إن الحياة السياسية للدولة العباسية منذ خلافة المنصور وحتى خلافة المعتمد كانت قائمة على أساس القمع والإرهاب بصورة عامَّة ، وللعلويِّين بصورة خاصة .
وقد عاصر الإمام العسكري ( عليه السلام ) مجتمعاً تسودُه حياة البذخ واللَّهو في قصور الخلفاء ، يقابله في الوقت نفسه مجتمع تسوده حالات الفقر ، والجوع ، والمرض ، والإرهاب ، بالإضافة إلى تردِّي الوضع الأخلاقي ، والسياسي ، والإداري ، والفوضى الفكرية .
فكان من الطبيعي أن يتصدَّى الإمام ( عليه السلام ) فيعارض سياسة الدولة ، لذلك عَملت السُلطات العباسية الثلاث وهي سلطة المعتزُّ ، والمهتدي ، والمعتمدُ ، إلى اتِّبَاع سياسة التضييق على الإمام ( عليه السلام ) ومواجهته .
ولما كانت شؤون القيادة والسياسة من مَهَامِّ الإمامة في الإسلام ، لذلك نجد أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى الإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) حَمَلوا لواء المعارَضة للسُلطات الحاكمة ، ونادوا بالعمل في كتاب الله وسُنَّة النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
كما اتَّخذوا أساليب مختَلِفة لمواجهة الانحرافات ، وقد كلَّفتهم عملية التصدِّي ثمناً باهضاً ، ومعاناة تحمَّلوا فيها الملاحقة ، والسجون ، والقتل ، وغيرها .
فالإمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) كما نقلت لنا الروايات وكتب التاريخ ، زُجَّ في السجن ، وحُبِس عِدَّة مرات ، كما زُجَّ بأصحابه في المُعتقلات من قبل حُكَّام عصره .