اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يا كريم
كلامه مع شمر
- الطبري : قال أبو مخنف : فحدثني عبد الله بن عاصم قال : حدثني الضحاك المشرقي ، قال : لما أقبلوا [ الأعداء ] نحونا فنظروا إلى النار تضطرم في الحطب والقصب الذي كنا ألهبنا فيه النار من ورائنا ؛ لئلا يأتونا من خلفنا ، إذ أقبل إلينا منهم رجل يركض على فرس كامل الأداة ، فلم يكلمنا حتى مر على أبياتنا ، فنظر إلى أبياتنا فإذا هو لا يرى إلا حطبا تلتهب النار فيه ، فرجع راجعا ونادى بأعلى صوته : يا حسين ! استعجلت النار في الدنيا قبل يوم القيامة ! فقال الحسين : من هذا ؟ كأن شمر بن ذي الجوشن ؟ ! فقالوا : نعم ، أصلحك الله ، هو هو . فقال : يا ابن راعية المعزى ! أنت أولى بها صليا . فقال له مسلم بن عوسجة : يا ابن رسول الله ! جعلت فداك ، ألا أرميه بسهم ، فإنه قد أمكنني ، وليس يسقط سهم [ مني ] ، فالفاسق من أعظم الجبارين ! فقال له الحسين : لا ترمه ، فإني أكره أن أبدأهم .
ثم قرب إليه الحسين فرسه فاستوى عليه ، وتقدم نحو القوم في نفر من أصحابه ، وبين يديه برير بن حضير الهمداني . فقال له الحسين : كلم القوم ، يا برير ! وانصحهم . فتقدم برير ، حتى وقف قريبا من القوم ، والقوم قد زحفوا إليه عن بكرة أبيهم فقال لهم برير : يا هؤلاء ! اتقوا الله فإن ثقل محمد قد أصبح بين أظهركم ، هؤلاء ذريته وعترته وبناته وحرمه ، فهاتوا ما عندكم ، وما الذي تريدون أن تصنعوا بهم ؟ فقالوا : نريد أن نمكن منهم الأمير عبيد الله بن زياد ، فيرى رأيه فيهم ! فقال برير : أفلا ترضون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي أقبلوا منه ؟ ويلكم يا أهل الكوفة ! أنسيتم كتبكم إليه ، وعهودكم التي أعطيتموها من أنفسكم وأشهدتم الله عليها ، وكفى بالله شهيدا ؟ ويلكم أدعوتم أهل بيت نبيكم ، وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم دونهم ، حتى إذا أتوكم أسلمتموهم لعبيد الله ؟ وحلأتموهم عن ماء الفرات الجاري ؟ وهو مبذول يشرب منه اليهود والنصارى والمجوس ، وترده الكلاب والخنازير ! ؟ بئس ما خلفتم محمدا في ذريته ! ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة ! ؟ فبئس القوم أنتم .
فقال له نفر منهم : يا هذا ! ما ندري ما تقول ؟ فقال برير : الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة ، أللهم إني أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم ، أللهم ألق بأسهم بينهم ، حتى يلقوك وأنت عليهم غضبان ، فجعل القوم يرمونه بالسهام ، فرجع برير إلى ورائه .