الامام الهادي (ع) في مجلس المتوكل:
جاء في "مروج الذهب" إن المتوكل العباسي أمر بمداهمة بيت الامام الهادي (ع) واحضاره على الحال الذي هو عليها. فلما أحضروه الى المجلس، وكان المتوكل على مائدة الخمر وفي يده كأس فناولها للامام (ع) ليشرب فقال له (ع):
والله ما خامر لحمي ودمي.
فقال له المتوكل: أنشدني شعراً استحسنه. فاعتذر الامام (ع) وقال:
إني لقليل الرواية للشعر.
ولما ألح عليه ولم يقبل عذره، أنشده (ع):
باتوا على قلل الأجيال تحرسهم غلب الرجال فما اغنتهم القلل
واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم فأودعوا حفراً يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخٌ من بعد ما قُبروا أين الأسرة والتيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعمةً من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم تلك الوجوه عليها الدود ينتقل
قد طالما أكلوا دهراً وما شربوا فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا
وهكذا استمر الامام بانشاده شعراً من هذا النوع حتى رمى المتوكل الكأس من يده وأخذ يبكي بكاءً عالياً حتى بلّت دموعه لحيته وبكى الحاضرون لبكائه ثم أمر برفع الشراب من مجلسه.