كان عمر يميَّز بين المسلمين بالعطاء تمييزاً فاحشاً !
وقد أدى ذلك الى فساد الصحابة حكام الولايات الذين اختارهم هو ، فحكم عليهم بالخيانة وصادر نصف أموالهم ، لأنهم بتعبيره أكثروا من السرقة !
قال في أسد الغابة:4/330: محمد بن مسلمة.... وهوكان صاحب العمال أيام عمر كان عمر ، إذا شكي إليه عامل أرسل محمداً يكشف الحال ، وهو الذي أرسله عمر إلى عماله ليأخذ شطر أموالهم .
وقال اليعقوبي في تاريخه:2/15: وشاطر عمر جماعة من عماله أموالهم . قيل إن فيهم سعد بن أبي وقاص عامله على الكوفة ، وعمرو بن العاص عامله على مصر ، وأبا هريرة عامله على البحرين ، والنعمان بن عدي بن حرثان عامله على ميسان ، ونافع بن عمروالخزاعي عامله على مكة ، ويعلي بن منيه عامله على اليمن . وامتنع أبو بكرة من المشاطرة وقال: والله لئن كان هذا المال لله ، فما يحل لك أن تأخذ بعضاً وتترك بعضاً ، وإن كان لنا فما لك أخذه !
وفي تاريخ دمشق:55/278 ، وتاريخ ابن خياط ص81 وغيرهما: بعث عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة إلى عمرو بن العاص وكتب إليه: أما بعد فإنكم معشر العمال تقدمتم على عيون الأموال، فجبيتم الحرام، وأكلتم الحرام، وأورثتم الحرام! وقد بعثت إليك محمد بن مسلمة الأنصاري فيقاسمك مالك،فأحضره مالك.والسلام.
وقال ابن كثير في النهاية: 7/23: وكتب عمر إلى أبي عبيدة: إن أكذبَ خالد نفسه فهو أمير على ما كان عليه، وإن لم يكذب نفسه فهو معزول ، فانزع عمامته عن رأسه وقاسمه ماله نصفين!.... فقاسمه أبوعبيدة حتى أخذ إحدى نعليه وترك له الأخرى !! انتهى . ومعنى أكذب نفسه أي تراجع عن الطعن في حسب عمر !
وقال عمر لأبي هريرة: يا عدو الله وعدو الإسلام خنت مال الله ! قال قلت: لست عدو الله ولا عدو الإسلام ، ولكني عدو من عاداهما ولم أخن مال الله ولكنها أثمان إبلي وسهام اجتمعت . قال فأعادها عليَّ ، وأعدت عليه هذا الكلام ! قال فغرَّمني اثني عشر ألفاً !! (مستدرك الحاكم:2/347) .
وفي العقد الفريد:1/45 ، أن عمر عزل أبا موسى الأشعري عن البصرة وشاطره ماله ، وعزل الحارث بن وهب وشاطره ماله ، وكتب الى عمرو بن العاص: بلغني أنه قد فشت لك فاشية من خيل وإبل وبقر وعبيد ، فمن أين لك هذا ؟ فكتب: إني أعالج من الزراعة ما لا يعالجه الناس ، فشاطره ماله حتى أخذ إحدى نعليه ، فغضب ابن العاص وقال: قبح الله زماناً عمل فيه ابن العاص لابن الخطاب ، والله إني لأعرف الخطاب يحمل على رأسه حزمة من حطب ، وعلى ابنه مثلها ) .
********************************
علي عليه السلام يلغي تمييز عمر بين المسلمين في العطاء
علي عليه السلام هو الخليفة الوحيد الذي أعاد العدالة النبوية في التسوية بين المسلمين في العطاء ، بعد أن ميزوا بينهم بعناوين ألبسوها ثوباً دينياً وشرفاً قبلياً ! فمن كلام له عليه السلام في أواخر خلافته لما عوتب على التسوية في العطاء:
أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه ، والله ما أطُورُ به ما سمَر سمير ، وما أمَّ نجمٌ في السماء نجماً . لوكان المال لي لسويت بينهم ، فكيف وإنما المال مال الله . ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف ، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ويضعه في الآخرة ، ويكرمه في الناس ويهينه عند الله ! ولم يضع امرؤ ماله في غير حقه ولا عند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم ، وكان لغيره ودهم ، فإن زلت به النعل يوماً فاحتاج إلى معونتهم ، فشرُّ خدين وألامُ خليل ! . (نهج البلاغة:2/6) .