هذا المسجد والمقام له ذكريات جميلة ورائعة لاسيما لأهل المعامير ومحيطها فقد كانوا منذ مئات السنين يوقفون النذور للشيخ إبراهيم ويذهب الناس لزيارته وكانوا يقيمون فيه المجالس
الحسينية وقراءة القران ويتبركون بصاحب المقام الذي شهد له القاصي والداني بأنه صاحب كرامات كثيرة، وقبل الحديث عن حال هذا المقام المقدس لدى أهل البحرين لابد من مقدمة بسيطة تعريفية لصاحب هذا المقام.
تعريف بصاحب المقام
هو إبراهيم بن مالك الأشتر ابن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة بن ربيعة النخعي المذحجي، ولد في النصف الأول من القرن الأول الهجري.
قاتل إلى جانب أبيه مالك في معركة صفين، واستعان به المختار حين ظهر بالكوفة طالباً بثأر الإمام الحسين(ع)، وكان له دور أساسي في ثورة المختار وتثبيت أركانها. وأرسله المختار في ستة آلاف مقاتل، لمقاتلة جيش عبيد اللّه بن زياد، القادم من الشام، فالتقى بهم في الموصل و وقعت بين الجيشين معركة عظيمة انتصر فيها وقُتل عبيد اللّه بن زياد في معركة (خازر سنة 66 هـ) وقد تمكن إبراهيم ابن الأشتر من قتل عبيد الله وأربعة من كبار معاونيه
ويذكر ابن كثير أنّ إبراهيم ابن الأشتر كان من ألمع رجالات الثورة وقائدها العسكري الأول
يذكر أنه عندما علم ابن عباس بقتل عبيد الله بن زياد قال: جزاه الله عنا وعن رسول الله خير جزاء المحسنين لقد أخذ بثأرنا و أدرك وِترنا، كما خر محمد بن الحنفية ساجدا شكراً لله وقال: جزاه الله خير الجزاء لقد أدرك لنا ثأرنا و وجب حقه على كل من أولده عبدالمطلب بن هاشم، ومضى يقول: اللهم أحفظ إبراهيم بن الأشتر وانصره على الأعداء و وفقه لما تحب وترضى واغفر له في الآخرة والأولى.
وجاء عن فاطمة بنت علي(ع) كما في كتاب محمد بن الحنفية للهاشمي أنها قالت: ما تخضبت امرأة من العلويات ولا أجالت في عينيها مروداً ولا ترجلت حتى بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد إلى المدينة، وأكد مضمون هذه الرواية الإمام الصادق(ع).
ويقع مرقد إبراهيم بن مالك الأشتر النخاعي الشريف في جزيرةٍ قرب ساحل عسكر وتسمى جزيرة الشيخ إبراهيم وهي معروفةٌ لدى أهل البحرين إلى يومنا هذا ويُقال أنّ مرقده في منطقة مسكن بشمال العراق حيث تذكر بعض الروايات أنه قتل في شهر جمادى الثانية من سنة 71 هـ ، في معركة كان هو قائدها لمواجهة جيش عبدالملك بن مروان الأموي وقُتل في تلك المعركة وأُحرقت جثته الشريفة.
وينسب بعض المؤرخين هذا القبر لأحد أحفاد إبراهيم بن مالك الأشتر النخعي وليس لإبراهيم نفسه, لكن المتعارف لدى أهل البحرين منذ قديم الزمان أن هذا القبر يضم إبراهيم ابن الأشتر نفسه وقد لجأ إلى البحرين هارباً من السلطات الأموية شأنه شأن الثوار الذين لجأوا للبحرين.
سدنة ورعاة المزار
يُذكر أن أهل المعامير كانوا يرعون المسجد والجزيرة, وقد قاموا ببناء المسجد أكثر من أربع مرات وفي عام 1954م تقريبا قام الحاج إبراهيم بن عباس بمباشرة عملية البناء بمساعدة أهالي المعامير والمنطقة، وكان نواخذة الصيد يحملون أدوات البناء والرمل والحجارة بسفنهم إلى الجزيرة وبعد عودتهم من الصيد يمرون بالجزيرة ليعطوا كمية من السمك للعمال كوجبة غداء للعمال, وأحياناً كانوا يعودون بصيد قليل فيعطون الحاج إبراهيم قليلاً من السمك وكانوا لا ينظرون ما بداخل (المرحلة) فيمدون يدهم ويخرجون السمك ويقسمونه على أنفسهم فكان يكفيهم ويزيدببركة صاحب المقام (رض).
وكان متعارف بين أبناء المنطقة وإلى وقتٍ قريب إذا زاروا الشيخ إبراهيم لا يأخذون معهم أي شيء من متعلقات الجزيرة ولو كان حجراً؛ لأنهم إذا اخذوا أي شيء فإن محركات القوارب لا تعمل وبمجرد إعادتها تعود محركات القوارب للعمل مباشرةً(المصدر: عسكر الشهداء ودوحة الفارسية، كتاب قيد النشر، جاسم حسين آل عباس.)
مخطط تدمير المزار
يعرف أهل البحرين وخصوصا أهل المنطقة إن هناك مخطط من قبل بعض المتنفذين ممن يخططون لاجتثاث المسجد والمقام من هذه الجزيرة
وهذا يتضح جليا من خلال منع الناس من الوصول للمزار ففي العام 1979م قامت السلطات الأمنية بمنع الناس من الوصول إليه بحجج غير معروفة مما أسهم في تعطيل وإهمال المسجد بل وصل الحال إلى تدنيس هذا المقام الطاهرة فقد تحول إلى مرتع ليلي لبعض المنحرفين والعابثين وقد طالب الكثير من الشرفاء والعلماء بإعادة تأهيل هذا المقام الشريف وإيقاف هذه المهازل وللأسف ما زالت الجهات المعنية غير مدركة لحقيقة هذا الأمر الحساس والخطير.
جولة ميدانية للمزار
في تاريخ 9/7/2004م قمنا بجولة ميدانية لجزيرة الشيخ إبراهيم وما أن وصلنا إلى تلك الجزيرة المهجورة حتى شعرنا بحالة من القهر والألم لوضع المسجد والجزيرة فالمسجد والمقام أشبه بخربة جدرانها مليئة بالعبارات الساقطة وشاهدنا آثار الهدم المتعمد للمسجد والمرافق الأخرى التابعة للضريح، أن هذا الإهمال متعمد ووراءه أيدي خفية تهدف لتدمير المقام ووضع اليد على الجزيرة لتحويلها لملك خاص كباقي جزر البحرين الأخرى.
في منتصف التسعينات روى لي احد الأصدقاء انه عندما كان يعمل في عسكر قرب الشاطئ شاهد طائرة عمودية ( هيلوكبتر ) تقوم بشحن ماء من البحر ومن ثم تقوم بسكبه على المسجد بواسطة دلو كبير يتدلى منها.
وهنا اكتفي بهذا المقدار من الحديث ولكم هذه الصور التي تعبر عن وضع هذا المزار ولكم أن تتأملوا فيها لتكتشفوا إن مخطط تدمير المزار هو مخطط قديم .