حدثنى الشيخ الفقيه (أبو الفضل شاذان بن جبرئيل القمي) قال حدثنى الشيح محمد بن ابى مسلم بن أبي الفوارس الدارمى، وقد رواه كثير من الاصحاب حتى انتهى إلى ابي جعفر ميثم التمار قال بينما نحن بين يدى مولانا علي بن أبي طالب (ع) بالكوفة وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله محدقون به كأنه البدر في تمامه بين الكواكب في السماء الصاحية إذ دخل عليه من الباب رجل طويل علية قباء خز أدكن متعمم بعمامة اتحمية صفراء وهو مقلد بسيفين فدخل من غير سلام ولم ينطق بكلام فتطاول الناس بالاعناق ونظروا اليه بالآماق وشخصوا اليه بالاحداق ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) لا يرفع رأسه اليه فلما هدأت من الناس الحواس فحينئذ أفصح عن لسانه كأنه حسام جذب من غمده، ثم قال أيكم المجتبى في الشجاعة، والمعمم بالبراعة، والمدرع بالقناعة، أيكم المولود في الحرم، والعالي في الشيم، والموصوف بالكرم؟أيكم الاصلع الرأس، والثابت الاساس، والبطل الدعاس، والآخذ بالقصاص، والمضيق للانفاس؟ أيكم غصن أبي طالب الرطيب، وبطله المهيب، والسهم المصيب والقسم والنجيب؟ أيكم خليفة محمد صلى الله عليه وآله الذى نصر به في زمانه، وعز به سلطانه، وعظم به شأنه؟ أيكم قاتل العمرين وآسر العمرين، فعند ذلك رفع أميرالمؤمنين ( ع ) رأسه اليه فقال له ( ع ) يا مالك يا أبا سعد بن الفضل بن الربيع بن مدركة ابن نجيبة بن الصلت بن الحارث بن الاشعث بن السميمع الدوسي سل عما بدالك؟ فانا كنز الملهوف وأنا الموصوف بالمعروف أنا الذي افرعتنى الصم الصلاب، وأنا المنعوت في كل كتاب، أنا الطود والاسباب اناق والقرآن المجيد، وأنا النبأ العظيم أنا الصراط المستقيم، أنا على مواخى رسول الله صلى الله عليه وآله وزوج إبنته ووارث علمه وعيبة حكمته والخليفة من بعده فقال الاعرابى بلغنا عنك انك معجز النبي صلى الله عليه وآله والامام الولي ليس لك مطاول فيطاولك، ولا ممانع فيصاولك، أهو كما بلغنا عنك يا فتى قومه؟ قال علي (ع) قال ما بدا لك؟ فقال إني رسول اليك من ستين ألف رجل يقال لهم (العقيمية) وقد حملوا معي رجلا ميتا قد مات منذ مدة وقد اختلف في سبب موته وهو على باب المسجد فان أحييته علمنا إنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله صادق نجيب الاصل وتحققنا إنك حجة الله في أرضه، وخليفة في عباده وان لم تقدر على ذلك رددته على قومه وعلمنا انك تدعي غير الصواب وتظهر من نفسك مالا تقدر عليه.
فقال اميرالمؤمنين (ع) يا أبا جعفر (وهو ميثم التمار) اركب بعيرا وطف في شوارع الكوفة ومحلاتها وناد من أراد ان ينظر إلى ما اعطى الله عليا أخا رسول الله صلى الله عليه وآله بعل فاطمة (ع) مما أوعه رسول الله من العلم فيه فليخرج إلى النجف غدا فهرع الناس إلى النجف فلما رجع
ميثم من النداء قال له علي (ع) خذ الاعرابي إلى ضيافتك فغداة غد سيأتيك الله بالفرج قال ميثم فاخذت الاعرابي ومعه محمل فيه ميت فانزلته منزلي واخدمته اهلي فلما صلى أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام الفجر خرج وخرجت معه ولم يبق في الكوفة بر ولا فاجر إلاو خرج إلى النجف فقال (ع) يا أبا جعفر علي بالاعرابي وصاحبه الميت فخرجت من عنده واذا أنا بالاعرابى وهو راجل تحت القبة التى فيها الميت فاتى بها إلى النجف فعند ذلك قال (ع) يا أهل الكوفة قولوا فينا ماترونه واروواعنا ماتسمعونه واوردوا ما تشاهدونه منا ثم قال يا اعرابي ابرك جملك واخرج صاحبك انت وجماعة من المسلمين قال ميثم فاخرج تابوتا من الساج وفيه من قصب وطاء ديباج فحله واذا تحته بدرة من اللؤ لؤ وفيها غلام قد تم عذاره بذوائب كذوائب المرأة الحسناء فقال عليه السلام يا اعرابي كم لميتك هذا فقال احد واربعون يوما فقال ما كان سبب موته فقال الاعرابى يافتى أهله يريدون أن تحييه ليخبرهم من قتله فيعلموه لانه بات سالما واصبح مذبوحا من الاذن إلى الاذن فقال له (ع) من يطلب بدمه؟ قال خمسون رجلا من قومه يعضد بعضهم بعضا في طلب دمه فاكشف الشك والريب يا أخا رسول الله فقال ( ع ) هذا الميت قتله عمه لانه تزوج ابنته فخلاها وتزوج غيرها فقتله حنقا عليه فقال الاعرابي لسنا نرضى بقولك وانما نريد ان يشهد هذا الغلام بنفسه عند اهله من قتله حتى لا يقع بينهم السيف والفتنة والقتال فعند ذلك قام علي ( ع ) فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبى صلى الله عليه وآله فصلى عليه ثم قال يا اهل الكوفة ما بقرة بني اسرائيل بأجل من علي أخي رسول الله * ص * وانها احيت ميتا بعد سبعة ايام ثم دنا من الميت فقال ان بقرة بني اسرائيل ضرب بعضها الميت فعاش وانا اضربه ببعضي فان بعضي عند الله خير من البقرة كلها ثم هزه برجله اليمني وقال قم باذن الله تعالى يامدرك بن حنضلة بن غسان بن يحيى بن سلامة ابن الطبيب
ابن الاشعث فها قد احياك الله تعالى على يدى علي بن ابي طالب قال ميثم التمار فنهض غلام احسن من الشمس اوصافا ومن القمر اضعافا وقال لبيك لبيك يا حجة الله تعالى على الانام والمتفرد بالفضل والانعام فقال له علي (ع) من قاتلك فقال قاتلي عمي الحاسد حبيب بن غسان فقال اميرالمؤمنين (ع) انطلق إلى اهلك يا غلام قال لا حاجة بي إلى اهلي فقال اميرالمؤمنين (ع) ولم قال أخاف ان اقتل ثانية ولا تكون انت فمن يحيبنى فالتفت الامام (ع) إلى الاعرابي وقال امض انت إلى اهلك واخبرهم بما رأيت فقال الاعرابي وانا ايضا قد اخترت المقام معك إلى ان يأتي الاجل فلعن الله تعالى من انجه له الحق ووضح وجعل بينه وبين الحق سترا فاقاما مع علي (ع) إلى ان قتلا معه بصفين وسار اهل الكوفة إلى منازلهم واختلفوا في اقاوبلهم فيه (ع)