يقال أن لكل ثورة رسالتين : رسالة الدم ، ورسالة الكلمة(1) -الاعلام - أما رسالة الدم فقد أداها الأمام الحسين( عليه السلام ) و أصحابه الذين قتلوا في كر بلاء، والذين سطروا بدمائهم الزواكي أروع ملاحم البطولة والتضحية أما رسالة الكلمة فكان واجب أدائها يقع على عاتق امرأة رقيقة تركت منزلها وأسرعت تحث الخطى خلف أخيها في رحلته إلى الشهادة تلك المرأة العظيمة زينب ( عليها السلام ) التي تعلم الرجال من سيرتها معاني الرجولة زينب ( عليها السلام ) وباقي النساء الهاشميات شاركن في إكمال مسيرة الثائرين التي بدؤها بالدم . من هنا يمكن القول أن دور المرأة لم يقل شيئاً عن دور الرجل الجهادي فمن دافعن دفاعاً وصبرنا على الأذى والأسر زينب(عليها السلام ) وباقي النساء ثائرات فقد لعبن أدوارا متعددة منها التحريض على المشاركة في القتال ولعل أوضح مثال على ذلك زوجة زهير بن القين حينما امتنع عن الاستجابة لنداء الحسين( عليه السلام ) نرى ذلك الموقف الرائع الذي وقفته تلك المرأة حينما قالت "يا زهير ابن بنت رسول الله يدعوك ثم لا تجيبه ما ضرك أن تذهب وتسمع ما يقول ثم ترجع " ولعل موقف طوعة الكوفة يدلل على أن المرأة المسلمة الموالية كانت حاضرة في تلك الموقف السياسية والجهادية الى جانب الرجل , هذا لعله لم يات من فراغ وانما كانت المرأة في تلك الظروف تدرك عظم المسؤولية الملقاة على عاتقها . لهذا فان النساء باتت تمارس دور لا يقل خطورة عن دور الرجل , وهنا نأتي الى نساء كر بلاء اللواتي واجهن الأعلام الأموي والسبي غير مكترثات بمصيرهن لان الأمام ( عليه السلام ) أكد لهن في اكثر من مناسبة بأنه لا طاقة للعدو على إيذائهن فقد قال ( عليه السلام ) في كلمة له يوم العاشر " استعدوا للبلاء واعلموا أن الله حافظكم ومنجيكم من شر الأعداء ويضرب أعاديكم بأنواع البلاء"
لقد وقفت نساء كر بلاء بالمرصاد للحزب الأموي من خلال قيامهن بتصحيح وتوضيح أهداف الثورة لدى العامة والخاصة ممن التبس عليهم الأمر بفعل المفاهيم و التربية الخاطئة التي كان يتبعها الحزب الأموي فالحوراء ( عليها السلام ) أدركت أن عليها واجب شرعي ومسؤولية لهذا نجد أن الأمام
( عليه السلام ) لم يبعد النساء والأطفال لا بل لم يتركهن في المدينة و إنما عمل على اصطحاب العائلة كي تكمل النساء مسيرة الثورة من خلال الخطابات الرائعة التي ألقتها الحوراء ( عليها السلام ) في أزقة الكوفة، أو في قصر يزيد فقد كان لكلماتها والأمام السجاد ( عليه السلام ) وبقية النسوة الأثر الكبير في جعل ميزان الأحداث لصالح القضية الحسينية فهذه زينب ( عليها السلام ) تقف لتقول وهي بكل وقار وجلال وهيبة تخاطب يزيد بن معاوية " امن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله حيارى قد هتكت ستورهن و أبديت وجوههن تحدو بهن الأعداء من بلدٍ إلى بلدٍ أن بنا على الله هواناً وبه عليك كرامه . . " (2) . زينب (عليها السلام ) وباقي الهاشميات لم يخرجن سيفاً لمقارعة العدو في عقر داره و إنما اخرجن بياناً ناطقاً بالحق و أصوله من الله ودفاعاً عن مبادئ الإسلام ومقدساته لأمام ( عليه السلام ) لم يخرج نساء عاديات و إنما اخرج نساء عارفات فزينب ( عليها السلام ) عالمة غير معلمة , نساء يعرفن المسؤولية وكيفية المواجهة فهذا موقف للعقيلة (عليها السلام ) تخرس به ابن زياد الصلف عندما قال لها ما رأيت صنع الله بأخيك : قالت (عليها السلام ) " ما رأيت ألا جميلا أولئك رجال كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم . . "(3). اذن لعبت النساء دور في إثارة الروح الانتقامية في الشام ضد يزيد والحزب الأموي مما دفع يزيد الى عقد مأتم للحسين ( عليه السلام ) استمر أسبوعا ولم يمضي بعد على مقتل الحسين ( عليه السلام ) ألا عشرون يوماً , وبعد أن كان راس الحسين ( عليه السلام ) معلقاً على باب قصر معاوية اصبح القصر موشحاً بالسواد ويزيد يقول" لعن الله ابن مرجانه فقد عجل بقتل الحسين " . فضلاً عن كل هذا فقد لعبت السبايا دور فاعل في إثارة المدينة على الحكم الأموي, لا سيما بعد عودة الركب إلى المدينة حيث استمر مأتم الحسين ( عليه السلام ) لمدة سنة، حتى أن مروان بن الحكم كان يبكي كلما مر على أم البنين (عليها السلام) التي كان لها دور لا يقل عن دور زينب (عليها السلام ) فقد الهبت مشاعر الناس بالحزن على مصيبة الحسين ( عليه السلام ) . والأمانة تقتضي عدم إنكار دور نساء بني أسد الريفيات اللواتي اكتشفن جثث القتلى حينما ذهبن لا خذ الماء فشاهدن الحسين ( عليه السلام ) وأنصاره وأدركن انهم شهداء كر بلاء فأسرعن إلى مضارب بتي أسد مسرعات باكيات مطالبات بدفن الجثث.
بعد أن وقفنا على دور المرأة في النهضة الحسينية تقول أن المرأة في عصر غيبة ولي الله الأعظم (عج) دور لا يمكن أن يغفل إذ يقع عليها واجب التبليغ ونشر العقيدة المهدوية والعمل على نوعية وتربية النشء الجديد لغرض إقامة قاعدة شعبية قادرة على استيعاب الأطروحة المهدوية وفهم فلسفة الثورة العالمية وأهدافها من هنا نرى النساء في عصر الظهور يمارسن دور لا يقل عن نساء الطف مع الفارق بين الدورين فقد لعبت المرأة دور في عصر بدء الرسالة المحمدية الخاتمة هذا الدور وأن ستلعبه النساء في عهد الحكومة العالمية وبدء الظهور بالتأكيد نساء عصر الظهور يمتلكن صفات ومؤهلات خاصة وصفات حميدة مما يؤهلهن كي يصبحن ضمن العدة المعدودة التي تلتحق لتبايع الأمام في مكة.
اختلفت الروايات في تحديد عدد النساء اللواتي يلتحقن بالإمام ويبايعنه في مكة فالبعض يشير الى خمسون امرأة والبعض ثلاثة عشر فقط وعند الجميع بين الروايات يجد الباحث أن عدد النساء اللواتي يصحبن جيش الأمام (عج) خمسون امرأة ثلاثة عشر منهن لهن أدوار خاصة تتمثل بالتحريض وإسعاف الجرحى فضلاً عن هذا تلعب المرأة دور في التبليغ ضد الدجال وحركته و الاباحية "عن الأمام الباقر( عليه السلام ) ويجيء والله ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة يجتمعون بمكة على غير ميعاد فزعاً كفزع الخريف"(4).وعنه أيضا ( عليه السلام) "وتؤتونا الحكمة في زمانه حتى أن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالى وسنة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم )
الهوامش
1)شريعتي ، علي : الشهادة ،ط1( ناظرين: 2005 ) ص133
2)ابن طيفور ، أبي الفضل بن ابي طاهر: بلاغات النساء ( بصرتي / قم )ص22ـ21
3)ابن غا الحلي، نجم الدين محمد بن جعفر : مثير الأحزان( منشورات المطبعة الحيدرية النجف 1950) ص71
4)المجلسي، محمد باقر: بحار الأنوار، ج52 ( مؤسسة الوفاء/ بيروت 1403 هـ .ق ) ص223
التعديل الأخير تم بواسطة نسايم ; 24-12-2009 الساعة 07:11 PM.