مقدّمة المركز
لا يخفى أنّنا لازلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والافهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.
وانطلاقاً من ذلك، فقد بادر مركز الابحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني ـ مدّ ظلّه ـ إلى اتّخاذ منهج ينتظم على عدّة محاور بهدف طرح الفكر الاسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن.
ومن هذه المحاور: عقد الندوات العقائديّة المختصّة، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين، التي تقوم نوعاً على الموضوعات الهامّة، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد
الصفحة 6 والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها، ثم يخضع ذلك الموضوع ـ بطبيعة الحال ـ للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول على أفضل النتائج.
ولاجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الانترنت العالمية صوتاً وكتابةً.
كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم.
وأخيراً، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان «سلسلة الندوات العقائدية» بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.
وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.
سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.
مركز الابحاث العقائدية
فارس الحسّون
الصفحة 7 بسم الله الرحمن الرحيمتمهيد
الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الاوّلين والاخرين.
بحثنا حول عقائد ابن تيميّة ومواقفه من الشيعة الاماميّة وأئمّتهم وعقائدهم.
حول ابن تيميّة وعقائده وأفكاره كتب ألّفها علماء وكتّاب من الشيعة والسنّة، منذ قديم الايّام، وإذا أردنا أن نتكلّم عمّا في كتبه وعمّا في كتب القوم حول هذا الرجل، فلابدّ وأن يكون بحثنا في ثلاثة فصول:
الفصل الاوّل: في عقائده.
الفصل الثاني: في علمه وحدود معلوماته.
والفصل الثالث: في عدالة هذا الرجل.
ولابدّ في كلّ شخصيّة يراد الاستفادة منها، ويراد الاقتداء بها،
الصفحة 8 وأخذ معالم الدين ومعارف الشريعة من تلك الشخصية، لابدّ وأن تتوفّر فيها هذه الجهات الثلاث:
أن لا يكون منحرفاً في عقائده.
وأن يكون عالماً حقّاً.
وأن يكون عادلاً في سلوكه، أي في أقواله وأفعاله وكتاباته وأحكامه وإلى آخره.
فالمنحرف فكرياً لا يصلح لان يكون هادياً.
والجاهل لا يصلح لان يكون إماماً.
والفاسق لا يصلح لان يقبل كلامه ويرتّب الاثر على أقواله.
والبحث حول هذه الشخصيّة من هذه الجهات كلّها، يستغرق وقتاً كثيراً، وقد خصّصت ليلة واحدة فقط للبحث عن ابن تيميّة، فرأيت من الانسب والارجح أن أتعرّض لما في كتابه منهاج السنّة من التعريض بأمير المؤمنين (عليه السلام) وأكتفي بهذا المقدار، لانّ كتابه منهاج السنّة مشحون بالتعريض والتعرّض لامير المؤمنين، وللزهراء البتول، وللائمّة الاطهار، وللمهدي عجّل الله فرجه، ولشيعتهم وأنصارهم، بصورة مفصّلة، وحتّى أنّه في كتاب منهاج السنّة يدافع بكثرة وبشدّة عن بني أُميّة، وعن أعداء أمير المؤمنين بصورة عامّة، وحتّى أنّه يدافع عن ابن ملجم المرادي أشقى الاخرين، ويسبّ شيعة أهل البيت سبّاً فظيعاً.