بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد والِ محمد
قرأت هذا المقال الرائع للكاتبة الأدبية خولة الغزويني فوددت ولو تشاركوني القراءة والأستفادة
اختيار شريك الحيـاة
بداية اسأل نفسك هل للزواج إيجابية ؟
حتما هناك إيجابية وخطوة متدفقة بالطاقة حينما تسير في طريق الشراكة الزوجية لأنك ستتخطى ذاتكم، فلم تعد وحيداً، هناك من ستقضي وقتك معه وتقاسمه رحلة الحياة، هذا الشريك سيوفر لك الحب ويهتم بك ويعتني بك ويتعامل معك كرفيق يلبي احتياجاتك، يدعم إحساسك بالأمان ويعطيك القوة عندما تفقد إيمانك لذاتك وعندما تبلغا معاً قمة التسامي وذروة التلاقي الفكري ستبيح له أدق أسرارك وتعترف بنقاط ضعفك وتنمو وتتطور نفسياً وفكرياً حتى تتشابك آمالكما وأحلامكما معا.
وباختصار يمكن أن نحدد أسس العلاقة الزوجية الناجحة بالآتي :
1. الكفاءة بالدين والمستوى الاجتماعي والثقافي.
2. التناغم العاطفي.
3. الانسجام الروحي.
4. التوافق الفكري.
وأي خلل في هذه الأسس معناه ثغرة يمكن سدها وترميمها ببدائل أخرى بحيث لا تذوب ذاتك وتضعيها في بؤرة المشكلة فتكبر أكثر من حجمها إنما التكيف معها والتصالح معها مستنداً على تعويضات ربانية في الآخرة على اعتبار بلاء يمكن تحمله والصبر عليه. مجمل هذه النقاط تشكل 100% انسجام كامل، والنسب تتفاوت حسب الشريك وطبيعة العلاقة.
أخطاء شائعة :
ثمة أخطاء يقع فيها الشاب أو الفتاة عند اختيار شريك الحياة وهي كالتالي :
1. تعود العالم أن يعيش الحياة في شكل زوجين لهذا دائماً ما تكتب الدعوات والمناسبات العائلية والاجتماعات الأسرية بإطار زوجين هنا يشعر الشاب أنه غير مقبول اجتماعياً طالما هو أعزب، دخوله في بعض مراكز الترفيه مرفوض لأنه مخصص للعوائل يجد نفسه محاصر بهذا الوضع فيتزوج زواج مندفع دون دراسة وتخطيط، والفتاة التي تقبل بأول خاطب خشية العنوسة دون تمحيص ودراسة لشخصه.
2. أصبح الزواج مظهر اجتماعي وبرستيج وتنافس بين العوائل لإظهار فنونها وبراعتها في البذخ والصرف على الحفلات والتفنن في إبراز مواطن الثراء على حساب مضمون الزواج فثوب العرس أهم من العريس نفسه ورصيده المادي أهم من دينه وخلقه.
3. الفتيات الفائقات الجمال أصبحن سلعة تتبارى بها الأمهات لجذب الأثرياء وكأنما للجمال ثمن وسعر في سوق الزواج.
4. الإعلام يروج مقاييس (كاملة الأوصاف) عبر طرح صيحات الجمال والموضة وعمليات التجميل والأزياء، فيتبناها الشباب وينغمر بها لهذا يحدد مقاييس عروسه بمقاسات معينة وألوان محددة وهي مقاييس لا تتوافر إلا بالخيال ولهذا كان الزواج الذي يبنى على هذه القشور الواهية معرض للطلاق والدراسات أثبتت بالحقائق والأرقام صحة هذا الأمر لأنه بعد السكرة تأتي الفكرة يكتشف أن التي أمامه دمية باردة الإحساس والعاطفة ولو عاد إلى الصفحات الجمالية التي دعا إليها أهل البيت عليهم السلام لوجد الحكمة في هذه الجزئية.
5. التنشئة الخاطئة للفتيات، فالأم تركز على التحصيل العلمي للفتاة دون الاكتراث بتربيتها وإعدادها مستقبلاً كزوجة وأم، إذ أنها تقصيها عن الأعمال والواجبات الأسرية التي ممكن أن تحملها المسؤولية باكراً كالاعتناء بأخيها الصغير، إعداد وجبات خفيفة للأسرة كنوع من التشجيع، كي الملابس، ترتيب البيت، تنظيم وقتها وجدولها بصورة نافعة، فالفتاة لها خصوصية نفسية وعاطفية تختلف عن الصبي حتى أن الباحث التربوي (ألكس كارل) قال في كتابه الإنسان ذلك المجهول (يجب أن نعد مناهج دراسية للفتاة تختلف عن الولد فالبنت لابد أن تتعلم كيف تدير البيت والأسرة فما نفع الفيزياء والكيمياء لها) وهذه رؤية واقعية فيها من الصحة الشيئ الكثير، لابد أن تتربى البنت تربية متوازنة بحيث تعرف كيف تتعامل مع زوج المستقبل لأن إسعاد المرأة للرجل يعني امتلاك قلبه، فالمرأة هي جنة الرجل أو ناره ولو عرفت كل أم كيف تغذي صغيرتها منذ نعومة أظفارها على هذه الأخلاق وتلك الروحية الباذلة له بإخلاص لله وحباً في الله لبنينا بيوتاً سعيدة وآمنة.
6. ( اظفر بذات الدين تربت يداك) يوصي النبي (ص) بالمتدينة التي استوعبت حقيقة هذا الدور وفهمت أن الدين أخلاق مفعمة بالعاطفة والمحبة والمودة لا طقوس جافة خالية من الحياة، تتمنع عن أعمالها التطوعية بحجة الدين، تأنف من استئذان زوجها في ذهابها وإيابها، تعامل زوجها بأنفة وكبرياء، أشبه بالراهبة في بيتها وأراد الله سبحانه المتدينة لأنه يعرف أن كل شيء زائل وهو سبحانه أدرى بالحكمة فكما للطبيعة دور للإنسان دورة تتغير تبعاً لمراحل العمر، عقله وموازينه وتطلعاته الفكرية تختلف مع مرور السنين فالرجل في مرحلة النضج والاستقرار يجد قناعاته مختلفة عن ذي قبل انه اليوم يدرك حاجته إلى زوجة عاقلة، متفهمة، ناضجة، تحتوي شخصيته وتتحاور معه بانسجام كامل، امرأة مريحة يغلب عليها طابع السكون ولن تكون إلا المتدينة تلك الواحة الآمنة والملاذ الهادئ الذي يمتص معاناته ويحتوي مشاكله.
باختصار اقرؤوا آخر إحصائيات المحاكم لتكتشفوا تزايد حالات الطلاق بشكل كبير لأن الزواج لم يعد اتحاد روحين وإنما مصالح، لهذا تنفصم عرى العلاقة إذا لم يحقق أحد الطرفين مصالح الآخر. فالحب ، الصبر، التضحية ، العطاء ، الوفاء ، الإخلاص ، قيم مازالت مهمشة في قاموس حياتنا.