11 - عدة أسئلة من مجموعة حكيميون تتمحور في كيفية التمييز بين رايات الهدى ورايات الضلال
الجواب:
كون الشخص مهتدياً عليه أن عدة شرائط، وهذه الشرائط وإن لم يشر لها بمعية ذكر أصحابها ولكن هي تحصيل حاصل فالهدى ليس لباسا نلبسه ونغيره متى نريد، بل هو منظومة فكرية وسلوكية نمارسها ونفكر ضمن هداها ولهذا أن تكون الراية هادية يجب ان تؤّمن هذه الشرائط وأولاها ان يكون صاحبها يحمل منظومة عقائدية سليمة تماماً، بصورة لا تخالف ضرورات المذهب ولا تشذ عن السيرة العاطرة لعلمائنا الأعلام وما نقصده هنا ليس مجرد الكلام عن ولاية الامير عليه السلام بل نتحدث عن كل التفاصيل المتعلقة بهذه الولاية وطبيعة ما يترتب عليها من إلتزامات واستحقاقات، وثانيها أن يكون عمله مغطى بالغطاء الشرعي الذي لا شبهة فيه، وحيث اننا امرنا في زمن الغيبة أن نتبع العلماء الأعلام فإن الغطاء الشرعي الذي نتحدث عنه سيكون هو طبيعة موقع المرجعية من عمله، لأن الهادي لا يمكن إلا أن يكون أحد ثلاثة: فهو إما أن يكون مرجعا فيؤمن الغطاء الشرعي وفق رؤاه الشرعية وادلة استنباطه للأحكام، وإما ان يكون محتاطاً وهذا يجب ان يكون مجتهداً أو مضارعاً للإجتهاد او أن يكون مقلداً لأحد المراجع ويلتزم بفتياه وأحكامه ضمن الحدود المبينة في الشريعة المقدسة، وحينما نتحدث عن المراجع لا نتحدث عن المراجع الذين يصنعهم الإعلام أو الأحزاب، وإنما نتحدث عن المنظومة العلمية التي انتجت طوال عمر المذهب الشريف مراجعها وامدّت الطائفة بما تحتاجه من أحكام فقهية، ولهذا نعرف الراية الهادية من خلال علاقتها بالمرجعية وخلافها مع المرجعية تعني حكماً خروجها عن الهدى، وثالثها أن يكون بعيداً عن طلب الدنيا فالشيعة في وصف الإمام الصادق عليه السلام إنما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب ويطمع طمع الغراب، ونقصد بالدنيا هنا أن تكون الدنيا هي هدفه ومصاديق ذلك كثيرة ودقيقة تبتدأ من طلب الوجاهة على حساب الدين ولو من خلال ان يطبع بنفسه صورته ويروجها او يطلب ترويجها، ولا تنتهي بأفحش موبقاتها فحب الدنيا رأس كل خطيئة فإفرازاتها كثيرة جداً ومظاهره لا نهاية لها، ولا يمكن للهادي أن يتجه باتجاهها، ورابعها أن يكون رحيماً متذللاً لشيعة أئمة أهل البيت عليهم السلام وصلباً في البراءة من أعدائهم لوضوح إذ أن ذلك من مسلمات قوله: إني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم موال لمن واليتم ومعاد لمن عاديتم، ومصاديقها كثيرة تبتدأ من طريقة تعامله الإجتماعي والأخلاقي معهم، ولا تنتهي عند مواضيعهم المتعلقة بأموالهم ودمائهم وأعراضهم وعقيدتهم، إذ إن الهادي يجب ان يكون هو الأحرص على كل ما يتعلّق بمصالحهم، وهو لن يتخلى عنها حتى لو نكبه هؤلاء بالصد والرد، إذ إن له بأبي الأحرار صلوات الله عليه أسوة ومثال.
وهنا أنبّه إلى القاعدة الكلية والحاسمة في هذا المجال والتي يطرحها الأمير صلوات الله عليه بقوله: إعرف الحق تعرف أهله، ولا يعرف الحق بالرجال، وإنما يعرف الرجال بالحق، فهي قاعدة مهمة جداً ترشدنا إلى ضرورة التقصّي عن الرجال من خلال موضعهم من الحق، فلقد أرتنا أيامنا كيف أن الرجال يتلونون ويتغيرون وتختلط علينا اوراقهم وصورهم، ولكن رجوعنا إلى هذه القواعد هو الذي يمكننا وحده من الوصول إلى حقيقتهم وما يخبؤون.
هذه القواعد هي التي يجب أن ترعى بمعية الأوصاف الأخرى الزمانية والمكانية التي ذكرت في الروايات، فرايات الهدى التي يُشار لها بالروايات هي راية الخراساني وقائد جيشه شعيب بن صالح واليماني وهو أهدى الرايات والحسني وهو صاحب النفس الزكية بالرغم من أنه ليس بصاحب راية، أما رايات الضلال وواجهاته المذكورة فهم الشيصباني وخروجه قبل السفياني وحسب الظاهر هو صاحب البترية الذي سيخرجون على الإمام روحي فداه بعد وصوله إلى النجف، والسفياني، وعوف السلمي ومقره في تكريت وقد أوضحنا في علامات الظهور ان بني سلمة هم الجبور، وفيما خلا الشيصباني فإن البقية تعمل خارج مجتمع المنتظرين إلا أن الشيصباني سيكون في داخل القواعد المنتظرة.
وقد شخّص الأئمة صلوات الله عليهم في رواياتهم مواصفات كل شخص ومكانه، على أن أزمنة هؤلاء واحدة ولهذا يمكن الإستدلال بأحدهم على الاخر واليماني والسفياني هم من العلامات الحتمية وبمعية الخراساني فإن خروج هؤلاء الثلاثة سيكون في عام واحد في شهر واحد في يوم واحد كما تعبر رواية الإمام الباقر صلوات الله عليه.