العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام

منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام المنتدى مخصص بسيرة أهل البيت عليهم السلام وصحابتهم الطيبين

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

الصورة الرمزية م_علي
م_علي
عضو برونزي
رقم العضوية : 69851
الإنتساب : Dec 2011
المشاركات : 553
بمعدل : 0.12 يوميا

م_علي غير متصل

 عرض البوم صور م_علي

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
Waz2 الكفيل الاول ..
قديم بتاريخ : 09-01-2013 الساعة : 06:01 PM



اللهم صلِّ على محمد وآل محمد


عبد المطلب الكفيل الاول


عميد البيت – رجلا ليس كالرجال
زعيم مطاع ، والرجل المهوب ، يقول فينفـذ القول ، ويحكم فلا يُردُّ حكم ، وهو الجواد المعطاء ، والسَّخيُّ الفـذُّ ، يُطعم فينال مِـنّ الطَّعام راكب البعير ، وهو على ظهر بعيره ، ويُرفـع من مائدته على قمم الجبال ، لِينال من طعامه طيور الفضاء ، ووحوش الصَّحارى ... حتى لُقّب بالفيَّاض ، ومطعم طير السَّماء .
وإنه مجاب الدَّعوة ، يدعوا الله فـتُـلـبَّـى دعـوته ... فهـو مرضيٌ عنه في السَّماء ، ومحمودٌ في الارض ، فدُعي { شيبة الحمد }.
وإنه ليرى فيه صفاتٍ ، لم تكن في غيره ، مِنْ هـذه الأكداس البشرية . وهو الذي يسـنُّ سنناً ليست سوى الدليل على رفعة النفس ، ونقاء السريرة ، وعمق الإيمان ، بحيث تنهض بالبرهان على بقاء الحنفية ، التي جاء بها أبوه إبراهيم ، فإنه لَيُحرم الخمر على نفسه ، ويُحرِّم نكاخ المحارم ، ويُحـدِّد الطواف بالبيت سبع مرَّتٍ ، بعد ان كان غير محـدودٍ ، وينهى أنْ يطوف عارٍ بالبيت ، ويقطع يـد السارق ، ويحرم الزِّنا ، وينهى عن الموؤُودة ، وأن يُستقسم بالأزلام ، وأن يُؤكل ماذُبح على النُّصب ، ويسنُّ الوفاء بالنذر (1) .
ويجيءُ الإسلام فيُقرُّ كل هذه السنن ، التي سنَّها عبد المطلب .
نادم حرب بن أُمية بن عبد شمس ،، والد أبي سفيان ،، وكان أحد اليهود في جوار عبد المطلب ، فأغلظ هذا اليهوديُّ لحربٍ في المقال ، في أحد أسواق تهامة ، وثارت حفيظة ابن أُميَّة ،، والغدر له وراثةٌ مِنَ الجد عبد شمس ، وهي ميزةٌ لهذا الفخـذ ، وإحدى طباعه المتأصِّلة الجذر ،، فلم يلبث أن أغرى على اليهوديِّ مَنْ قتلَه ! .
ولا يعرف عبد المطلب غـدرة حـربٍ ، حتى يهجـره ، فلـن ترضى نفسه بنديمٍ غـدَّارٍ . ولم يدع حرباً يذهـب كأن لم يجنِ شيئاً ، فأجبره على إعطاء مئة ناقةٍ لابن عم اليهوديِّ ،، دية الدَّم المطلول (2) .
وهو "" الى كل هـذا "" يرفض ان يخفض الهام ، ليسجد لصنمٍ ، فيعبد حجرةً صماء او خشبةً باليةً "" وهو ذو العقل الرَّجيح ، والذَّكاء الوقاد (3) .
وهو أوّل من تحنّث بغار حراء ، فكان اذا أهلَّ شهر رمضان ، صعد الجبل فتعبَّد فيه ليالي "" ذوات عددٍ ، يُمعن الفكر في جلال الله وعظمته .
وإن أبا طالب لَيرى أباه ، يوم جاء أبرهة الى الكعبة ، فصُودرت لعـبـد المطّلب أنعامٌ ، فراح يطلبها منه . وكاد يصغر في عينه ، حيث لم يعرض لأقدس المقدَّسات لديه "" الكعبة "" وقد جاء ليهدمها ... فما كان إلاَّ أجابه بجواب المؤمن ، الوطيد الرَّجاء بالله ، العميق الثابت والإيمان :


<<< أنـا ربُّ الإبـل . وللبيت ربٌّ يحميـه ! >>>


وعـاد وأخـذ بحلقـة بـاب الكعبـة ، ونـاجى الإلـه ، مناجــاة موحِّـدٍ مؤمِـنٍ :


يــاربُّ ! لاَ أرجـــوْ لُهــمْ ســـواكَا ***** يــاربُّ ! فــامنَعْ منهُــــم حِماكَــــا
إنَّ عــــدوَّ البيــتِ مَـــنْ عاداكَـــا ***** امنعهــــمُ أنْ يخربُــــــواْ فِناكَــــــا(4)


ثم قال "" مرةُ أُخرى "" بلهجة المطمئن ، العارف بالنتيجة :


لاهُــمَّ أنّ العـبـد يمنــعُ ***** رحلَــــهُ ، فــامنعْ حلالَــكْ
لا يغـلـــبنَّ صليبُهُـــــم ***** ومحالُهُمْ ـ عـدواً ـ مِحـالَكْ
ولئـــنْ فعلـــتَ فإنّـــه ***** أمـــرٌ تتـــمُّ بــــه فعــــالكْ


الى آخر القصيدة ... ثم عقّب بقوله :
يا معشر قريش ! لايصل (5) إلى هـدم هـذا البيت ، فإنه له رباً يحميه ويحفظه ! .
ثم يدعوا الله ، وإذا بالطَّير ( الأبابيل ) تُحلق في السماء طائراتٍ صامتةً ، لتقذفهم بحجارةٍ ، هي أسرع فتكاً مـن القنابل الذريَّة ، وهي لا تتعدى المجرم في إصابتها ، ولا تنال البريءَ بسوءٍ ...
وإن أبا طالب يسمع أباه في نجواه ، وقد ضُربتِ القداح عليه ، وعلى إخوته التسعة ، لِيبرَّ عبد المطلب بنذره ، ويفي به ، وقد أجاب الله دعوته ، فرزقه عشرةً مَنْ الولد .


يـــــاربُّ أنـــــــــتَ الملــــــــــك المحمــــــــــودُ
وأنـــــــــتَ ــ ربِّــــــي ! ــ الملـــــك المعبــــــودُ
مِـــــــنْ عنـــــــدكَ الطَّـــــــارفُ و التَّليــــــــدُ (6)


وإنه لَيأْخذ مكانه ،، من بين إخوته ،، وعبد المطلب يُلقي عليهم دروسه القيّمة ، ويأمرهم بالأوامر الإلهَّـة ... فينهاهم عن دنيَّـات الأُمـور ، ويأمرهم بترك الظُّلم والبغي ، ويحثُّهم على مكارم الأخلاق ... ويحذرهم يومـاً ، يلقى فيه كلٌّ جزاءه ،
عبد المطلب يستقبل مولــوداً لابنـه عبد الله "" ذلك المولود الذي بنتظره الكون ، ويُنادي به ، لِيستقبل إشراقـة نوره الوضَّـاح "" فلم يكد الوليد يستقبل الكون ، حتى يُبشَّر بذلك الجدُّ ، فيدخل على أُمِّـه ، لِتُحدِّثه بما رأت ، حين ألقت ما في بطنها ، وكلُّه سمعٌ مرهفٌ لهـذا الحديث العذب ... ثم يأخذ الطفل ، ويمضي به للكعبة ليدعو الله ، ويشكره على هـذا الفضل الشَّامل :


الحمـــدُ للهِ الــذيْ أعطـــانِيْ ***** هَــــذا الـــــــلامَ ، الطَّيِّـــبَ الأردانِ ...
قــدْ ســـادَ فيْ المهـــدِ علَــى الغُلمـــان ***** أُعيــــذُهُ بــــــاللهِ ذيْ الأركـــــــــانِ
حتّـــى أراهُ بــــالغَ البنيــــــانِ ***** أُعيـــذهُ مِـــنْ شـــــرِّ ذِيْ شــــنْآنِ ...
مِــــنْ حاســـدِ مضطَّــربِ العنـــانِ (7)


وإنَّ عبد المطلب لَيُولي هـذا اليتيم عنايةً ، ويبذل في رعايته أقصى جهده ، وينظر إليه نظرةً عميقةً ، تخرق المستقبل ، وترى مكان هـذا اليتيم منه ، وقـد دانت له الأرض ـ من غربيها الى شرقها ـ وخضعت لعظمته الهام ، وخفقت بحبِّه القلوب ، ودانت لعظمته دعوته ، ولهجت بذكره الألسن ، وردَّدت عاطر الثناء ، وآيات الاكبار .
فعبد المطَّلب ـ وهو الزَّعيم المهيب ، والمعظَّم في قريشٍ ، والمطاع بين العرب ـ يُفرش له حول الكعبة ، فتحفُّ حوله رؤساء قريشٍ ، دون أن يستطيع واحـدٌ منهم :
أن يطأ مِنْ فراش عبد المطَّلب طرفَه ـ بله الجلوسَ وإيَّاه عليه ! .
ولكن هـذا الطِّفل اليتيم يجيءُ ـ بروحه الطّموح ، ونفسه الوثوب ـ فيتخطَّى الناس ، ليجلس بجانب جـدِّه ، ولربما سبقه محلّه ، فإذا جاء جدـذُّه وأرادوا أنْ يُبعدوه عن محله ، فعبد المطلب ذلك الزجَّار لَمِنْ شاء أن يتجرّأ ، فيُنحِّي هـذا الطّفل العظيم ! . ويقول مرَّةً :
ـ دعوه ! أنَّ له شأْناً ! .
ويُجلسه الى جانبه ، وهـو يُربِّت على ظهره ، وقد بدت على وجهه بشائر الفرح ، وعلامات الرضا والسرور ، فلت يخيب فيه الرّجاء الخميل ، والامل الخضال ! .
ومرَّةً أُخرى ، يقول لمن شاء ان يمنع محمَّداً عن فراش جـدِّه :
ـ دعوا ابني يجلس ، فإنه يُحسُّ من نفسه بشيءٍ ! ، وأرجوا أنْ يبلغ مِنَ الشَّرف مالم يبلغه عربيٌّ ، قبله ، ولا بعده ! .
ومَّرةً ثالثةً يقول :
ـ ردُّوا ابني إلى مجلسي ! ، فإنه تُحدِّثه نفسه بملـكٍ عظيــمٍ ، وسيكون له (شأْنٌ !) (8) .
وإنه ليخصُّ ـ تارةً ـ أبا طالب بالتوصية به :
ـ يا أبا طالب ! ، إنَّ لهـذا الغلام لشأْناً عظيمــاً ! فاحفظه واستمسك به ، فإنه فردٌ وحيدٌ ! وكن له كالأُمِّ ، لا يصل إليه شيءٌ يكرهه ! (9) .
وما كان عبد المطلب ، يالذي يتكلم جزافاً ! فما هـو مِمّنْ تُرسل الكلام على عواهنه ، ويهرف بما لا يعرف ! .
إنه ليعرف بأنّ لحفيده (( لشأْناً )) ـ وأيَّ شأن ! .
هؤلاء قومٌ من بنب مدلج ، وهمُ القافة (10) ظن العارفون الآثار والعلامات ـ يقولون له :
<< احتفظ بمحمَّدٍ ، فإنا لم نرَ قدماً أشبه بالقدم التي في المقام ، منه >> (11) .
وهـذا سيف بن ذي يزن الحمـيريُّ ، وقد ولي الحبشة بعدما ولد الرسول بعامين ‘ فراحت العرب تفد عليه ، تُهنئه باسـترجاعه ملك آبائه ، اذ استقذ ملك اليمن من ( الحبشة ) ... وكان في الطليعة : وفد قريش . وفي طليعة الطليعة : زعيمها (( عبد المطلب )) .
واذ وقف عبد المطلب ـ أمام سيفً ـ وألقى كلمةً ، هي آية في البلاغة والفصاحة ، مما ارغمت ( السيف ) على الانحناء ، امام هذه العظمة الفذة ، والشخصية الكبيرة ، والزعيم المبجل ... فرحّب بهم ، وحلّوا منه محل الضُّوف الكرام ...
حتى مضى شهرٌ ، وهم في ضيافته .. وإذ ذاك أدنى إليه عبد المطَّلب ، ليُلقي إليه بسرٍ خطير ـ ظَّنـاً منه بأن عبد المطَّلب ، لم يكن به ذلك الخبير ـ ويُلقي إليه بنبأٍ مشرقٍ الحواشي ، يحمل ـ بين أطرافه ـ << الحياة ، وفضيلة الوفاء >> ، للوجود بأجمعه ... وإن لعبد المطَّلب منه ، للحصَّنة الفضلى .
<< وإذا وُلد بتهامة غلامٌ بين كتفيه شامةٌ ، كانت له الإمامة ، ولكم به الزَّعامة ، لي يوم القيامة >> .


ثم يُعقِّب بعد قولةٍ لعبد المطَّلب :
<< اسمه محمَّدٌ . يموت أبوه وأُمُّه ، يكفله جدُّه وعمُّه >> (12) .
ولا يلبث أن يكشف السِّـتر ، ويُلقي ببقايا السِّرِّ الكمين :
<< والبيت ذو الحجب ، والعلامات على النُّقب (13) .إنك لجدُّه ـ يا عبد المطَّلب ! ـ غير كذبٍ (14) .
وإذ ذاك يخرُّ عبد المطَّلب ساجداً لربِّه ، يُناجيه بكلمات الشُّكر ، على هـذه النّعمة الفضلى ، ويرفع رأْسه مثلج الصَّدر ، باسم الثّغر ، ويقصُّ على الملك طرفاً من حياة هـذا النَّبيِّ العظيم ، حتى يقول :
<< مات أبوه وأُمُّه ، وكفلته أنا وعمُّه >> (15) .
تمر سنون << جداب >> (16) ، وقد انقطع فيها الغيث ، وضحل الماء ، فيبس مِنَ الحشيش ما كان على اخضرارٍ ، وجفَّ من الضَّـرع ما كان ذلك الدَّرور . فكانتِ الحياة لديهم تلك الخشنة الملمس ، الجافة الحواشي ، الجهمة الطلعة ،فاسودَّت منهم النظرة ، وكساهمُ الوجد والأسى ، والرعب ، والخوف ...
وليس ثم من شفيعٍ إليه يضرعون ، سوى عبد المطَّلب فبروحيَّته يدعونه ، ليتقدم الى ربهِ ، فتجود عليهم السماء بالقطر ، وتعود لهم الحياة كما كانت من قبل ... وإنه للمشفع عند ربه ...
وقد دلتهم على هـذا الوجيه عند الله ، والوسيط الذي لا ترد له وساطةٌ ... دلتهم عليه رؤنـاً في المنام ، بصفاتٍ كريمةٍ ، وأوصافٍ رقاقٍ (17) .
ها هو عبد المطلب ، ـ وقد أخذ حفيده محمداً ـ فندَّت شفتاه بدعوات ، انبعثت من قلبٍ يسيل رقَّةً ، ويطفح إِيماناً :
{ لاهُمَّ هؤلاء عبيدك وبنو عبيدك ، وإماؤُك وبنو إمائك ، وقد نزل بنا ما ترى ، وتتابعت علينا هـذه السنون ، فذهبت بالظّلف والخفِّ والحافر ، فأشفت على الإنفس ... فإذهب عنَّا الجدب ، وائتنا بالحياة والخصب } (18) .
يا للدعوة المؤمنة ، تصعد الى السماء ، فلا يحجبها شيءٌ ... و يا للدعوة المؤمنة ، يسمعها الربُّ الرحيم فيُجيب النداء ! .
فلم يبرحوا الجبل ، إلاَّ والسماء متراكمة السُّحب تحمل << الخصب >> وتُغدق << الحياة >> وتطرد << الجدب >> المقمحل وتنهمر السماء مدراراً ، وتجود السُّحب ، وتسيل الأودية ...
فهذه <<رقيقة>> بنت ابي صيفي بن هاشم ، ينطلق لسانها بشعرٍ ، يُعبِّر عن مدى الفرحة ، وتهزج بلسان حلوٍ :


بشــــيبةِ الحمــدِ أســـقى الله بلدتنـــا ***** وقــدْ عـدمنـــا الحيا ، واجلَّــوذَ المطَــرُ (19)
فجـــادَ بالمــاءِ جُونـــيٌّ لــهُ سَـــبَلٌ ***** دانٍ ، فعاشـتْ بـهِ الأنعــــامُ والشَّــــجرُ (20)
مَنَّـــاً مِـنَ الله بــالميمونِ طـــائرًهُ ***** وخـيرِ مَـنْ بشَّــرتْ ــ يومـاً ــ بـه مُضَـرُ
مبـاركُ الاسـمِ ، يُستســقى الغمـام بـهِ ***** مـافي الأنـــامِ لــهْ عـــدلٌ ، ولا خطـــرُ (21)


وكان له دعـــاء اخر لطلب التوسل بالله لنفس الموضوع ولكننا اكتفينا بهــذا ، والذي يريد ان يطلع اكثر فيراجع ( كتاب ابو طالب مؤمن قريش للشيخ الخنيزي )
وتمضي حياة عبد المطلب : خضلة الحواشي ، مشرقة السَّنى ، وهَّـاجةَ النُّـور ، مليئـة بـإرهاصات النَّبي المنتظر ، وإنه ليس ينسى هـذا الذي استأثر بقلبه ، وآثره على بضعـةٍ من ولده .... إنه لن ينساه ، حتى في آخر لحظةٍ ، تُختم به حياته المديـدة ، التي بلغـت المئـة والعشرون ـ على قولٍ ـ ونيَّف على الخمسة والثمانون ـ في قولٍ آخـر .
إنـه وهـو يعالج سكرات الموت ، لَيُدير عينيه في ولـده ، وقـد أحفُّـوا بـه ، ليختار من بينهم مَنْ يُلقي عليه مهمَّـةً شغلت منه فكره ... وليست هـذه بالمهمَّـة اللّينة ، فعليـه : أن يُحسن الاختيار ، ليُغمض عينين قريرتين .
ويمتـدُّ بصـره ، ليلتقي بأبي طالب . فليس خيراً من هـذا ، تُلقى على كاهله هـذه المهمَّة الشَّاقَّة ، وهو الذي شاركه في القيام بها ، منذ بزغ نور هـذ السِّــراح السَّـاطع :


أُوصيكَ ـ يا عبـدَ منافِ ! ـ بعــدِيْ ***** بموحَــدٍ ـ بعــدَ أبيــهِ ـ فــردِ (22)


ويُردف بقوله :


وصَّيـــتُ مَـــنْ كنَّيْتُـــــهُ بطــــالبِ ***** عـبــدِ منــافٍ ، وهــوَ ذوْ تجــاربِ (23)
بــابن الحبيــبِ أكـــرمِ الأقـــاربِ ***** بـابن الــذيْ قـدْ غـابِ ، غــيرَ آئــبِ (24)


وتقع هذه الوصية ، مِنْ نفس أبي طالبٍ ، مكانها العميق ، فيرضى بها :


لا توصِـــني بــــلازمٍ وواجــبِ ***** إنَّـــيْ سمعــــتُ أعجـــبَ العجــــائبِ
مِـــن كـــلِّ حـــبرِ عــــالمِ وكـــاتبِ ***** بَــانَ ـ بحمـــدِ اللهِ ـ قــلُ الراهــــبِ (25)


ويعـود عبد المطالب للقول :
[ انظر ـ يا أبا طالب ! ـ أن تكون حافظاً لهــذا الوحيــد ، الذي لم يشم رائحة أبيه ، ولم يذق شفقة أُمَّه ، انظر انْ يكون ـ من جسـدك ـ بمنزلة كبدك . فإني قد تركت بنيَّ كلَّهم وخصصتك به ، لأنك مِن أُم أبيـه ، واعلـم (26) ، فان اسـتطعت أن تتبعه فافعل ، وانصره بلسانك ، ويـدك ، ومالك .
فإن الله سيسودكم ، ويملك مالا يملك أحدٌ من آبائي (27) . هـل قبلت ؟ ]
فأجابه : << قـد قبلتُ . والله على ذلك شاهدٌ ! >> .
ومـدَّ يده إليه ، فضرب بها على يد ابنه ـ أبي طالب ـ وأرسل كلمته المنبثقة من عميق قلبه وقد استراح مِنْ عناء هـذه المهمَّة الثقيلة ، واستقبل الموت بطمأنينة وضميرٍ
<< الآن خُفّف عليَّ الموت ! >> .
وراح يغمره بفيضٍ من قبلات الحنان ، تحمل شفقة الوالد الحدب ، ويقول :
<< أشهد أني لم أرَ أحـداً ـ في ولدي ـ أطيب ريحاً منك ، ولا أحسن وجهاً >> (28) .
الذي يود ان يطلع على اكثر من هأذه المعلومات ، فيراجع كتاب ( اثبات الوصية للمسعودي ، و ابو طالب مؤمن قريش للشيخ الخنيزي )



ولا تنسوني ووالدي من الدعــــاء



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

(1) السيرة الحلبية 5 : 1 ، والنبوية 21 : 1 ، والبحار 38 : 6 ، والعباس 17 ، وينابيع المودة 90 : 2 .
(2) السيرة الحلبية ص4 ج1 . ويذكر ابن الأثير في تأريخه ص209 لهذه الحادثة ، صورةً غير هذه . ويعزو قتل اليهودي ، إلى أنه تاجرٌ ذو مالٍ وفيرٍ ، مما أغــاظ حرباً ، وأثار كوامن حسـده ، ورواسب نفسـه ، فدفع إليه من قتله ، وأخذ ماله ، ... ثم يزيد عليها : إنهما تنافرا الى النجاشي ملك الحبشة ، فأبى ان يدخل بينهما ، فحكم بينهما نفيل بن عبد العزَّى العدويُّ ،، جدُّ عمر بن الخطاب " فقال ، لحربٍ :[ يا أبا عمرو ! أُتنافر رجلاً هو أطول منك قامةً ، وأوسم وسامةً ، واعظم منك هامةً ، واقلُّ منك ملامةً ، وأكثر منك ولداً ، وأجزل منك صفدا ـ << أي : اكثر منك عطاء >> ـ واطول منك لدداً ] ـ الخ .
وأشير إليها في حليف مخزوم ص 27 ـ في حادثةٍ تختلف خطوطها الأوليَّة عن هذه ـ كما أُشــير للمنافرة في البيان والتبيين 293 : 1 .
(3) يقول ابن أبي الحديد في شرحه 39 : 1 عند عرضه للأُمَّة التي بعث الله فيها محمداً .
<< فأمّا الذين ليسوا بمعطّلةٍ من العـرب ، فالقليل منهم ، المتألَّهون أصحاب الورع والتحرُّج عنِ القبائح ، كعبد الله ، وعبد المطلب ، وابنه ابي طالبٍ >> الخ .
(4) الكامل لابن الأثير 261 : 1 ، البحار 23 : 6 ، ومروج الذهب 128 : 2 ، وفيـه : ( قراكا ) ، بدلً مِنْ ( فناكا ) .
(5) كذلك وجدناها . ولعلَّ فاعل (يصل) ضميرٌ يعود لأبرهة .
(6) السِّرة النَّبويَّة ص 66 ج1 .
(7) أعيان الشِّيعة 6 ، 7 : 2 ، وذُكر البيان الأوَّلان ، بإبدال (بالبيت) عن (بالله) في مروج الذهب 281 : 2 وذُكر البيت الاول وصدر الثاني في البحار 79 : 6 ، وكاملةً ، مع اختلافٍ في بعض الكلمات ، في البحار (أيضاً) 91 / 6 .
(8) السيرة الحلبية 129 : 1 ، والنبوية 23 : 1 ، والهاشميّة 178 : 1 ، والبحار 42 : 6 ، والعباس 18 ، هامش السيرة 185 : 1 .
(9) المجالس السنية 36 : 4 .
(10) القافة : العارفون بالآثار . والقيافة : تتبع الآثار .
(11) يُريدون بالقدم : قدم إبراهيم الخليل " " .
ارجع للحادثة إلى : السيرة الحلبية 129 : 1 وذكرت في كل من : البحار 48 : 6 ، وتذكرة الخواص 8 ، وأعيان 10 : 2 بزيادة : << إن عبد المطلب ، قال لأبي طالب : اسمع ما يقولون >> .
(12) ذُكرت هذه الجملة في الاستيعاب ـ ص 14 ج1 ـ وقد اشار لهذه القصة ، إشارة من بعيدٍ .
(13) ـ النُقب ـ بضم نونه ـ الطَّريق في الجبل .
(14) أُشير لها ـ مِنَ الشاطيء البعيد ـ في أعيان الشِّعة 9 : 2 .
(15) شئنا الاقتضاب في تسجيل هـذه الحادثة . ومّـنْ شاءها في شيءٍ مِـنْ تفصيلٍ ، فليرجع للسيرة الحلبية 135ــ 137/ 1 ، والنبوية 66 ــ 68 و 79 : 1 ، والبحار 28 : 6 .
(16) ـ لم نجد ـ في اللُّغة ـ صورةً لهذا الجمع .
(17) ارجع لمعرفة الرؤيا ، للسيرة الحلبية : 131 ـ 133ج1 ، ولشرح النهج : 255 / 2
(18) الحياة ـ هنا ـ بمعنى المطر . وتأتي بمعنى الخصب والنبات .
(19) اجلوذ المطر : طال تأخُّر هطوله .
(20) الجون : ضدٌّ ، يُطـلق على : الأبيض والأسـود ، وألـوانٍ أُخر مضـادَّة . والجُّوْنيُّ ـ بواوٍ مضمومٍ ما قبلها ـ ضرْبٌ مِن القطا ، سود البطون والأجنحة .
وعلى أيِّ معنىً ، فالكلمة ـ هنا ـ على سبيل الكناية ، يُراد منها : وفرة المطر ، وكثرة انهماره . ويُوضح هذا كلمتا : << له سَبَلٌّ >> بفتح السين والباء ـ أي : له انهيارٌ ، وهطولٌ منصبٌّ .
(21) السِّـيرة الحلبية 133 : 1 ، والنبوية 64 / 1 ، والبحار 127 ، 128 ج6 ، وشرح النهج 255 : 2 ، وفيه البيتان الأولان فقط ، واختلاف في دعاء عبد المطلب عن هـذه الصورة .
(22) ص7 قسم 1 ج3 أعيان الشيعة ، ص125 ج 39 منه ، خمسة أبياتٍ ، وعمـدة الطالب ص6 ، بـإبـدال << موحدٍ >> بواحـدٍ ، والمناقب 21 / 1 ، والبحار 47 / 6 في (5) أبياتٍ . ومعجم القبور 183 / 1 .
(23) أعيان الشيعة ، ص125 : 39 ـ جاء فيه : [كـفيت] ، بدل كنيته . وعلّق عليها سماحة المؤلّف المقـدّس ، فقرَّ بها بـ[ كفلته ] ، وهو لم يلتفت لذلك ، لأن الخطاب موجه لأبي طالب ، وهو الذي كنّاه بهـذه الكونية ، ولم يُوصي به من اسمه << طالب >> على أنه يجب ـ حينئذٍ على رأي سماحته ـ أنْ ينصب << طالباً >> ، بعد حذف الباء منه ، فيكون << وصَّيتُ مَنْ كفلته طالباً >> لأنَّ وصَى المشدَّدة مِنَ الأفعال المتعدية لمفعولٍ واحدٍ بنفسها . ثم نختار ، بعـد ذلك ، باسـم عبد مناف ، لأنه يكون عندنا حينئذٍ ، اسمان : طالب ، وعبد مناف ، في حين أنهما : اسم وكنيةٌ .
(24) الاعيان ـ في جزئيه ـ والعباس ص 19 .
وذكر صدر البيت الاول في مروج الذهب ص 132 ج 2 ، وعجز الثاني بإبدال <<
ليس بآئب >> وذُكر البيت الأول في عندة الطالب ص 6 ، ومعجم القبور 84 / 1 .
(25) المناقب ص 21 ج1 ، والعباس ص 19 ، والأعيان 125 ج39 .
(26) في المجالس السِّنية 37 / 4 ، والبحار 43 / 6 زيادةٌ بعـد هـذا :
يا أبا طالبٍ ! إن أدركت أَيامه ، تعلم : أني كنت أبصر الناس به ، وأعلم الناس به ، فإن استطعت ـ الخ .
(27) وفيهما بعـد هـذا أيضاً :
يا أبا طالب ! ما أعلم أحداً مِنْ آبائك ، مات عنه أبوه ، على حال أبيه ، ولا أُمُّه على حال اُمِّـه فأحفظه لوحدته ــ الخ .
(28) البحار ص 43 ج6 . وذُكرت ـ في إثبات الوصية ص 107 ـ وصيَّـة عبد المطَّلب لأبي طالب في صورة غير هـذه . وذكرت لها صورةٌ أُخرى في كتاب << الحجة >> ص 77


توقيع : م_علي
من مواضيع : م_علي 0 الغراب في القرآن
0 فلسفة البكاء على الإمام الحسين عليه السلام
0 الخليفة الشرعي
0 أعظم الله اجورنا بمصابنا بالحسين سلام الله عليه
0 تبكيك عيني لا لأجل مثوبة ٍ
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 08:29 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية