إذا كان الأئمة ( ع ) معصومين .. فلماذا يطلبون المغفرة
بتاريخ : 14-12-2007 الساعة : 08:17 PM
بسم الله الرحمن الرحيم ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
اللهم صل على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ...
إذا كان الأئمة عليهم الصلاة والسلام معصومين .. فلماذا نقرأ لهم في أدعيتهم ومناجاتهم طلب العفو من الله سبحانه وتعالى .. وطلب المغفرة للذنوب !! كما في دعاء كميل المنسوب للإمام علي ( عليه السَّلام ) : اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم " فهل لديهم ذنوب حتى يطلبوا من الله ذلك الطلب ؟؟!! أم ماذا ؟؟!!
لا شكَّ و أن الأئمة الإثنى عشر ( عليهم السلام ) كلهم معصومون لم يصدر عنهم أي ذنب أو إثم ، و ما يتردد على لسانهم من طلب الغفران من الله عَزَّ و جَلَّ إنما هو نوعان :
1. الإستغفار التربوي التعليمي : بما أن للدعاء دوراً هاماً و مشهوداً في تربية الناس وحثِّهم على الإبتعاد عن الذنوب و المعاصي وسلوك النهج الإلهي ، فقد إهتمَّ الأئمة المعصومون ( عليهم السلام ) بهذه الوسيلة كل إهتمام ، فقدَّموا للناس كمَّاً هائلاً من الأدعية المؤثرة لمختلف الطبقات والحالات والمناسبات ، ومن خلال هذه الأدعية استطاع الأئمة ( عليهم السلام ) تعليم الناس الكثير من العلوم والمعارف والآداب ، ولولا هذه الأدعية لما كنَّا اليوم نعرف كيف نخاطب رب العالمين ونطلب منه العون والمدد في اللحظات الصعبة والأزمات الحرجة التي نمرُّ بها .
نعم إن الدعاء مدرسة حقيقية أسَّسها أولياء الله عَزَّ و جَلَّ من أنبياء وأئمة من أجل تعليم الناس ، لذا فإستغفارهم في كثير من الأدعية إنما هو بهذا الهدف .
2. الإستغفار لترك الأولى [1] : و قد يكون إستغفار الأئمة ( عليهم السلام ) وخاصة في الخلوات إعتذاراً منهم إلى الله جَلَّ جَلالُه عن ما بَدَرَ منهم من التقصير ـ حسب ما يرونه ـ بالقياس إلى ما هم فيه من علو المرتبة وعظيم المسؤولية لا لصدور ذنب منهم ، فحسناتُ الأبرار سيِّئات المُقَرَّبين ، كما قيل .
يقول العلاّمة المحقّق علي بن عيسى الاِرْبِلي : الاَنبياء والاَئمّة تكون أوقاتهم مشغولة بالله تعالى ، و قلوبهم مملوءة به ، و خواطرهم متعلّقة بالمبدأ ، و هم أبداً في المراقبة ، كما قال ( عليه السَّلام ) : اُعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تره ، فإنّه يراك .
فهم أبداً متوجهون إليه و مُقبِلون بكُلِّهم عليه ، فمتى انحطوا عن تلك المرتبة العالية ، و المنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالأكل و الشرب و التفرّغ إلى النكاح و غيره من المباحات ، عَدّوه ذنباً و اعتقدوه خطيئة و استغفروا منه [2] .
[1] ترك الأولى : مصطلح يراد به ترك عملٍ غير واجب كان الأولى بالإنسان فعله رغم عدم وجوبه وعدم المخالفة بتركه ، أو فعل عملٍ مباح لا حرمة فيه كان الأولى به تركه .
و في قاموس أولياء الله العارفين لا ينبغي لمن يتمتع بمنزلة خاصة و مقام رفيع وشأن عظيم أن يدع أموراً خاصة رغم عدم وجوبها ، أو يفعل أموراً أخرى مباحة رغم عدم حرمتها .
[2] يراجع : عصمة الأنبياء في القرآن الكريم : 218 ، للعلامة المحقق آية الله الشيخ جعفر السبحاني ، الطبعة الثانية ، سنة : 1420 هجرية ، مؤسسة الإمام الصادق ، قم / إيران .