كم كنا نستمتع في تلك الساعات التي نقضيها في أيام العيد ونحن نلعب ونمرح ونضحك بلا هموم أو نكد ,فكان العيد بالنسبة لنا مصدر سعادة ليس يدانيه مثيل ولكن بمجرد أن تنتهي أيامه حتى نرجع إلى ما كنا فيه من روتين مقيت ممل مدرسة وامتحانات وعذاب وعقوبة (هكذا كنا نظن لصغر عقولنا )
كنا ندخل إلى تلك الساحة المفعمة بالضجيج والصياح ولا نعلم لماذا إلا إننا كنا بمجرد أن ندخل مباشرة نلتحم مع تلك الموجة الصاخبة (فحشر مع الناس عيد)بمعنى الكلمة .
الملفت للانتباه أن كل من يحضر إلى هذه الساحة ينسى ما تربى عليه من حسن الأدب والمشي بهدوء تام وعدم الصياح بالشارع (هكذا علمنا الآباء حينما كانوا يعلّمون )ولا يبقى من تلك التعاليم المقدسة شيء حتى نرجع إلى بيوتنا فنلبس مرة ثانية ملبس القداسة اليوم لم يبق من تلك الأمور السعيدة شيء,بقي شيء واحد ألا وهو (مراجيح العيد ) فقط هي من بقيت لنا ولكنها بدلت بثوب جديد,فالحبال قد نسجت بيد إبليس خصيصا لمراجيح العيد ومقعد الجلوس الذي يجلس عليه المتأرجح هو مجموعة من التعاليم والقيم الدينية والاجتماعية ,بل حتى العامل على تلك الأرجوحة هو شخص قد عيّن بعقد مؤقت عند الشيطان
والمتأرجحون هم كثير من الناس كتبت في بطاقاتهم الشخصية (مسلم) ,يتأرجحون بين ثنايا وهم السعادة المبتذلة التي يظنون أنها باقية ولا تفنى ,ولكن هيهات ثم هيهات يتأرجحون من وهم إلى وهم أما الحقيقة فقد جعلت مقعدا يجلس عليه أصحاب الوهم والنسيان ,نسوا أن الحرام دوما يبقى حراما ولا توجد له فسحة من الزمان حتى يكون مباحا أو حلالا والواجب هو الواجب لا يسقط ولا يبدل أبدا
الغريب أن هؤلاء جميعهم رغم أنهم (نسوا الله فأنساهم أنفسهم) حين يتقابلون يقول كل واحد منهم للأخر (أسعد الله أيامكم)وكيف يسعدهم وهم يقابلونه بالمعاصي والذنوب ولعلهم لم يسمعوا قول أمير المؤمنين ع (كل يوم لا يعصى الله فيه فهو يوم عيد).