|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77449
|
الإنتساب : Feb 2013
|
المشاركات : 320
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الرحيق المختوم
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
شرح خطبة المتقين للإستاذ بناهيان الجلسة 3
بتاريخ : 25-01-2014 الساعة : 04:36 PM
هذا الذي بين يديك أيها القارئ العزيز هو الجلسة الثالثة من سلسلة أبحاث سماحة حجة الإسلام والمسلمين بناهيان في شرح خطبة المتقين لأمير المؤمنين(ع) حيث ألقاها في جمع من طلاب وأساتذة الجامعة في مسجد جامعة طهران. تمت ترجمتها لما تنطوي على أبحاث بديعة في مختلف المواضيع الأخلاقية. أسأل الله تعالى أن يوفقنا لترجمة جميع الأبحاث تماما كي لا تقتصر فائدتها على من له معرفة باللغة الفارسية. وأسأله كذلك أن يتقبل هذا العمل القليل خدمة للإسلام والمسلمين ويعصمه من آفات النفس الأمارة والشيطان الرجيم، إنه أرحم الراحمين.
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا وحبيبنا أبي القاسم المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين.
نظرة قصيرة أخرى إلى روائع هذه الخطبة
بودّي أن أشير مرة أخرى إلى إحدى خصائص هذه الخطبة المباركة كمدخل للبحث، ثم ننتقل إلى تكملة الأبحاث. من الضروري لكل إنسان أن يستعرض هذه الخطبة لما تتصف به من الشمولية بمستوى كبير. فأحيانا نحن نملك الحافز اللازم للصلاح، وكذلك نحظى برأس مال جيّد لنيل الصلاح، ولكن لم نُحص الفضائل ومصاديق هذا الصلاح كي لا تفوتنا واحدة منها. فمرور الفضائل معا حال كونها مجموعة منتظمة واحدة أمر ضروري لكل من أراد أن يحصل على هذه الفضائل. كما أن لهذه الخطبة إنجازات وآثارا أخرى سأشير إليها لاحقا إن شاء الله.
في الواقع إن خطبة المتقين هي أمطار الفضائل، فكل من يقف تحت فيضها وتسقط قطرات فضائلها على فكره ومشاعره، تنبت أثمارا وأزهارا في وجوده.
خصائص السؤال الجيّد
لقد قال لي الإخوة إنه كان أثر أبحاث الجلسة الماضية هو أن نمتنع عن طرح السؤال تماما، وعليه فاقتضت الضرورة على أن نؤكد الجانب الإيجابي في السؤال ونذكر مواطن الحسن والصلاح في إبداء السؤال. مع أنّي لم أرفض في الجلسة الماضية السؤال الحسن، بل إنما قلت: لابدّ أن نتجنب السؤال السيئ. إن ما أردت أن أؤكد عليه هو أن نقوم بتقييم أسئلتنا ونبحث عن دوافعه وحوافزه حتى أن ندرس أسئلتنا من الناحية النفسية. وهذا ما قام به القرآن بشكل دقيق جدا. من أهم الفوارق الموجودة بين القرآن والكتب العلمية هو أن الكتب العلمية تطرح السؤال وتجيب عنه، بيد أن القرآن لا يطرح السؤال والجواب وحسب، بل يطرح دوافع طرح السؤال أيضا وبكل جرأة. فبأمكاننا أن نخوض في معرفة النفس عبر دراسة أسئلتنا والبحث عن جذورها ودوافعها. إما بالإضافة إلى هذه النقاط التي ذكرناها في الجلسة الماضية، أردفنا نقطة أخرى وهي أنه لا داعي لطرح الكثير من الأسئلة الجيّدة، إذ إن «حسن السؤال نصف العلم».[1] إذن بإمكان الإنسان أن يحصل على النصف الباقي عبر الفكر والتأمل. ولهذا لا داعي لطرح السؤال الجيد والحسن أيضا في بعض الأحيان.
ولكن اسمحوا لي في هذه الجلسة أن أثني على الأسئلة الحسنة في بضع جمل قصيرة كي نتدارك بها ما تركته الأبحاث السابقة من أثر سلبيّ ضدّ السؤال. وهي أن السؤال الجيّد ينشأ من مصدرين: فإما هو ناشئ من وحي العلم، وإما ناشئ من وحي الهمّ. ولا يمكن الحصول على الجواب اللازم بدونهما. فتارة تكون الأسئلة من وحي العلم وحسب وليس فيها شيء من الهمّ والألم. فلا أثر لها وللجواب الذي يحصل عليه الإنسان عبر طرحها ولا سيما في المجالات المعنوية. وتارة تصدر من وحي الهمّ والألم المجرد عن العلم. فلأضرب مثالا:
اقترح عليّ بعض الإخوة قبل سنين أن أقيم هنا (في جامعة طهران) جلسات استشارية في المجالات المعنوية لطلاب قسم الطبيّة. فأقبل الطلاب يسجّلون لحجز الموعد لمدّة أسابيع، وفعلا بدأت الجلسات. أما اللطيف والملفت هو أن في تلك الأيام التي كنت بخدمة الطلاب كانت سبعين بالمئة من أسئلة الطلاب متشابهة ومن نمط واحد. كانت قد انطلقت أكثر أسئلتهم من همّ واحد ومشترك بلا أن يصاحبه علم مكمل لذاك الهمّ. إن همّهم الذي دفعهم لطرح أسئلتهم هو أنهم كانوا يريدون أن يعرفوا مدى شأنهم وقدرهم عند الله. فعلى سبيل المثال قال أحدهم: ارتكبت ذنبا وتبت بعد ذلك، فهل قد تقبلها الله أم لا؟ وقال الآخر: اتخذت برنامجا معنويا وتلكأت في تنفيذه فهل يقبلني ربي أم لا؟ وقال آخر: عزمت على القيام بالعمل الفلاني فهل سيجيبني الله أم لا؟ فكان همّهم هو أن يقضون على حالة الغموض في رؤية الله تجاههم. وأنا كنت أشير إلى نقطة في مقام الجواب وأشعر أن لو كانت هذه الحقيقة في علم الإخوة الطلاب لغضوا الطرف عن طرح أمثال هذه الأسئلة. وهي أن الله سبحانه قد أحاط علاقته مع عباده بهالة من الغموض. فلماذا تريدون أن تزيلوا هذا الغموض برمته؟ ولماذا تعتبرون هذا الغموض عائقا في مسار حركتهم المعنوية؟ ولماذا ترون هذا الغموض دليلا على عدم رضا الله عنكم؟
كما سألني صبيحة اليوم أحد الطلاب وقال: أحيانا أفقد الحال المعنوي، وهذا ما يحكي عن عدم رضا الله عني... . فقلت له: لماذا تعتقد بأنك يجب أن تشعر برضا الله عنك وتلمس ذلك؟ فقال لي: لا أريد أن أشعر به من الناحية المادية، بل أريد أن أشعر بذلك عبر حالي المعنوي وروحيتي وبهجتي في العبادة. فقلت له: إنك تأتي بكلمة «المعنویة» ولكنك تريد أن تشعر به من الناحية النفسية والوجدانيّة. بينما يجب أن نفرّق بين المعنى والمسائل المعنوية وبين الحالات والمشاعر النفسيّة. فلا داعي لأن يشعر الإنسان برضا الله. وهنا يأتي دور الإيمان بالغيب. وهنا يأتي دور العقل. ولكنه استغرب هذا الكلام!
يتبع إن شاء الله...
[1]. بحار الأنوار، ج1، ص224.
|
|
|
|
|