135 - عابس العراقي (الموقع الخاص): بخصوص هذه الرواية عن عمار ابن ياسر رضي الله عنه قال: إذا رايتم الشام اجتمع أمرها على ابن أبي سفيان فالحقوا بمكة. الفتن للمروزي /144، نرجو جوابكم بخصوص هذه الرواية، علماً إن مكة الآن بيد أعداء آل البيت، وفي وقت خروج السفياني هل نستطيع وقتها الذهاب الى مكة، وترفع القيود عن اتباع ال البيت ...أو أن مكة غير المقصودة؟
الجواب: لا شك أن مكة في هذا الخبر هي عين مكة الحالية، وليس المراد في مثل هذه الأخبار تحديد مكان حصري، بل إن أصل الخبر يتحدث عن أن مكة ستنجو من شر السفياني ولن يصل إليها، وذكر مكة المكرمة هنا ذكر بالنسبة لمن يتمكن من الوصول إليها، ولا يريد أن يُشارك في جيوش النصرة التي ستقاتل السفياني كجيش اليماني وجيش الخراساني، أما بالنسبة لمن يريد أن يدرك هذه الجيوش فإن محلها بعيد عن مكة والعراق يكون هو المتعيّن، والخبر في مفاده حديث عن أن الأبواب لن تكون موصدة أمام من يريد التملص من السفياني، وهو من جملة الأخبار التي تسوق الإنسان لعدم تهويل شأن السفياني عليه لعائن الله.
وكقاعدة عامة فإن ذكر بعض المناطق في الروايات والأخبار كما هو الحال في هذا الخبر، لا يتعلق بأمر حصري، بل يتعلق بطبيعة الإمكان المتاح، فالحديث الوارد عنهم صلوات الله عليهم في شأن الإقبال إليهم إن ما خرج ابن آكلة الأكباد وأمثاله، إنما يتحدث عن المكان الذي يمكن للإنسان أن يصل إليه ويلبي هذه الدعوة، ولكنه لم يحدد هذا المكان، فمن كان بإمكانه أن يدرك اليماني في العراق فليفعل، أو يدرك الخراساني في إيران فليفعل، أو يدرك المدينة في أول خروج السفياني فليفعل، وهكذا الشأن بمكة المكرمة، وأنت ترى أن أمرهم صلوات الله عليهم بالإقبال عليهم في حال خروج السفياني متقدم تاريخياً على ظهور الإمام صلوات الله عليه فضلاً عن خروجه، ولذلك فلا جهة محددة في الخبر تقصد وجودهم المباشر روحي فداهم، وإنما هي الجهات التي تواليهم وتكون حاضرة لإبداء المناصرة أو تريد أن تبقى سالمة لتنتظر خروج الإمام صلوات الله عليه لتقاتل معه، كما هو حال من لا يدرك اليماني أو الخراساني أو لم يتأكد أنهما هما المعنيان بالروايات الشريفة التي ذكرتهما أو لا يريد أن يكون سبّاقاً للنصرة مكتفياً بالانتظار لحين خروج الإمام روحي وأرواح العالمين له الفدا.
أما بالنسبة لمكة فإنها ستبقى عادية لأهل البيت عليهم السلام لفترة حتى بعد خروج الإمام صلوات الله عليه، بل ورد في بعض الروايات أن أهلها سيقتلون وكيل الإمام بأبي وأمي بعد انصرافه منها إلى العراق، فيعيّن لهم وكيلاً ثانياً فيعودون لقتله، مما يجعله يعود إليهم ليفتك بالأعراب ويمزقهم شر ممزق، وفي مثل هذه الأخبار لا يراد بمكة عينها، وإنما ما تمثله من نظام سياسي.