صديق الهاوية :: قصة قصيرة عرضت كمسرحية في عدة حسينيات نسائية بالمنطقة
صديق الهاوية
ضُرب جرس الباب..
- مين ؟
- أنا ليلى.
- لحظات .
فتحت فاطمة الباب ، فدخلت ليلى وتصفاحتا.
- فاطمة !!
- ليلى !!
- كيف حالك حبيبتي ؟
- الحمد لله.
- كن متوقعة أنك ستأتين.
- أنا عند وعدي.
- طيب تفضلي.
فدخلتا معاً صالة المنزل.
- أووه ! منزلكم جميل !
- قولي ماشاء الله.
- ماشاء الله.
- ليلى !
- ...
- ليلى !!
- نعم.
- هل ترغبي الجلوس هنا أو في غرفتي ؟
- أعتقد غرفتك ستكون أفضل.
- طيب.. لكن لحظات أدخل المطبخ وأخبر الماما وأعود.
دخلت فاطمة المطبخ وأخبرت أمها بزيارة صديقتها الجديدة ليلى.. فحظرت الأم للسلام.
- السلام عليكم.
- وعليكم السلام خالة.
- كيف حالك ليلى ؟
- الحمد لله.
- وكيف أهلك ؟
- بخير .
- هل تسكنون في نفس الحي ؟
- لا ياخالة.. نحن في حي بعيد عنكم.
- وكيف وصلت هنا ؟
- أوصلني البابا.
- أهاا..
فقاطعتهما فاطمة :
- طيب ماما .. سنصعد إلي غرفتي.. وإذا جهزت الكعكة أعطيني خبر.
- إن شاء الله أبنتي.
وبينما هما تصعدان سلم الصالة.. لمحت الأم عباءة ليلى الضيقة والبارزة تقاسيم الجسم.. فنادت الأم فاطمة !
- فاطمة !!
توقفت فاطمة ونظرت لخلفها :
- نعم ماما.
- تعالي .. أريدك في كلمة.
- طيب ماما.. أوصل ليلى إلي غرفتي وأعود.
- لاتنسى فاطمة .. الليلة حفلة عيد الغدير، وسيبدأ الساعة السابعة.
- أعرف ماما.. وعندي مشاركة سأرجع لك.
- الحمد لله إنك لم تنسى.
صعدتا الدور العلوي ودخلتا الغرفة.. وما إن دخلت ليلى.
- رووووعة !! جنااااااان !!
فاطمة تبتسم .
- كلك ذوق يافاطمة.
- أشكرك.
أخذت ليلى جولة بالغرفة .
- لكن تحتاج بعض اللمسات.
- إن شاء الله مستقبلاً .
- رهيبة.. كل شئ فيها وردي.
- أنا أحب الوردي.
- وأنا كذلك.
- واو !! هذا كمبيوترك ؟
- نعم.
- حتى الكمبيوتر وردي.
- إنه هدية من البابا.
- ممكن نفتحه.
- لكن.
- فقط أقرأ الإيميل.
وإذا بصوت أم فاطمة يناديها من الأسفل .
- الماما تناديني.
- أوكي أفتحي الكمبيوتر وأنا سأنتظرك.
فأدخلت فاطمة الرقم السري على عجل ونزلت إلي أمها.. فجلست ليلى على الكرسي، وتفاجأت إن ماسنجر فاطمة كان مفتوحاً وظهر أمامها !
- واو!! الماسنجر مفتوح.. فرصة !
فأضافت ليلى بعض الإيميلات في ماسنجر فاطمة ! أما فاطمة المسكينة كانت أمام توبيخ أمها في المطبخ.
- فاطمة حبيبتي !
- نعم ماما !
- أنت تعرفي إن الليلة موعد حفل عيد الغدير.
- نعم ماما.
- وإنك ستؤدين دور في المسرحية.
- نعم أعرف ماما.. إنه بخصوص العباءة الزينبية.
- طيب أخبريني .. منذ متى تعرفت على ليلى ؟
- منذ يومين فقط.
- أبنتي فاطمة ؟
- نعم.
- إذا أبنتي .. هل ثمانية وأربعين ساعة تكفي لتعرفي سلوكها وأخلاقها ؟
- ...
- لماذا ساكتة.
- لا.
- إذا كيف تدخليها بيتنا وأنت لم تعرفي شخصيتها .. أنسيت المحاضرة التي سمعناها في الحسينية عن صديق السوء.
- نعم.
- والأهم من هذا إنك على موعد مع لجنة لتؤدين الدور التجريبي قبل الحفل.. إذاً حضورك يجب أن يكون مبكراً.
- ما المانع ماما.. باقي ساعتين على الحفل.
- لكن سيؤذن لصلاة المغرب بعد نصف ساعة..
- طيب ماما.. لن أنسى.
- هل نظرت إلي عباءة ليلى ؟
- نعم.
- خذي الكيك وحاول أن تنصحيها بطريقة لبقة.. الأن هو دورك.
- إن شاء الله ماما.
أخذت فاطمة صحن التقديم وصعدت إلي غرفتها.
- أنا هنا !
- أهلاً حبيبتي فاطمة.
- كيف الكمبيوتر.
- جنان! فتحت إيميلي وقرأت بعض الرسائل.
- تفضلي ليلى.. هذه الكعكة من يد الماما.
- ماشاء الله .. شكلها جذاب !
تناولتا الكعك وشربتا العصير.. حتى أقترب آذان المغرب.
- ليلى.
- نعم.
- عندي تعليق وارجوا أن لاتتحسسي.
- عادي .. تكلمي.
- عباءتك.. أعتقد لو ..
- أعرف ..
- أسفة ماكان قصدي.
- لا .. عادي.. أنا ألبسها فقط لزيارة صديقاتي.
- ...
- أنا لا أمشي بها في الشارع.. لكن في بعض المناسبات البسها.
- مثلاً.
- مثلاً عندما أوصلني أبي أمام منزلكم.. مشيت بها خطوات فقط.
- لكنها تظهر شكل الجسم.
فإذا بصوت الأم من خلف الباب.
- فاطمة ! لاتنسي أبنتي الصلاة.
- إن شاء الله ماما.
فخلعت ليلى عباءتها واعطتها فاطمة لتجربها.. فلبستها ووقفت أمام المرآة.
- أنظر فاطمة.. إنت جميلة بها.
- صدقت.
- إنها أفضل من عباءتك الفضفاضة.. اعتقد إنها من الماضي.
- لكن !
- حبيبتي فاطمة.. أنت فتاة اليوم.. لاتتعلقي بالماضي القديم.
- دعينا الأن نفتح الماسنجر.
نسيت فاطمة الصلاة !!
- كيف هذا !
- ماذا حصل يافاطمة ؟
- فتحت عندي بعض الماسنجرات وأنا لم أضفها من قبل.
- لا أدري.. لكن اكيد هن صديقاتك.
- لا أعرف كيف.
- أوكي.. هذا لايمنع.. فقط تعارف.
فأنشغلت فاطمة بالماسنجر والمضافين الجديد.. حتى أنقضى الوقت بسرعة.. وإذا بصوت أمها يناديها.
- فاطمة !! حان وقت ذهابنا.. أنزلي بسرعة.
- ليلى ! كيف العمل الأن ؟
- كأنك أخبرتيني إن الحسينية قريبة.
- نعم.
- قولي للماما أذهب وسنلحق بك.
- ماما.. سنحلق بك.. فقط دقائق.
ذهبت الأم إلي الحفل مشياً وبقيت فاطمة على المسانجر حتى رن جوالها بعد ساعة ونصف.. فردت فاطمة ببرود وقلبها مع المتحدثين معها.
- الو !
- فاطمة !!! أين أنت ؟
- أوووه !
- جاء دورك !! لقد بحثت عنك في كل مكان.
- لحظة لحظة .
- ماذا حدث فاطمة ؟
- نسينا الحفل.. بسرعة ليلى ! بسرعة !! لنذهب بسرعة !
غادرتا المنزل وهن تسابقن الريح إلي الحفل، فدخلت فاطمة الحسينية وصعدت المسرح بسرعة ! فوقت أمام صديقتها التي ستمثل الدور معها .. فإذا بعشرات النسوة الحاضرات يصدرن تنهيدة من التعجب !!
كانت المشرفة على المسرحية واقفة بالجانب.. فدنت من فاطمة وهمست في أذنها.
- فاطمة !! ماذا فعلت ؟
- ماذا !
- أنظري إلي عباءتك.. كان من المفروض أن تلبسي عباءة زينبية.
- أوووه !! ياربي !!
كانت الأم تنظر لما حدث.. وأنتبهت فاطمة إلي أمها والدموع تسقط من عينيها !
فأخذت المشرفة المايك وأنقذتها من الموقف !
- سيادتي الحضور.. لقد حدث خطأ في توزيع الأدوار، فأدت المؤمنة فاطمة الدور الخطأ وخرجت من غرفة التدريب بسرعة.
- ياربي سامحني!
نزلت فاطمة من المسرح وهي تبكي.. فهي لم تصلي، وكذبت على أمها ، وتأخرت في تأدية الدور، وأدخلت في عالمها صديقة سيئة خطرة، ربما تفتح لها طرقاً للضياع.. فأحتضنت أمها وتذكرت مقطع من محاضرة صديق السوء :
- يجب أن لانسلم أصدقائنا الجدد مفاتيح حياتنا.. وأن لانخبرهم بأسرارنا وأن لاندخلهم بيوتنا حتى نعرف أن قلوبهم مؤمنة وسرائرهم صادقة.. فالصديق الحقيقي كالجدار القوي.. نتكئ عليه إذا تعبنا من الحياة.. أما صديق السوء فهو كجدار وهمي إذا أتكأنا عليه سنسقط على الأرض.