[هشام حيدر]

بعد محاولات لترسيخ مفهوم فصل الدين عن السياسة ومنع تدخل العلماء بالشان السياسي تجيء محاولات اخرى في نفس السياق والتوجه وتحمل ذاته الاهداف ومن قبل الاطراف ذاتها بعد فشل المحاولة تلو الاخرى في تحقيق ماتصبو اليه !
ولدت الفكرة واخذت حيزها من التطبيق بعد ثورة العشرين وانتفاضة عام 1925 حيث اجبر النقيب على الاستقالة وعهد البريطانيون الى رمز العمالة والوضاعة عبد المحسن السعدون ليكشر عن انيابه بدعوى الوطنية وتحت المظلة البريطانية وطائراتها لتخمد الحركة ويلقى القبض على قادتها بما فيهم من علماء ومراجع وشخصيات فيحكم على البعض بالاعدام او السجن والاخرون بالتسفير الى ايران !
وبعد وساطات وافق الملك (المندوب السامي) على عودة المراجع شرط التوقيع على تعهد بعدم التدخل بالسياسة وافقوا عليه لاجل الحفاظ على كيان الحوزة من الاندثار الى حين !
في تلك الفترة اصبح الشيعي بعيدا عن عالم السياسة والقيادة العسكرية والتعليم والشهادات العليا الا ماندر !
في ذات السياق ومن جانب اخر كانت القيادات الماجورة في العراق وغيره ترسخ فكرة الدونية لدى شعوبها ....اين نحن من الغرب؟
هل يصنع العربي الة او سيارة او تلفزيونا او حاسبة وهل يمكن ان يصعد للفضاء او يخترع دواء وهل وهل وهل ...؟؟؟
عام 2004 دخلت احد مكاتب تجهيز الحاسبات فوجدت بعض المتثيقفين المستلبين يتحدثون حول الموضوع ذاته في خضم انبهارهم بجهاز بين ايديهم !
اقحمت نفسي وتوجهت بسؤال ظاهره الاستفسار.......(يعني القضية بالخلقة؟ الله خلق العرب اغبياء والغرب اذكياء)..؟؟
احدهم يرتدي نظارة طبية رفعها وقال (شوف ..القضية بالبنيوية..يعني شلون اوضحها الك)...!
هنا حاولت النزول الى مستواه (وهاي (البننوية )الله مسويهه لو وحدهه صارت)..؟؟؟
يجهل هؤلاء انه لو قدر لكل عربي او اسيوي يعمل في مختبرات ومصانع وجامعات ومستشفيات الغرب ان يترك عمله هناك...لاصيب الغرب بالشلل التام!
ويجهل هؤلاء ان الله خلق الانسان على الفطرة وان ابويه يهودانه او ينصرانه بحيث انه لو اخذ الطفل الموزمبيقي وتمت تربيته وتنشئته في مدارس وجامعات الغرب فانه قد يفوق اقرانه هناك فضلا عن اخوته.....الموزمبيقيين !
والامر ذاته ينطبق على الامريكيين اللاتينيين والاسيويين والافارقة والاوربيين الشرقيين !!
ولاتقتصر حملات التسقيط الجغرافية هنا على هذا فحسب.....
فالشروكي مخلوق من الدرجة العاشرة مثلا !
وفي كل محافظة تقريبا بل وفي كل بلدان الشرق المنكوب.....يكون ابن الريف متخلفا بنظر ابن المدينة....
وفي المدينة يكون ابن المنطقة كذا ارقى من منطقة كيت !
وفي الريف ابن عشيرة كيت اكثر تحضرا من كذا !
وبالعود الى ماورد في المقدمة راح البعض يرسخ ان فن الحكم والسياسة من اختصاص محافظات معينة دون اخرى ومذهب معين دون اخر !
ولدعم هذه الاطروحة الفريدة من نوعها ساقوا مبررات من قبيل انهم في الحكم منذ 1400 سنة وان صح هذا-ولايصح- فان قواعد واصول الحكم لاتتحول الى جينات وراثية باي حال من الاحوال ولو جاز ان نصدق هذا الطرح فمعناه ان ناتي باي فلاح او زبال من محافظة معينة او حتى رجل قانون ونجلسه على سدة الحكم وسيكون حاكما ناجحا !
في حين ان الامثلة العربية على اقل تقدير تشير الى فشل عسكريين وسياسيين هنا ونجاح شيخ بدوي هناك كما هو الحال مع الشيخ زايد مثلا مقارنة بعبد الناصر وكل الحكام العرب تقريبا !
بل هل ان صدام وسياسيي العوجة كانوا مثالا يحتذى به كي يقال مايقال..؟؟
ابان الانتفاضة الشعبانية المباركة وبعيد اغتيالها في المهد اعيد طرح هذه الاطروحة السامة ........
نحن لانفهم في السياسة.... الحية يجب ان تقتل من الراس لامن الذنب !
لكن هانحن نرى البعثيين والسلفيين يحاربون متى ماسنحت لهم الفرصة ,,, وشتان بين قتالنا وقتالهم ....تفجيرات في قرى امرلي وتلعفر والصدرية والبطحاء والمسيب وطويريج وغيرها !
ويوم اعلن الجهاد من دوائر البنتاغون والسي أي ايه لوأد الانتفاضة السلمية الجديدة التي هالهم عظم حجمها يوم شاهدوا الجموع التي استقبلت شهيد المحراب قد او تلك المسيرة التي امتدت من البصرة الى النجف الاشرف مستقبلة امام الامة السيستاني فوضعوا العصي في عجلة الانتخابات ثم الائتلاف لافشاله قبل ان يطعنه الغادرون من الظهر قال البعض ايضا ....(لسنا اهل سلطة وحكم )!!
واكرر دعوتي هنا للرجوع الى (نبؤة) وديع بتي حنا في مقاله المنشور في شباط 2005 بعنوان (الائتلاف العراقي الموحد في الفخ)حيث يستعرض سلفا مواقف الامريكان من الائتلاف وسعيهم لافشاله (ديمقراطيا)عبر موضوعة الامن والخدمات !
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=31321

كما اكرر الدعوة للاطلاع على رؤية معتمد المرجعية شبه المطابقة في وقت مقارب انذاك لما يحدث من المراهنة على فخ الامن والخدمات لافشال الائتلاف!
http://www.alnajafnews.net/najafnews/news.php?action=fullnews&id=5879
وانا التمس من الجميع اتباع الروابط او نسخها ولصقها ان لم تعمل والاطلاع على ماورد فيها في ذلك التاريخ ليعلم الجميع ان مايحدث ليس امرا جديدا او انه حدث صدفة او لسوء تدبير وقلة خبرة او خلافات كما قد يتصور البعض او تشير ظواهر الامور!

عموما................
نعود لواقعنا الذي نعيش ونجري مقارنة بين محافظاتنا ومحافظات يفترض ان من يديرها له تاريخ سياسي عمره اربعة عشر قرنا !!
ونسال....هل ان الوضع الامني او الخدمي في الموصل او الانبار او تكريت افضل مما هو عليه في محافظات البصرة والناصرية والحلة والنجف ...؟؟؟
هل ان حجم الخلافات وكمها هناك اقل او اكثر عما هو عليه بين الكتل السياسية في المحافظات الاخرى..؟؟؟


وحقيقة الامر فان مايجري في اية محافظة ليس بالامر الغريب قياسا بتراكمات الماضي وسياسات النظام المقبور ومخلفاتها اولا!
وقياسا بما يجري في التجارب الديمقراطية عالميا بدءا من امريكا نفسها مرورا ببريطانيا وفرنسا واسرائيل وايطاليا واليابان وغيرها !

وقبل ان اختم اود ان اسال........

هل ان مبنى المحافظة لازال مغلقا في تكريت ام لا...؟؟؟؟
وهل نجحوا في تعيين محافظ ام ان الخلافات لازالت مستعرة بين التكارتة والسوامرة.؟؟؟


هشام حيدر
الناصرية