتاج الى عملية جراحية ونسبة نجاحها ليست كبيرة أو الخيار الثاني هو أن يعيش على المهدئات ما بقي له من عمر. وطلب جاويد منه أن يعطيه رقم هاتفه لكي يطمئن على أحواله بين فترة وأخرى.
وبقى (هاريداس) غائبا عن محله حتى جاءت مناسبة أربعينية الحسين فإتصل به جاويد ليلة الأربعين ليقول له بأنه سوف يرسل له الطعام الى منزله غدا، فأجابه هاريداس لالا لاترسل قل لي أين تكون غدا وآتي أنا بنفسي لتناول الطعام، فأجابه لا داعي أن ترهق نفسك وأنت مريض فقال يمكنني التحرك بشكل طبيعي ولكن زوجتي هي التي سوف تقود السيارة، فأجابه جاويد لا بأس سوف أكون بإنتظارك وأعطاه عنوان الحسينية.
وفي اليوم التالي عندما ذهب ليرى صاحبه جاويد وإستقبله عند رأس الشارع الذي يؤدي الى الحسينية حيث إتفقوا وبعد ذلك إصطحبه الى مكان تجمع المعزين أمام الحسينية وهاريداس ينظر اليهم مذهولا حيث لم يرى مواكب عزاء الحسين من قبل، وكأنه يتسائل من هذا الذي يستحق كل هذا الحزن لأكثر من ألف عام، وبينما كان ينظر الى الأعلام واللافتات وقعت عيناه على صورة من صور الإمام الحسين وبدأ يصرخ هذا هو الرجل هذا هو الرجل .. وكرر العبارة عدة مرات وهو يبكي بكاء شديدا حتى أغمي عليه ، فأخذوه الى مستشفى قريب من المنطقة ولكنه إستفاق من غيبوبته بعد فترة قصيرة ولكن لم يستعيد وعيه كاملا لعدة دقائق وكان يردد حسين حسين حسين ... ووصفوا للطبيب مرضه، فإقترح الطبيب أن يغادر المستشفى بعد أن يأخذ قسطا من الراحة عندهم وأن يواصل تناول الأدوية التي وصفت له من قبل الطبيب المختص.
وبعد قليل اصبح واعيا وسأله صاحبه (جاويد) ومعه شخص آخر وزوجة هاريداس عما حصل له فقال لهم القصة كاملة:
قال لجاويد بأنه لما إتصل به هاتفيا ليخبره أنه سوف يرسل له طعام من الحسينية تذكر بأنه قد حلم حلما قبل أيام قليلة بغلام عليه ثوب أبيض وعمامة خضراء يقول له يا هاريداس سيدي يقول لك هذه المرة أنت مدعو لتناول الطعام في بيته ، فأجابه أشكر سيدك على هذه الدعوة ولكن من هو سيدك وأين بيته؟ فأجابه الغلام الجميع يعرف سيدي وأنت أيضا أكلت من مائدته مرات عديدة، وأخرج من جيبه صحيفة عليها صورة الإمام وقال هذا هو سيدي. وقال هاريداس بأنه أصر للذهاب بنفسه بسبب هذا الحلم وبأنه رأى نفس الصورة التي أراه إياها الغلام في الحلم على اللافتات في موكب العزاء ولذلك صرخ قائلا (هذا هو الرجل) عدة مرات حتى أغمي عليه، وقال بعد أن أغمي علي جائني رجل جليل والنور يحيط به من كل جانب قال أنا الحسين وهؤلاء هم شيعتنا الذين ينالون شفاعتنا يوم المحشر، ولأنك تحبهم أتمنى أن تكون معهم لكي تنالك شفاعتنا وتنجو من نار جهنم، وقبل أن يرحل قال هل يؤلمك شيئ في جسدك ، فقلت نعم ياسيدي يقولون بأنني سوف أموت من هذا الورم الذي نمى في رأسي، فوضع طرف العصا التي بيده على رأسي وقال لا تخف سوف تعيش سالما معافا بإذن الله ثم إختفى، وأخذت أناديه حسين حسين حسين بأعلى صوتي ولكنه رحل. ولم ينتبه هاريداس بعد بأن ما حصل له هي معجزة من معجزات سيد الشهداء الإمام الحسين، جاويد يستمع اليه ودموعه تنهمر على خديه، وشعر بهذه المعجزة ولكن لم يكن يريد التسرع بإخبار هاريداس حتى أن يذهب الى الطبيب المختص ويأخذ أشعة جديدة.
وفي اليوم التالي خرج هاريداس من المستشفى الذي دخله بشكل مؤقت وشعر بأن حالته قد تحسنت دون أي تغيير في العلاج، فإقترح عليه جاويد بالذهاب الى الطبيب المختص وأخذ أشعة جديدة ربما هناك شيئ قد تغير، وبالفعل ذهب في اليوم التالي وإتصل هاتفيا بجاويد وهو في حالة بكاء شديدة لا يكاد يستطيع أن يتحدث (جاويد لقد شفيت كما قال الحسين، جاويد الطبيب يقول لي لا أثر للورم، الطبيب لا يصدق ما حصل). وقد تحول هاريداس الهندوسي الى غلام حسين المسلم الشيعي بفضل أبي عبدالله الحسين. وتشيعت أيضا زوجته وعلما طفليهما أن يتمسكا بولاية أهل البيت وأن لا يبدلوا تبديلا.
قال النبي : مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق