العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية المنتدى الإجتماعي

المنتدى الإجتماعي المنتدى مخصص للأمور الإجتماعية

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية لبيك
لبيك
عضو برونزي
رقم العضوية : 71187
الإنتساب : Mar 2012
المشاركات : 1,063
بمعدل : 0.23 يوميا

لبيك غير متصل

 عرض البوم صور لبيك

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : المنتدى الإجتماعي
Waz7 من قصص الاطفال ( علم الامام الجواد عليه السلام )
قديم بتاريخ : 15-10-2012 الساعة : 07:15 PM


[CENTER]علم الإمام الجواد ( عليه السلام )
دَعانِي التأريخُ إِلى مَسرحِ أَحداثِهِ ، فَسِرتُ مَعَهُ مُلَبِّياً دَعوَتِهِ ، ودَخَلتُ قَاعَةً كَبِيرَةً ، وَجَلَستُ أمامَ سَتائرَ سَرعانَ مَا انفَرَجَت ، فَإذا بِي أُشاهِدُ الإِمامَ مُحمّداً بنَ عليٍّ الجوادَ ( عليهما السلام ) صَبيّاً في الثامِنَةِ مِن عُمرِهِ ، يَتَمَشَّى عَلى جانبٍ مِنَ الطَريقِ .
فَجَعَلَنِي أَقِفُ مَذهُولاً عاجِزاً عَن وَصفِ هَيبَتِهِ وَوِقارِهِ ، وَعَن وَصفِ تَلكَ الأَنوارِ القُدسِيَّةِ التِي يَشُعُّ بِها وَجهُهُ الكَرِيمُ .
لَحظاتٌ وَإذا بالشَبابِ والصِبيانِ يُهَروِلُونَ نَحوَهُ مِن جَميعِ الاتِّجاهاتِ ، يَدفَعُهُم حُبُّهُم له وَشَغَفُهُم بِهِ ، فَتَجَمَّعوا حَولَهُ يَستَمِعونَ إِلى كَلامِهِ وَقَد غَرِقوا فِي حالَةٍ مِنَ التَأَمُّلِ والتَفكِيرِ .
فكَيفَ لا يَكونُونَ كَذلِكَ وَهُم أَمامَ الذِي بَرَزَ عَلى أَهلِ زَمانِهِ عِلماً وفَضلاً ، وأَجَلُّ أَهلِهِ قَدراً وكَمالاً .
فَجأةً !! وإذا بِالشَبابِ والصِبيانِ يَهرَبُون مَذعُورِينَ نَحوَ اتِّجاهاتٍ مُختلِفَةٍ ، هذا لأََِنَّ المأمونَ الحاكِمَ العبّاسي قَد ظَهَرَ عَلى المَسرَحِ بَينَ مَجموعَةٍ مِن حُرّاسِهِ ، وَهُوَ يَمتَطِي صَهوةَ فَرَسِهِ وَيَحمِلُ بِيدِهِ طائِراً يُدعى البازُ .
وراحَ يَتَّجِهُ نَحوَ الإِِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) ، حَيثُ لَم يَبقَ فِي ذلكَ المكانِ سِواهُ ( عليه السلام ) .
فَقالَ لَهُ : لِمَ لَم تَهرب كَما فَعَلَ الصِبيانُ ؟!

فَرَدّ عَلَيهِ الإِمامُ الجوادُ ( عليه السلام ) : ( ما لِي ذَنبٌ فَأَفِرَّ مِنهُ ، وَلا الطريقُ ضَيّقٌ فَأُوَسِّعَهُ عَلَيكَ ، سِر حَيثُ شِئتَ ) .
فَقالَ المأمونُ : مَن تكونُ أَنتَ ؟!
فَرَدّ عَليهِ الإِمامُ الجوادُ ( عليه السلام ) : ( أَنا مُحمّدٌ بنُ عليٍّ بنِ موسى بنِ جَعفرٍ بنِ مُحمّدٍ بنِ عليٍّ بنِ الحُسينِ بنِ علي بنِ أَبي طالبٍ ( عليهم السلام ) ) .
فَقالَ لَهُ المأمونُ : مَاذا تَعرِفُ مِنَ العُلومِ ؟ .
قالَ الإِمامُ الجَوادُ ( عليه السلام ) : ( سَلنِي عَن أَخبارِ السَماواتِ ) .
فأَطلَقَ المأمونُ البازَ مِن بَينَ يَديهِ ، فَحَلَّقَ البازُ عالياً في الفَضاءِ وَعادَ المأمون ، فَلَمّا رَجَعَ إِليهِ البازُ كانَ يَحمِلُ إليه بِمِنقارِهِ شَيئاً ، فَأَخفاهُ المأمونُ بَينَ يَديهِ وَعادَ لِلإمامِ قائِلاً : مَاذا عِندَكَ مِن أَخبارِ السماءِ ؟!
فَأَجابَهُ الإِمامُ ( عليه السلام ) : ( حَدّثَنِي أَبي عَن آبائِهِ عَنِ النَبِي ( صلى الله عليه وآله ) عَن جبرائِيلَ عَن رَبِّ العالمينَ أَنّهُ قَالَ : بَينَ السماءِ والهَواءِ بَحرٌ عَجاجٌ ، تَتَلاطَمُ بِهِ الأَمواجُ فِيهِ حيّاتٌ خُضرُ البُطونِ ، رُقطُ الظُهورِ ، تَصيدُها بازاتُ المُلوكِ والخُلفاءِ ، فَيَختَبِرونَ بِها سُلالَةَ أَهلِ بَيتِ النُبُوَّةِ ) .
تَعَجَّبَ المأمونُ مِن جَوابِ الإِِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) فَقالَ لَهُ : أَنتَ ابنُ الرِضا حَقّاً ، ومِن بَيتِ المُصطفى صِدقاً ؟!
فَأَركَبَهُ على فَرَسٍ واصطَحَبَهُ مَعَهُ إِلى القَصرِ ، وَفي هذِه الأََثناءِ شَعَرتُ بِيدٍ تُلامِسُ كَتِفي ، وَتَهُزُّهُ بِرِفقٍ ، فَانتَبَهتُ وإِذا بِولَدِي حامدٍ وَهُو يَقولُ لِي : أَبي لَقد مَضى عَليكَ وَقتٌ طَويلٌ وأَنتَ في حالَةِ صَمتٍ وتَفكِيرٍ ، هَل هُناكَ مُشكلةٌ لا سَمَحَ اللهُ ؟!

فَابتَسَمتُ بِوَجهِ وَلدِي حامدٍ وَأَنا أَقولُ لَهُ : كُنتُ أُفَكِّرُ في أَحداثِ زَمَنٍ بَعيدٍ ، وَكَأَنِّي أَشهَدُها الآنَ أَمامِي ، يا لَها مِن أَحداثٍ ، يا بُنيَّ حِينَ التَقَى المأمونُ بِشخصِ الإِِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) وَقد كانَ عُمرُ الإِِمامِ ( عليه السلام ) آنَذاكَ ثماني سَنواتٍ .
قال : وأَينَ التَقى المأمونُ بالإمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) يا أَبِي ؟
فقلت : في بَغدادَ .
قال : فِي بَغدادَ ؟!
قالَها وَلدِي حامدٌ بِدَهشَةٍ ، ثُمَّ أَردفَ قائِلاً : لكِنَّ الذي أَعرِفُهُ يا أَبي هُوَ أَنَّ الإِمامَ الجوادُ ( عليه السلام ) كانَ يَعِيشُ في المدِينَةِ المنَوَّرَةِ ، لأََِنّها مَدِينَةُ جَدِّهِ رَسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) .
فقلت : هذا صَحيحٌ يا بُنيَّ ، وَلكِن أَنتَ تَعرِفُ مَوقِفَ الأَُمَويّينَ والعبّاسيّينَ مِن آلِ رَسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، ولِذلِكَ أَرسلَ المأمونُ في جَلبِ الإِِمامِ الجَوادِ ( عليه السلام ) مِنَ المدينةِ إِلى بَغدادَ ، لِيكُونَ عَلى مَقرُبةٍ مِنهُ ، وَكذلك ليَتَهَيَّأَ لَهُ الإِِشرافُ بِواسِطَةِ عُيونِهِ وَرُقبائِهِ عَلى مُجمَلِ تَحرّكاتِهِ واتِّصالاتِه .
وَلمّا وَصلَ الإمامُ الجوادُ ( عليه السلام ) إلى بَغدادَ لَم يَطلُب المأمونُ لِقاءه في بِدايةِ وُصولِهِ ، وإنَّما تَركَهُ حتّى يَلتقِي بِهِ يوماً ما .
قال : وَماذا كانَ يَهدِفُ المأمونُ مِن تَأخِيرِ لِقائِهِ بِالإِِمامِ الجَوادِ ( عليه السلام ) ؟
فقلت : هُناكَ عِدَّةُ أَسبابٍ يَا وَلدِي ، مِنها : هُوَ أَنَّ المأمونَ كانَ يَهدِفُ إلى ضَبطِ تَحرُّكاتِ الإِِمامِ ( عليه السلام ) ، وَلقاءاتِهِ مَعَ الناسِ .
والسَبَبُ الآخَرُ : كانَ يُريدُ الاستِخفافَ بِالإِِمامِ ( عليه السلام ) ، وَتِلكَ هِيَ مَواقفُ الحُكّامِ مِنَ الأََئِمّةِ ( عليهم السلام ) .
قال : مَعنى هذا يا أَبي أِنَّ المأمونَ كان يَبحَثُ عَن طَريقةٍ لِقَتلِ الإِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) كَما فَعَلَ مَعَ أَبِيهِ الإِِمام الرِضا ( عليه السلام ) .
فقلت : هذا صَحيحٌ يا بُنَيَّ ، وَلكِن هُناكَ أَسبابٌ كثيرةٌ تَمنَعُ المأمونَ مِنِ اتّخاذِ خطةٍ سَرِيعةٍ بَهذا الصَدَدِ ، ومَنها أَوّلاً : هُو أنّ المأمونَ وَجَدَ نَفسَهُ فِي مَوقِفٍ صَعبٍ جداً بَعدَ قَتلِهِ لَلإِِمامِ عليٍّ الرِضا ( عليه السلام ) ، وذلِكَ لأََنَّ جَميعَ الناسِ أشارُوا إِليهِ بِأَصابِعِ الاتّهامِ ، وافتُضِحَ أَمرُهُ .
فَأَرادَ إِظهارَ احتِرامِهِ وَتقدِيرِهِ وَمَحَبَّتِهِ لَلإِِمامِ الجَوادِ ( عليه السلام ) ، فَيكُونُ بِذلِكَ قَد قَدَّمَ دَلِيلاً لَرُبَّما يَنطِلي عَلى الكثيرِينَ مِنَ الناسِ ، وَيُثبِتُ لَهُم إِلى حَدٍّ ما حُسنَ نَواياهُ تِجاهَ أَئِمَّةِ أَهلِ البَيتِ ( عليهم السلام ) .
وَالسَبَبُ الآخَرُ : هُوَ أَنَّ المأمونَ أَرادَ استِغلالَ عُمرِ الإِمامِ محمّدٍ الجوادِ ( عليه السلام ) كَونُهُ ما يَزالُ صَبيّاً ، وَقَد كانَ يَعتَقِدُ أَنَّهُ لا يَملِكُ مِنَ العِلمِ مَا يُؤَهِّلُهُ لِلإِِمامَةِ ، فأَراد المأمونُ بِذلكَ أَن يَضعَ الإِمامَ الجوادَ ( عليه السلام ) فِي مُناظَرةٍ يَظُنُّ مِن نَتيجَتِها أَنَّهُ يَحُطُّ مِن مَكانَتِهِ ( عليه السلام ) أَمامَ الناسِ .
فَقالَ حامدٌ بِتَعَجُّبٍ شَدِيدٍ : هذا الحاكِمُ يا أَبي يُفَكِّرُ عَلى نحوٍ يَختلِفُ تَماماً عَمّا كانَ يُفَكِّرُ بِهِ حُكّامُ الأَُمَويّينَ والعبّاسيّين ، فَهُوَ يُظهِرُ لأََِئِمّةِ أَهلِ البَيتِ ( عليهم السلام ) حُبّاً وتَعظيماً ، ويُخفي مَكراً شَديداً وكَيداً عظيماً ، يُريدُ بِذلِكَ انهِيارَ المذهَبِ الشِيعي بِانهِيارِ فِكرةِ الإِِمامَةِ فِيهِ ، وَإِطفاءِ نِجمِها المتَأَلِّقِ ، وهذا ما يَسعى إِليهِ المأمونُ الآنَ مَعَ الإِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) .
فقلت : نَعَم يا بُنيَّ ، لذلك كان أوّلَ مَا اتَّبَعهُ المأمونُ في خِطَّتِهِ لإِِِبعادِ كُلِّ شُبهةٍ عَنهُ أنّهُ أَمَرَ بِتَزويجِ ابنَتِهِ أُمُّ الفَضلِ مِنَ الإِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) ، فَاعتَرَضَ المُقرَّبُونَ مِنَ المأمونِ ، واجتَمَعوا حَولَهُ مَعاتِبينَ : أَتُزَوِّجُ ابنَتَكَ وَقُرَّةَ عَينَيكَ صَبيّاً لَم يَتَفَقَّه في دِينِ اللهِ بَعدُ ، وَلا يَعرِفُ حَلالَهُ مِن حَرامِهِ ؟! اصبِر عَليهِ حتّى يقرأَ القُرآنَ ويَعرِفَ الحلالَ مِنَ الحرامِ .
فقالَ لَهُم المأمونُ : إِنّهُ لأَََفقَهُ مِنكُم ، وأَعلَمُ بِأَحكامِ اللهِ تَعالى وسُنّةِ رَسولِهِ ، وأَقرأُ لِكتابِ اللهِ مِنكُم ، وأَعلمُ مِنكُم بِمُحكَمِهِ ومُتَشابِهِهِ ، وناسِخِهِ ومَنسُوخِهِ ، وظاهِرِهِ وباطِنِهِ ، وخاصِّهِ وعامِّهِ ، وتَنزِيلِهِ وتأوِيلِهِ ، اسألُوهُ فَإن كانَ الأَمرُ كَما وَصَفتُم قَبِلتُ مِنكُم .
فَخَرَجُوا مِن عِندِهِ وبَعثُوا إِلى قاضِي القُضاةِ يَحيى بنِ أَكثَمَ ، وجَعلوا حاجَتَهُم إليهِ ، فَأَطمَعُوهُ بالهدايا مُقابِلَ أن يحتالَ عَلى الإِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) في أَسئلَةٍ لا يَدرِي مَا الجوابُ عَليها .

وَهُنا سأَلَنِي وَلدِي حامدٌ وقَد كانَ يَنتظِرُ نَتائِجَ الأََحداثِ عَلى أَحرٍّ مِنَ الجَمرِ : فَما كانَ دورُ الإِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) إِزاءَ هذِهِ المُحاوَلاتِ يا أَبي ؟!
فقلت : اجتَمَعَ المأمونُ بالإِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) ويَحيى بنِ أَكثَمَ أَمامَ جمعٍ غَفيرٍ مِنَ العبّاسيّينَ وغيرِهِم .
فَقالَ المأمونُ مُوَجِّهاً كلامِهِ إلى يَحيى بنِ أَكثَمَ : سَلهُ يا يَحيى أَوّلاً عن مَسائِلِ الفَقهِ .
فَوَجَّهَ يَحيى كلامَهُ إِلى الإِمامِ الجَوادِ ( عليه السلام ) سائِلاً إيّاهُ : أَصلَحَكَ اللهُ ، ما تقولُ فِي مُحرِمٍ قَتَلَ صَيداً ؟
فَقَالَ لَهُ الإِمامُ الجوادُ ( عليه السلام ) : ( أَقَتَلَهُ في حِلٍّ أم حَرمٍ ؟ عالِماً كانَ أَم جاهِلاً ؟ عَمداً أم خَطأً ؟ عَبداً كانَ المُحرِمُ أَم حُرّاً ؟ صَغِيراً كانَ أَم كَبيراً ؟ مُبدِئاً أم مُعيداً ؟ هَل الصيدُ كانَ مِن ذواتِ الطَيرِ أَم غيرِهِ ، مِن صِغارِ الطَيرِ كانَ أَم كبيرِهِ ؟ مُصِرّاً أَم نادِماً ؟ بالليلِ كانَ الطيرُ في وكرِهِ أم نَهاراً أَمامَ عيونِ الناسِ ؟ ، والمُحرِمُ هَل كانَ مُحرِماً للحَجِّ أَم للعُمرةِ ؟ ) .
فَانقَطعَ يَحيى انقِطاعاً لَم يَخفَ عَلى أحدٍ مِن أَهلِ المجلِسِ ، وتَحَيَّرَ الناسُ عَجَباً مِن كلامِ الإِِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) ، فَأَشارَ المأمونُ إلى الإِِمامِ بِأن يُعرِّفَهُم عَلى كلِّ صِنفٍ مِنَ الصَيدِ .
فَبَيَّنَ لَهُم الإِمامُ حُكمَ كلِّ حَالَةٍ مِن هذِهِ الحالاتِ ، مِمّا زادَ في تَعَجُّبِ الحاضِرينَ ودَهشَتِهِم ، فَالتَفَتَ المأمونُ إلى المقَرَّبِينَ إِليهِ مِنهُم قائِلاً : هَل فِيكُم مَن يُجِيبُ مِثلَ هذا الجَوابِ ؟!
فَقالوا لَهُ : لا واللهِ ، وَلا حتّى القاضِي .
فَقالَ لَهم المأمونُ وقد خابَ أَملُهُ في النَيلِ مِنَ الإِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) : ويحَكُم أَما عَلِمتُم أَنَّ أهلَ بَيتِ النُبُوَّةِ لَيسوا خَلقاً مِثلَكُم ؟!

وَهُنا عَلَت وَجهَ وَلدِي حامدٍ فَرحةٌ عظيمةٌ ، وأَشرَقَت على شَفَتَيهِ ابتِسامَةٌ جميلةٌ وَهُوَ يَقولُ : أَمامَ هذا العِلمِ والنُورِ الإِِلهيِّ لآَِلِ رَسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) لا يُمكِنُ لأََِحدٍ إلاّ أن يَعتَرِفَ بِهِم رَغماً عَنهُ .
فقلت : نَعم يا بُنيَّ ، فَقد ذُهِلَ المأمونُ من إِجابَةِ الإِِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) وكَذلِكَ ذُهِلَ الحاضِرونَ ، لاسيّما يحيى بنُ أَكَثَمَ .
فَقَد وَجَدَ نَفسَهُ في أَشَدِّ حالاتِ الرُعبِ والارتِباكِ والحِيرَةِ مِن أَمرِهِ ، لا يَعرفُ مَاذا يَفعَلُ ، فراحَ يَسألُ الإِمامَ الجوادَ ( عليه السلام ) أَسئلةً أُخرى ، لَعَلَّهُ يُفلِحُ مِنهُ شيءٍ : مَا تقولُ يا ابنَ رَسولِ اللهِ في هذا الخَبَرِ : رُوِيَ أَنَّه نَزَلَ جبرائِيلُ ( عليه السلام ) عَلى رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) فقالَ لَهُ : يا محمّدُ ، إنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ يُقرِئُكَ السلامُ ويَقُولُ لَكَ : سَل أَبا بَكرٍ هَل هُو راضٍ عَنّي ، فَإنّي راضٍ عَنهُ .
فَردَّ عَليهِ الإِمامُ الجوادُ ( عليه السلام ) : ( يَجِبُ عَلى صاحِبِ هذا الخَبرِ أَن يَأخُذَ مِثالَ الخَبَرِ الذِي قالِهُ رسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) في حَجّةِ الوَداعِ : قَد كَثُرت علَيَّ الكِذّابةُ وَسَتكثُرُ بَعدي ، فَمَن كَذَّبَ عَلَيَّ مُتَعمِّداً فَليَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِنَ النارِ ، فَإذا أَتاكُم الحديثُ عَنّي فَاعرِضُوهُ عَلى كتابِ اللهِ ، فَما وافَقَ كِتابَ اللهِ فَخُذُوا بِهِ ، وَمَا خالَفَ كتابَ اللهِ فَلا تَأخُذوا بِهِ .
وَلا يُوافِقُ هذا الخبرُ كِتابَ اللهِ ، فَقَد قالَ اللهُ تَعالى : ( وَلَقَد خَلَقنَا الإِنسَانَ وَنَعلَمُ مَا تُوَسوِسُ بِهِ نَفسُهُ وَنَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِن حَبلِ الوَرِيدِ ) ق : 16 .
فَهَلِ اللهُ تَعالى خَفيَ عَليهِ رِضاءَ أَبي بكرٍ مِن سَخَطِهِ حتّى سأَلَ عن مكنونِ سِرِّهِ ؟! هذا مُستَحِيلٌ في العُقولِ ) .
فقالَ يحيى سائِلاً الإِمامَ ( عليه السلام ) مرّةً أُخرى : وَقد رُوي أَنَّ مَثَلَ أَبي بكرٍ وعُمرَ فِي الأََرضِ ، كَمَثلِ جبرائيلَ ومِيكائيلَ في السماءِ ؟
فَأَجابَهُ الإِمامُ الجوادُ ( عليه السلام ) : ( وهذا أَيضاً يَجِبُ أن يُنظَرَ فِيهِ ، لأََنَّ جبرائيلَ وميكائيلَ مَلَكانِ للهِ مُقرَّبان ، لم يَعصيا اللهَ قَطٌ ، ولَم يُفارِقا طاعَتَهُ لَحظةً واحدةً ، وعُمَرُ وأبو بكرٍ قَد أَشرَكا باللهِ عَزَّ وجَلَّ ، وإِن أَسلَما بَعدَ الشِركِ ، إلاّ أَنَّ أَيّامَهُما كانَت أكثرُها شِركاً ، فَمِنَ المُحالِ أَن يُشَبَّها بجبرائيلَ وميكائيلَ ) .
فَلَم يَكُفّ يَحيى بنَ أَكثَمَ ، وراحَ يَسأَلُ الإِمامَ ( عليه السلام ) سُؤالاً آخَرَ : رُوي أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ سِراجُ أَهلِ الجَنَّةِ ؟
فَردَّ عَليهِ الإِمامُ الجوادُ ( عليه السلام ) : ( وهذا أيضاً مُحالٌ ، لأََِنَّ في الجَنَّةِ ملائِكةُ اللهِ المقَرَّبِينَ ، وآدمُ ( عليه السلام ) ، ومحمّدُ ( صلى الله عليه وآله ) ، وجميعُ الأََنبياءِ والمُرسلينَ ، أفَلا تُضِيءُ الجَنّةُ بِأَنوارِهِم ؟ حتّى تُضيءَ بِنورِ عُمَرَ !! ) .
فعادَ يَحيى إلى السؤالِ مَرّةً أُخرى : وَقد رُوِيَ أَنَّ النَبِي ( صلى الله عليه وآله ) قالَ : لَو لَم أُبعَث لَبُعثَ عُمَرُ .
فَأَجابَهُ الإِمامُ ( عليه السلام ) : ( كتابُ اللهِ أَصدَقُ مِن هذا الحديثِ ، إذ يَقولُ اللهُ تَعالى فِي كتابِهِ : ( وَإِذ أَخَذنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُم وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ ) الأحزاب : 7 .
فقد أخَذَ اللهُ ميثاقَ النَبيّينَ فكيفَ يُبَدِّلُ ميثاقَهُ ؟! وكُلُّ الأَنبياءِ لم يُشرِكوا باللهِ طَرفَةَ عَينٍ ، فكيفَ يَبعَثُ اللهُ تعالى بالنبوَّةِ مَن أشرَكَ بِهِ ؟! وكانَت أكثَرُ أَيّامِهِ شِركاً .
وحَسبُنا حديثُ رَسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) : نُبِّئتُ وآدَمُ بينَ الروحِ والجسدِ ) .
وَاستَمَرَّ يحيى بنُ أَكثَمَ يَسألُ الإِِمامَ الجوادَ ( عليه السلام ) ، فَضَحِكَ وَلدِي حامدٌ حَتّى دَمِعَت عَيناهُ مِنَ الضِحكِ وهو يُرَدِّدُ : عَبَثاً يحاولُ يا أَبي ، وَلَو بقيَ الدَهرُ كُلُّه عَلى حالِهِ هذا .
ثم قال : فَماذا كانَ سُؤالُهُ بَعدَ ذلِكَ ؟
قلت : قالَ : رُويَ عَنِ النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنّهُ قَالَ : ما احتَبَسَ عَنِّي الوحيُ إِلاّ ظَنَنتَهُ قَد نَزَلَ على آلِ الخَطّابِ ؟
فَرَدَّ الإِمامُ الجوادُ ( عليه السلام ) : ( وهذا مُحالٌ أيضاً ، لأََِنّهُ لا يَجوزُ أَن يَشُكُّ النَبِيُّ ( صلى الله عليه وآله ) في نُبُوّتِهِ ، فَقَد قالَ اللهُ تَعالى : ( يَصطَفِي مِنَ المَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ) الحج : 75 ، فَكَيفَ يُمكِنُ أَن تَنتَقِلَ النُبُوّةُ مِمَّنِ اصطَفاهُ اللهُ تَعالى إِلى مَن أَشرَكَ بِهِ ؟! ) .
وعادَ يحيى بنُ أَكثَمَ يَسألُ الإِمامَ ( عليه السلام ) مرّةً أُخرى : رُوِي أنّ النَبِيَّ ( صلى الله عليه وآله ) قالَ : لَو نَزَلَ العذابُ لَما نَجا مِنهُ إلاّ عُمَر ؟
فَقالَ الإِمامُ الجوادُ ( عليه السلام ) : ( وهذا مُحالٌ أَيضاً ، لأََِنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ : ( وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فِيهِم وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرُونَ ) الأنفال : 33 .
فَقد أَخبَرَ اللهُ سبحانَهُ أَنَّهُ لا يُعذِّبُ أَحَداً مَا دامَ فِيهِم رَسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ، وما دامُوا يَستَغفِرونَ ) .
وهكذا باءَت جَميعُ مُحاوَلاتِ يَحيى بنِ أَكثَمَ بِالفَشَلِ الذَرِيعِ ، فَانقَطَعَ عَنِ الكَلامِ والخيبةُ تَعصِرُ قَلبَهُ ، وقَد تَجَسَّدَت أَمامَ المأمونِ خُطورَةُ الموقِفِ ، وصَعِقَ لعِظَمِ الهَولِ .
فأَدرَكَ أَنَّهُ لابُدَّ لَهُ مِن مُواجَهَةِ هذا الأََمرِ بَجديّةٍ أَعظَمَ ، ومَكرٍ أَشَدَّ ، إِذا أَرادَ أن يَطمَئِنَّ على مَصِيرِهِ ومُستَقبَلِهِ في الحُكمِ ، ومَعَهُ بَنو العبّاسِ .
وهذا ما دَفَعَهُ إلى الإِشادَةِ بِمكانَةِ الإِمامِ ( عليه السلام ) وغَزَارةِ عِلمِهِ ، وكانَ قَد أَعلَنَ عَقدَ قِرانِهِ مِن ابنَتِهِ أُمِّ الفَضلِ فِي ذلِكَ الَمجلسِ .
إلاّ أنَّ المأمونَ بَقِيَ يَتَحَيَّنُ الفُرصَ لِغَرَضِ الانتقامِ مِنَ الإِمامِ الجوادِ ( عليه السلام ) ، وتَمَّ لَهُ ذلِكَ بِواسِطَةِ ابنَتِهِ الخبيثة ، زَوجةِ الإِمامِ ( عليه السلام ) حيثُ دَسَّت لَهُ السُمَّ .

ا*******************************
انا لله وانا اليه راجعون . ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم . مع تحياتي جدو سيد علي الموسوي
[/CENTER]

توقيع : لبيك
[IMG]
[/IMG]
من مواضيع : لبيك 0 قصة موظفي الضرائب وتقصي احوالهم وأحوال الوزراء
0 الانتخابات العراقية - التغيير - بقلمي
0 تعزية محرم الحرام وعاشوراء الاحزان والاباء .....
0 رب نومة نافعة ..
0 ذكرى استشهاد الامام جعفر بن محمد الصادق –ع-
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 03:02 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية