|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77449
|
الإنتساب : Feb 2013
|
المشاركات : 320
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الرحيق المختوم
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
حب الحسين وعلاقته بالفطرة 8
بتاريخ : 15-01-2014 الساعة : 03:27 PM
إن دور الأنبياء هو كشف النزعات الحسنة في وجود الناس والتي تسمّى بالفطرة. إنّ الفطرة هي ذاك القسم العظيم والخفي في روح الإنسان الذي لابدّ أن يظهر ويبرز شيئا فشيئا. فنحن بفطرتنا نعرف الصالحين في هذا العالم كما نعرف بها الحسنات ونعرف بها الله وحياة الآخرة ومدى انحطاط الحياة الدنيا وأفضلية الخلود وكذلك نعرف بها جميع أسماء الله سبحانه، وإلى جانب هذه المعارف كلها نعشق جميع ما عرفناه بفطرتنا. وكل مصائبنا هي أن هذه المعارف والنزعات خفية كامنة. فيأتي الأنبياء ويذكرون الناس وينبهونهم كي تظهر هذه النزعات الدفينة ويدعون هؤلاء الناس الذين ابتعدوا عن فطرتهم إلى العود إلى أنفسهم. ولهذا قال النبي(ص): «مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ»(غرر الحکم /301) یعنی أن معرفة هذه الفطرة الطاهرة هي عين معرفة ربّ العالمين.
أرجوكم أن تقفوا عند هذه الفطرة وتتأملوا فيها، فعندها سوف تعيشون أطيب أوقاتكم وأكثرها حرارة وحماسا. وسوف ترون هذه الحقيقة أن جربتموها وعشتموها. إن باطنكم وأعماق روحكم من الجمال والبداعة بمكان بحيث إذا التهيتم وانشغلتم بتفرّج جمال روحكم تستغنون عن العالم بأسره.
لابد لك من أخذ موعد مع نفسك
ولكن إن لم تعيشوا هذه الأجواء وكنتم في شك من هذا الكلام فدليلي هو كلام النبي(ص) حيث قال: «من عرف نفسه فقد عرف ربّه». فمعرفة النفس هي عين معرفة الله سبحانه. وهل تعلمون أن لقاء الله هو الذروة في الجنّة بحيث تسقط الجنة من عين الإنسان إن نال لقاء الله سبحانه؟! فلاق نفسك وزر نفسك أيها الإنسان، تسقط الجنة من عينك حتى وإن كنت متنعما في الجنان. إذ من عرف نفسك فقد عرف ربّه. وهناك آداب لملاقات النفس وزيارتها لابدّ من مراعاتها. أحد هذه الآداب والأعراف الدبلماسية في جلسة اللقاء مع النفس هي أن تتساءل مع نفسك عن مآل ما تقوم به من أعمال ونشاطات. فسلها: ثم ماذا...؟ فخاطب نفسك إن كنت طالبا جامعيا مثلا وقل: لنفرض أن ارتقيت في العلم وأصبحت عضوا في الهيئة العلمية في الجامعة أو أصبحت أستاذا وبدأ الناس يخاطبونك بعنوان «الدكتور» و... ثم ماذا؟! اعط موعدا لنفسك إذ لابد لك من أخذ موعد مع نفسك. أنت بحاجة إلى هذه الجلسات مع نفسك لكي تعرف ما تريد وما تروم، فإنك إن عرف ما تريده فزت وفلحت. ثم تمضي باقي أيام حياتك والها بذكره مشغولا بمناجاته ملازما له. فمثل هذا الإنسان إن يخف الله لم يخفه من كثرة ذنوبه، بل يتّقيه مخافة أن لم يقدر على أداء حقّ محبّته. فلا تتوهموا أن خوف أولياء الله من قبيل خوفنا وقلقنا. «نَظَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌ(ع) إِلَى رَجُلٍ [فَرَأَى] أَثَرَ الْخَوْفِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا بَالُكَ قَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ. قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ خَفْ ذُنُوبَكَ، وَ خَفْ عَدْلَ اللَّهِ عَلَيْكَ فِي مَظَالِمِ عِبَادِهِ، وَ أَطِعْهُ فِيمَا كَلَّفَكَ، وَ لَا تَعْصِهِ فِيمَا يُصْلِحُكَ، ثُمَّ لَاتَخَفِ اللَّهَ بَعْدَ ذَلِك.»[التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكري(ع)/ص265].
نقل لي نجل الشيخ بهجت(رض) عن بعض حالات والده فقال: «كنت عندما أنادي والدي أشعر بأنه قد رجع من سفر بعيد طويل، فكان يجيبني ثم يرجع إلى حيث ما كان.» وهذه هي الفطرة. المشكلة كلّ المشكلة هي أن لا تزدهر هذه الفطرة.
لماذا أطول فترة خداع عاشها الناس هي «الليبراليّة»؟
هل تعلمون بماذا خدعوا الناس في الغرب؟ بمصطلح «الرجوع إلى الذات» المزوّر أو بمصطلحات أخرى من قبيل «كن كما كنت»، فهذه هي مصطلحات مزورة وزائفة لحقيقة «من عرف نفسه». لماذا انخدع الناس بالليبراليّة وكانت أطول فترة خداع عاشها الإنسان هي الليبراليّة؟ إذ قد خدعوا الناس بكلمات مغرية من قبيل «كن كما كنت» و «كن حرّا» و «ابتغ ما طاب لك». والواقع هو أنّ الله سبحانه أيضا يخاطبنا بنفس هذه الكلمات مع فارق أن الله يقول: «كن كما كنت في أعماق باطنك»، ويقول الغربيّون: «كن كما كنت في ظاهرك».
سرّ جاذبية الأفلام الهوليودية، هو الدعوة إلى «الذات الظاهرة» بدلا عن «الذات الكامنة».
إذا استطاع فنّان متضلّع أن يقف على سر جاذبية الأفلام الهوليودية ويعرف الوتر الذي تدقّ عليه الليبرالية في حركة إغوائها الشعوب، يستطيع عند ذلك أن يكشف حقيقة هذا الخداع للناس وينقذهم منه. وكذلك كان سرّ نجاح الماركسيين هو استغلال شعار «العدالة» المغري والمزيّف. فقد ترجموا العدالة كذبا وزورا بالمساواة والاشتراكية وبهذا خدعوا الناس وإن لم يطل أمد هذا الخداع. وفي المقابل قام الغربيون بترجمة «العودة إلى الذات» بأصالة الإنسان والنزعات السطحية لدى الإنسان وبهذا الأسلوب كسبوا الناس وخدعوهم. وحان اليوم وقت اتضاح هذا الخداع الكبير وحان وقت العودة إلى الفطرة.
يتبع إن شاء الله...
|
|
|
|
|