|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77449
|
الإنتساب : Feb 2013
|
المشاركات : 320
|
بمعدل : 0.07 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الرحيق المختوم
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
حب الحسين وعلاقته بالفطرة 13
بتاريخ : 27-01-2014 الساعة : 11:22 AM
اغتنموا تجاربكم الفطريّة أيّاً كانت
أيها الإخوة! اغتنموا أي فرصة وأي عامل يزيح الستار والحجاب عن فطرتكم. فحسبكم أن تزيلوا جانبا من حجب الفطرة فإن الحسنات والصالحات ليست أشياء متعددة لا ترابط بينهما بل كلّها جوهرة واحدة. فهي كخزّان الماء أو قربة الماء حيث إذا أصبناها بثقب أو فطر نحصل على الماء كله. إذن يكفينا أن نزيل جانبا من حجاب الفطرة. وهذا أصل مهم في ارتقاء الإنسان وتكامله. ونتيجته هو أن من أجل ازدهار فطرة الإنسان وزوال الحجاب عن الفطرة يكفي أن يزول جانب من الفطرة حقيقة وبشكل عميق.
يقول أمير المؤمنين(ع): «إذا كان فى الرّجل خلّة رائعة فانتظر أخواتها»(بحار الأنوار/ج66/ص411). فمن نال شيئا من الخير سينال باقيه أيضا. حسب الإنسان أن تتفجر في قلبه عين واحدة. طبعا ليس هذا بمعنى أن أي حسنة تقود الإنسان إلى باقي الحسنات والصالحات أو تكون علامة على زوال جانب من حجاب الفطرة في قلبه. بل هناك خصائص وعلامات لابد أن تتوفر في هذا الحسن. عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ ص بِأُسَارَى فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ خَلَا رَجُلًا مِنْ بَيْنِهِمْ فَقَالَ الرَّجُلُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ أَطْلَقْتَ عَنِّي مِنْ بَيْنِهِمْ فَقَالَ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَّ فِيكَ خَمْسَ خِصَالٍ يُحِبُّهَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولُهُ الْغَيْرَةَ الشَّدِيدَةَ عَلَى حَرَمِكَ وَ السَّخَاءَ وَ حُسْنَ الْخُلُقِ وَ صِدْقَ اللِّسَانِ وَ الشَّجَاعَةَ فَلَمَّا سَمِعَهَا الرَّجُلُ أَسْلَمَ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَ قَاتَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ص قِتَالًا شَدِيداً حَتَّى اسْتُشْهِدَ.»(الأمالي للصدوق/ص271)
أي حسنة تحكي عن ازدهار الفطرة؟
ليست كل حسنة هي تلك العين الجارية التي هي منطلق جميع الحسنات والفضائل. وليست كل حسنة علامة على زوال الحجاب من فطرة الإنسان. ولكن بعض الصفات الحسنة تأتي بجميع الفضائل بوحدها. فمن أجل إزاحة الحجاب عن القلب وفي سبيل ازدهار الفطرة يكفينا أن يزدهر جانب من الفطرة، ولكن بشكل عميق.
ما معنى ازدهارها بشكل عميق، وكيف نتوصل إلى هذا العمق؟ الجواب هو أنك إذا حصلت على حبّ فطري واحد وازدهرت في قلبك رغبة فطرية واحدة، سوف تلتذ بها لذة لا تجدها في أي واحدة من الغرائز المادية والحيوانية. فإن عشت حبا أو رغبة من هذا القبيل فهذا يعني أنك قد حصلت على شيء فطري. وعندئذ لا تترك تلك اللذة حتى وإن كان على حساب حياتك وجميع لذاتك المادية. فأين اللذة المادية من اللذة الفطرية؟!
حاول أن تحصل على واحدة منها لتنقذك من جميع اللذات الدنيوية برمّتها. فإنك إن لم تحصل على تلك الحسنة التي تقضي على جميع سيئاتك وتحقّر لك جميع اللذات وتسقطها من عينك، يعني أنك لم تصل إلى أي قسم من فطرتك.
الحسين(ع) هو المنطلق لازدهار الفطرة
كيف نستطيع أن نحقّق هذا الازدهار الأولي في قلوبنا؟ بالحسين. فقد قال نبينا الأعظم(ص): «إنَّ لِقَتلِ الحُسَین حَرارَةً فِی قُلوبِ المؤمنین لا تَبرُدُ أبَداً»(مستدرک الوسائل/ج10/ص318) فلماذا استخدم عبارة الحرارة؟ لأن جميع النزعات الفطرية من هذا القبيل لها حرارة. كذلك قال أمير المؤمنين(ع): «حُبُ اللَّهِ نَارٌ لَا يَمُرُّ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا احْتَرَق»(مصباح الشریعة/ص192).
ولهذا ما كان المنديل يكفي الإمام الخميني(ره) في مسح دموعه في صلاة الليل بل كان يستخدم منشفة أحيانا. إذ كان قد احترق في حب الله. فهل نقدر على فهم ذلك وهل قد جربنا هذا الحبّ في حياتنا؟ إن فطرته كانت مزدهرة بتمامها ولهذا كان يبكي شوقا وحبا وعشقا وحرارة في جوف الليل. وهذا هو أثر القرب الإلهي على قلب الإنسان إذ كل ما يزداد قربا لله يزداد حرارة وحرقة. فقد نبكي نحن في صلواتنا أو في أدعيتنا ومناجاتنا مع الله أيضا، ولكن شتان ما بين البكاء الحاصل من البعد وبين البكاء الحاصل من القرب.
أما الآن فقد أتيحت لنا فرصة استثنائية من قبل الله وهو أن سمح لنا بازدهار الفطرة بحرارة قتل الحسين(ع). في جلسات دعاء كميل والمناجاة أحيانا يبرد المجلس ويذهب عنه حالة الخشوع والبكاء، فتارة يتطرق القارئ إلى إحدى مصائب الحسين(ع) فيشعل المجلس مرة أخرى ويستمر بعد ذلك بالدعاء بمزيد من الخشوع والبكاء. هناك من يعترض على هذا الأسلوب ولكن لماذا؟ فهل دعاء كميل يبطل إن قطعناه لدقائق لفتح طريق القلوب بالحسين(ع)؟ نعم، لا ينبغي أن نزيد ونضيف إلى نص دعاء كميل كلمات وعبارات، ولكن ما المانع من ذكر الحسين(ع) أثناء الدعاء فيما إذا وجدت نفسي أحترق بالحسين(ع) أسهل من أي أسلوب آخر، وأتهيأ للدعاء والمناجاة بذكر الحسين(ع) أفضل من أي وسيلة أخرى؟ فحرارة قتل الحسين(ع) تأخذ بيدي إلى حرارة عشق الله وتفتح الطريق للسلوك باتجاه القرب الإلهي. وما يؤيد هذا الأسلوب والمنهج هو حديث الإمام الرضا(ع) في تعليم بعض آداب الصلاة حيث قال: «وَ انْوِ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ذِكْرَ اللَّهِ وَ ذِكْرَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ اجْعَلْ وَاحِداً مِنَ الْأَئِمَّةِ نَصْبَ عَيْنَيْك»(الفقه المنسوب إلى الإمام الرضا/ص105).
يتبع إن شاء الله...
|
|
|
|
|