في حديث عمران بن حصين قال : لما تفرق الناس عن رسول الله صلى الله عليه وآله في يوم أحد، جاء علي متقلدا سيفه حتى قام بين يديه ، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه إليه فقال له : «ما لك لم تفر مع الناس ؟ فقال : يا رسول الله أأرجع كافرا بعد إسلامي !» فاشارله إلى قوم انحدروا من الجبل فحمل عليهم فهزمهم ، ثم أشار له إلى قوم آخرين فحمل عليهم فهزمهم ، ثم أشار إلى قوم فحمل عليهم فهزمهم ، فجاء جبرئيل عليه السلام فقال : يا رسول الله ، لقد عجبت الملائكة (وعجبنا معهم ) من حسن مواساة علي لك بنفسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : «وما يمنعه من هذا وهو مني وأنا منه» فقال جبرئيل عليه السلام : وأنا منكم. وروى الحكم بن ظهير، عن السدي ، عن أبي مالك ، عن ابن عباس رحمة الله عليه : ان طلحة بن أبي طلحة خرج يومئذ فوقف بين الصفين، فنادى : يا اصحاب محمد، إنكم تزعمون أن الله تعالى يعجلنا بسيوفكم إلى النار، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة، فأيكم يبرز إلي ؟ فبرز إليه أميرالمؤمنين عليه السلام فقال : «والله لا أفارقك اليوم حتى أعجلك بسيفي إلى النار» فاختلفا ضربتين ، فضربه علي بن أبي طالب على رجليه فقطعهما، وسقط فانكشف عنه ، فقال : أنشدك الله - يا بن عم - والرحم . فانصرف عنه إلى موقفه ، فقال له المسلمون : (ألا أجزت ) عليه ؟ فقال : « ناشدني الله والرحم ، ووالله لا عاش بعدها أبدا» فمات طلحة في مكانه ، وبشر النبي صلى الله عليه وآله بذلك فسربه وقال : «هذا كبش الكتيبة». وقد روى محمد بن مروان ، عن عمارة، عن عكرمة قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : «لما انهزم الناس يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وآله لحقني من الجزع عليه ما لم أملك نفسي ، وكنت أمامه أضرب بسيفي بين يديه ، فرجعت أطلبه فلم أره ، فقلت : ما كان رسول الله ليفر، وما رأيته في القتلى، وأظنه رفع من بيننا إلى السماء، فكسرت جفن سيفي ، وقلت في نفسي لأقاتلن به عنه حتى أقتل ، وحملت على القوم فافرجوا فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وآله قد وقع على الأرض مغشيا عليه ، فقمت على رأسه ، فنظرإلي وقال : ما صنع الناس يا علي ؟ فقلت : كفروا- يا رسول الله - وولوا الدبر (من العدو) وأسلموك . فنظر النبي صلى الله عليه وآله إلى كتيبة قد أقبلت إليه ، فقال لي : رد عني يا علي هذه الكتيبة ، فحملت عليها بسيفي أضربها يمينا وشمالا حتى ولوا الأدبار. فقال لي النبي صلى الله عليه واله : أما تسمع يا علي مديحك في السماء ، إن ملكا يقال له رضوان ينادي : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي . فبكيت سرورا ، وحمدت الله سبحانه على نعمته».