كانت الكوفة فيما مضى محط انظار المسلمين عامة , ما عدا الشام , متوجهة اليها تنتظر ما يصدر فيها من أمر و تترقب ما يتخذ فيها من قرار .
و من محاسن الصدفات ان التقى خارجها , ذات يوم من الايام , مسلم و ذميّ , فسأل احدهما الآخر عن الجهة التي يطلبها .
فقال المسلم : انا اريد الكوفة .
و قال الذميّ : أما أنا فأريد مكاناً قريبآ منها .
ثم اتفقا ان يسيرا معا و يقطعا طريقهما بالتحدث الى بعضهما . و لأنسجامهما في الحديث لم يشعرا بمضّي الوقت و لا طول الطريق , الى ان وصلا الى مفترق الطرق , فتعجّب الذميّ لما رأى ان رفيقه المسلم يترك طريق الكوفة و يواصل السير معه , اذ ذاك سأله : ألست زعمت انك تريد الكوفة ؟
- بلى
- فلم عدت اذاً ؟ هذا ليس طريق الكوفة .
- اعلم ذلك , فمن حسن الصحبة عندنا ان يشيع الرجل صاحبه هنيهة اذا ما فارقه , و بهذا امرنا نبينا محمد ( ص ) .
فقال الذمي : لا غرو ان يتبعه من تبعه لاخلاقه الحميدة و افعاله الكريمة , و ها أنا اشهدك اني على دينك , و رجع معه فلما عرف انه امير المؤمنين ( ع ) , أسلم .