بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن التاريخ المرحلي الذي يعتقد به بعض المفكرين بما يحتوي من صراعات تعتبر أساسية للانتقال بعد وصولها لذروتها إلى المرحلة اللاحقة يعتبر من التفـاسير القديمة والتي كتب عنها الإغريق والرومان ، فنجد مثلاً أن (هسيود) في القرن الثامن قبل الميلاد في كتابه (الاعمال والأيام) يقسّم التاريخ إلى خمسة عصور ، يجعل فيها العصر الأول هو العصر الذهبي وهو بإختصار عصر العدالة والتعايش السلمي حيث لا شر ولا فساد ، ثم العصر الفضي بعده العصر البرونزي ثم العصر البطولي وبعدها العصر الخامس وهو العصر الحديدي ، وكلما تقدمت العصور كلما ازدادت نسبة الشر إلى أن تتفاقم وتكتمل في العصر الخامس الحديدي ، ليبدأ العالم بعدها من جديد دورته المرحلية الجديدة حيث العصر الذهبي ،
إن الفكرة المهدوية واضحة جداً في هذا التفسير للتاريخ فهي تأتي بعد اكتمال الشر وانتشار الفساد والظلم على البشرية لتبدأ مرحلة جديدة يسود فيها العدل ، إن المقصود من هذا الطرح هو إن فكرة الدولة العادلة موجودة قديماً وحتى قبل هذا التاريخ أما التفسير المرحلي للتاريخ خاصة إذا افترض وصول المرحلة السابقة لذروتها لحدوث المرحلة اللاحقة ، فهو يختلف عن التفسير الذي يقدمه المفكرون والفلاسفة الإسلاميون الذين يعتبرون ( إن الارتقاء التدريجي نحو التكامل هو الذي يولد الانتصار في صراع الحق مع الباطل ) ،
فالتدرج بخط السير التكاملي للمجتمع وان كان بطيئاً يكون اسلم مما لو حصلت فجوة أو انهيار يؤدي إلى تعطيل أو توهين قوة الخير بمقابلتها للشر ، ومما يجب ذكره أن قوة الخير هذه ستكون في المرحلة السابقة لمرحلة الظهور المقدس متمثلة بفئة قليلة بل قليلة جداً بالقياس إلى كثرة الأشرار في العالم لذلك ورد في دعاء الافتتاح { اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا صلواتك عليه وآله وغيبة ولينا وكثرة عدونا وقلة عددنا وشدة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا ......... } لذلك فنقطة الاشتراك التي تكون صائبة ما بين فرضية هسيود وهي مستثناة طبعاً من (فرضية التعدد المرحلي) وبين الواقع الذي يعيشه العالم قبل الظهور هو وصول المرحلة السابقة إلى ذروتها في انتشار الظلم والجور لتبدأ المرحلة اللاحقة وهي مرحلة القسط والعدل ،
ما أُريد قوله إن مثل هذه التفاسير للتاريخ عند الرومان والإغريق أو كتابات بعض فلاسفتهم كأفلاطون 373 ق . م في جمهوريته دليل على وجود الفكرة المهدوية في عقائدهم