بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وال محمد الطاهرين
حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال حدثناعلي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه قال حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال حدثنا علي بن موسى الرضا ( ع ) عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي ( ع )
قال أتى علي بن أبيطالب ( ع ) قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو فقال يا أميرالمؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا و أين كانت منازلهم و من كان ملكهم و هل بعث الله عز و جل إليهم رسولا أم لا و بما ذا هلكوا فإني أجد في كتاب الله تعالى ذكرهم و لا أجد غيرهم
فقال له علي لقد سألتني عن حديث ما سألني عنه أحد قبلكو لا يحدثك به أحد بعدي إلا عني و ما في كتاب الله عز و جل آية إلا و أنا أعرفها وأعرف تفسيرها و في أي مكان نزلت من سهل أو جبل و في أي وقت من ليل أو نهار و إن هاهنا لعلما جما و أشار إلى صدره و لكن طلابه يسير و عن قليل يندمون لو فقدوني كان منقصتهم يا أخا تميم أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبرة يقال لها شاهدرخت كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها دوشاب كانت أنبطت لنوح ( ع ) بعد الطوفان و إنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا بينهم فيالأرض و ذلك بعد سليمان بن داود ( ع ) و كانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقاللها رس من بلاد المشرق و بهم سمي ذلك النهر و لم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منهو لا أعذب منه و لا قرى أكثر و لا أعمر منها تسمى إحداهن آبان و الثانية آذر والثالثة دى و الرابعة بهمن و الخامسة إسفندار و السادسة فروردين و السابعةارديبهشت و الثامنة خرداد و التاسعة مرداد و العاشرة تير و الحادية عشر مهر والثانية عشر شهريور و كانت أعظم مدائنهم إسفندار و هي التي ينزلها ملكهم و كان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم ( ع ) و بهاالعين و الصنوبرة و قد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبةو صارت شجرة عظيمة و حرموا ماء العين و الأنهار فلا يشربون منها و لا أنعامهم و منفعل ذلك قتلوهم و يقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها ويشربونهم و أنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم و قد جعلوا في كل شهر من السنة فيكل قرية عيدا يجمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كلة من يريد فيها منأنواع الصور ثم يأتون بشاة و بقر فيذبحونها قربانا للشجرة و يشعلون فيها النيرانبالحطب فإذا سطع دخان تلك الذبائح و قتارها في الهواء و حال بينهم و بين النظر إلىالسماء خروا للشجرة سجدا و يبكون و يتضرعون إليها أن ترضى عنهم
فكان الشيطان يجيءفيحرك أغصانها و يصيح من ساقها صياح الصبي و يقول قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفساو قروا عينا فيرفعون رءوسهم عند ذلك و يشربون الخمر و يضربون بالمعازف و يأخذون الدستبند فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم ثم ينصرفون و إنما سمت العجم شهورها بآبانماه و آذرماه و غيرهما اشتقاقا من أسماء تلكالقرى لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا و عيد شهر كذا حتى إذا كان عيد شهرقريتهم العظمى اجتمع إليه صغيرهم فضربوا عند الصنوبرة و العين سرادقا من ديباج عليه من أنواع الصور له اثنا عشر بابا كل باب لأهل قرية منهم و يسجدون للصنوبرةخارجا من السرادق و يقربون له الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم
فيجيء إبليس عند ذلك فيحركالصنوبرة تحريكا شديدا و يتكلم من جوفها كلاما جهوريا و يعدهم و يمنيهم بأكثر مماوعدتهم و منتهم الشياطين كلها فيرفعون رءوسهم من السجود و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون و لا يتكلمون من الشرب و العزف فيكونون على ذلك اثني عشر يوما ولياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون فلما طال كفرهم بالله عز و جل وعبادتهم غيره بعث الله عز و جل إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهود بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم إلى عبادة الله عز و جل و معرفة ربوبيته فلا يتبعونهفلما رأى شدة تماديهم في الغي و الضلال و تركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح و حضر عيد قريتهم العظمى قال يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيبي و الكفر بك وغدوا يعبدون شجرة لا تنفع و لا تضر فأيبس شجرهم أجمع و أرهم قدرتك و سلطانك فأصبح القوم و قد يبس شجرهم فهالهم ذلك و قطع بهم و صاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي يزعم أنه رسول رب السماء و الأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه
و فرقة قالت لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذاالرجل يعيبها و يقع فيها و يدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت حسنها و بهائها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه فأجمع رأيهم على قتله
فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعةالأفواه ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق و الأخرى مثل البرابخو نزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة و أرسلوافيها نبيهم و ألقموا فاها صخرة عظيمة ثم أخرجوا الأنابيب من الماء و قالوا نرجوالآن أن ترضى عنه آلهتنا إذ رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها و يصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها و نضارتها كما كان فبقوا عامة يومهميسمعون أنين نبيهم ( ع ) و هو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني و شدة كربي فارحم ضعف ركني وقلة حيلتي و عجل بقبض روحي و لا تؤخر إجابة دعوتي حتى مات ( ع )
فقال الله عز و جل لجبرئيل ( ع ) يا جبرئيل انظر عبادي هؤلاء الذي غرهم حلمي و أمنوا مكري و عبدوا غيري وقتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني كيف و أنا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي و إني حلفت بعزتي لأجعلنهم عبرة و نكالا للعالمين فلم يرعهم و هم فيعيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديدة الحمرة فتحيروا فيها و ذعروا منها و انضم بعضهم إلىبعض ثم صارت الأرض من تحتهم كحجر كبريت يتوقد و أظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا تلتهب فذابت أبدانهم في النار كما يذوب الرصاص في النار فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه و نزول نقمته
و لا حول و لاقوة إلا بالله العلي العظيم .
وصلى الله على محمد وال محمد الطاهرين انك حميد مجيد