قصة الجلودي مع الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام
بتاريخ : 13-12-2015 الساعة : 03:04 PM
قصة الجلودي وقتله
- عيون أخبار الرضا :وكان الجلودي في خلافة الرشيد لما خرج محمد بن جعفر بن محمد بالمدينة بعثه الرشيد وأمره إن ظفر به أن يضرب عنقه ، وأن يغير على دور آل أبي طالب وأن يسلب نساءهم ولا يدع على واحدة منهن إلا ثوبا واحدا ، ففعل الجلودي ذلك ، وقد كان مضى أبو الحسن موسى فصار الجلودي إلى باب أبي الحسن الرضا فانهجم على داره مع خيله ، فلما نظر إليه الرضا جعل النساء كلهن في بيت ، ووقف على باب البيت ، فقال الجلودي لأبي الحسن : لا بد من أن أدخل البيت فأسلبهن كما أمرني أمير المؤمنين ، فقال الرضا أنا أسلبهن لك وأحلف أني لا أدع عليهن شيئا إلا أخذته ، فلم يزل يطلب إليه ويحلف له حتى سكن فدخل أبو الحسن فلم يدع عليهن شيئا حتى أقراطهن وخلاخيلهن وإزارهن إلا أخذه منهن وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير . فلما كان في هذا اليوم وادخل الجلودي على المأمون قال الرضا : يا أمير المؤمنين هب لي هذا الشيخ فقال المأمون : يا سيدي هذا الذي فعل ببنات رسول الله ما فعل من سلبهن ، فنظر الجلودي إلى الرضا وهو يكلم المأمون ويسأله عن أن يعفو عنه ويهبه له ، فظن أنه يعين عليه لما كان الجلودي فعله ، فقال : يا أمير المؤمنين أسألك بالله وبخدمتي للرشيد أن لا تقبل قول هذا في ، فقال المأمون : يا أبا الحسن قد استعفى ونحن نبر قسمه ثم قال : لا والله لا أقبل فيك قوله ألحقوه بصاحبيه ، فقدم وضرب عنقه .
ورجع ذو الرياستين إلى أبيه سهل ، وقد كان المأمون أمر أن تقدم النوائب فردها ذو الرئاستين ، فلما قتل المأمون هؤلاء علم ذو الرئاستين أنه قد عزم على الخروج ، فقال الرضا : يا أمير المؤمنين ما صنعت بتقديم النوائب ؟ قال المأمون : يا سيدي مرهم أنت بذلك ، فخرج أبو الحسن وصاح بالناس : قدموا النوائب ، قال : فكأنما وقعت فيهم النيران وأقبلت النوائب يتقدم و يخرج .
وقعد ذو الرئاستين منزله فبعث إليه المأمون فأتاه فقال له : مالك قعدت في بيتك ؟ فقال يا أمير المؤمنين إن ذنبي عظيم عند أهل بيتك وعند العامة ، والناس يلومونني بقتل أخيك المخلوع وبيعة الرضا ولا آمن السعاة والحساد وأهل البغي أن يسعوا بي ، فدعني أخلفك بخراسان ، فقال له المأمون : لا نستغني عنك فأما ما قلت إنه يسعى بك ويبغى لك الغوائل ، فليس أنت عندنا إلا الثقة المأمون ، الناصح المشفق فاكتب لنفسك ما تثق به من الضمان والأمان ، وأكد لنفسك ما تكون به مطمئنا .
فذهب وكتب لنفسه كتابا وجمع عليه العلماء وأتى به المأمون فقرأه و أعطاه المأمون كلما أحب ، وكتب له بخطه كتاب الحبوة : إني قد حبوتك بكذا وكذا من الأموال والضياع والسلطان ، وبسط له من الدنيا أمله ، فقال ذو الرئاستين : يا أمير المؤمنين يجب أن يكون خط أبي الحسن في هذا الأمان يعطينا ما أعطيت ، فإنه ولي عهدك .
فقال المأمون : قد علمت أن أبا الحسن قد شرط علينا أن لا يعمل من ذلك شيئا ولا يحدث حدثا .
فلا نسأله ما يكرهه ، فاسأله أنت فإنه لا يأبى عليك في هذا .
فجاء واستأذن على أبي الحسن قال ياسر : فقال لنا الرضا : قوموا فتنحوا فتنحينا ، فدخل فوقف بين يديه ساعة ، فرفع أبو الحسن رأسه إليه فقال له : ما حاجتك يا فضل ؟ قال : يا سيدي هذا ما كتبه لي أمير المؤمنين وأنت أولى أن تعطينا مثل ما أعطى أمير المؤمنين إذ كنت ولي عهد المسلمين . فقال له الرضا اقرأه ، وكان كتابا في أكبر جلد ، فلم يزل قائما حتى قرأه فلما فرغ قال له أبو الحسن : يا فضل لك علينا هذا ما اتقيت الله عز وجل ، قال ياسر : فنقض عليه أمره في كلمة واحدة فخرج من عنده وخرج المأمون وخرجنا مع