العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام

منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام المنتدى مخصص بسيرة أهل البيت عليهم السلام وصحابتهم الطيبين

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

غريب الغاضرية
عضو متواجد
رقم العضوية : 66902
الإنتساب : Jul 2011
المشاركات : 111
بمعدل : 0.02 يوميا

غريب الغاضرية غير متصل

 عرض البوم صور غريب الغاضرية

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
Waz16 الغيبة الصغرى والكبرى للامام المهدي(عليه السلام)
قديم بتاريخ : 22-07-2011 الساعة : 01:38 PM


الغيبة الصغرى 260 هـ 329 هـ

ولد الإمام المهدي عليه السلام وهو محمد بن الحسن العسكري في العام 255 من الهجرة في ظروف تشبه ولادة النبي موسى عليه السلام، فكما أن أم موسى لم يكن معروف اسمها إلا لدى الخاصة فكذلك اختلفت الآراء في اسم أم الإمام المهدي، فقيل اسمها نرجس وقيل سوسن وقيل صقيل وقيل ريحانة، وكذلك كما أن أم موسى لم يكن يبدو عليها آثار الحمل فكذلك أم الإمام المهدي لم يكن يبدو عليها آثار الحمل أيضاً، وكما أُخفي أمر ولادة النبي موسى عليه السلام وأُلقي به في اليم بعد ولادته كذلك أُخفي أمر ولادة الإمام المهدي عليه السلام ولم يكن يطلع عليه إلا الخواص من الشيعة والموثوق بهم من المؤمنين كما جاء في الرواية التالية.

عن أحمد بن إسحاق الأشعري قال: (دخلت على أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام وأنا أُريد أن أسأله عن الخلف من بعده فقال لي مبتدئاً: يا أحمد بن إسحاق إن الله تبارك وتعالى لم يخلِ الأرض منذ خلق آدم عليه السلام ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجة الله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه ينزل الغيث، وبه يخرج بركات الأرض، قال فقلت: يا بن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك؟ فنهض عليه السلام مسرعاً فدخل البيت ثم خرج وعلى عاتقه غلام كأن وجهه القمر ليلة البدر، من أبناء الثلاث سنين، فقال عليه السلام: يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله عز وجل وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا، إنه سمي برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنيه، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يا أحمد بن إسحاق مثله في هذه الأمة مثل الخضر ومثله مثل ذي القرنين، والله ليغيبن غيبة لا ينجو فيها من الهلكة إلا من ثبته الله عز وجل على القول بإمامته ووفقه فيها للدعاء بتعجيل فرجه، فقال أحمد بن إسحاق: فقلت: يا مولاي فهل من علامة يطمئن إليها قلبي فنطق الغلام عليه السلام بلسان عربي فصيح فقال: أنا بقية الله في أرضه، والمنتقم من أعدائه ولا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد بن إسحاق. قال: فخرجت مسروراً فرحاً).(47)
بل جاء في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم و الأئمة الأطهار عليه السلام النهي حتى عن ذكر اسمه أمام الناس لكي لا يتمكن الأعداء من معرفته والاطلاع على مكانه.
فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: (صاحب هذا الأمر لا يسميه باسمه إلا كافر).(1)
وعنه أيضاً عليه السلام حينما سئل من المهدي من ولدك قال: (الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه ولا يحل لكم تسميته).(2)
وعن أبي هاشم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن الهادي صاحب العسكر عليه السلام يقول: (الخلف من بعدي ابني الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف، فقلت: لم جعلني الله فداك؟ فقال عليه السلام: لأنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، فقلت: فكيف نذكره؟ قال: قولوا الحجة من آل محمد).(3)
وبعد وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام عام 260 ه - حيث كان عمر الإمام المهدي عليه السلام خمس سنين تقريباً - بدأت غيبة الإمام المهدي الصغرى التي استمرت قرابة 70 سنه حتى عام 329 ه عند وفاة السفير الرابع.
حيث لم يطلع على مكانه خلال هذه الفترة أحد من الناس إلا خاصة مواليه والمقربين منه فقط، وكان يراسل شيعته عبر وسطاء ونواب أربعة واحد بعد واحد كلما مات أحدهم أقام الإمام المهدي النائب الآخر مكانه لأجوبة المسائل وحل المشكلات وقضاء الحاجات وقبض الأموال وغير ذلك، وهم على التوالي:
السفير الأول: أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري ألأسدي (لمدة 5 سنوات) ولقد كان وكيلاً لأبيه الإمام العسكري من قبله حيث قال بشأنههذا أبو عمرو الثقة الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيى والممات فما قاله لكم فعني يقوله وما أدى إليكم فعني يؤديه).(4)
السفير الثاني: أبو جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري (لمدة 40 سنة) وكان ثقة الإمام العسكري أيضاً ولقد جاء عنه أنه قال (اشهدوا أن عثمان بن سعيد العمري وكيلي وأن ابنه محمداً وكيل ابني مهديكم).(5)
السفير الثالث: أبو القاسم حسين بن روح النوبختي (لمدة 21 سنة) حيث جاء عن محمد بن عثمان العمري بشأنه وذلك قبل موته بمدة (إن حدث علي حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي، فقد أُمرت أن أجعله في موضعي بعدي فأرجعوا إليه، وعولوا في أموركم عليه).(6)
السفير الرابع: أبو الحسن علي بن محمد السمري (لمدة 3 سنين) وفي نهاية سفارته خرج التوقيع من الإمام المهدي عليه السلام يخبر الناس بانتهاء الغيبة الصغرى وبدء الغيبة الكبرى.
حيث كتب عليه السلام: (بسم الله الرحمن الرحيم: يا علي بن محمد ألسمري: أعظم الله أجر إخوانك فيك، فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلا بإذن الله تعالى ذكره، وذلك بعد طول الأمد، وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي لشيعتي من يدعي المشاهدة، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم).(7)
وفي اليوم السادس مرض السمري رضوان الله تعالى عليه وانتقل إلى رحمة الله تعالى وكان آخر ما تكلم به بعد أن سألوه إلى من يوصي فقال: لله أمر هو بالغه.
- لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا هذا التعتيم الكبير على حمل الإمام المهدي عليه السلام و ولادته، وما هي أسباب غيبته الصغرى هذه؟

أسباب الغيبة الصغرى:
أولاً: الحفاظ على شخص الإمام المهدي عليه السلام وبقائه كما كان أيام الفراعنة وفي زمان النبي موسى عليه السلام حيث أنهم كانوا موعودين بخروج مخلص لبني إسرائيل ينهي ظلم الفراعنة ويدمر الطاغية فرعون ويقضي على جبروته، فما كان منه إلا أن قام بقتل الذكور من أبناء بني إسرائيل واستبقاء الإناث (يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم).(8)
كذلك كان من المعروف من الأخبار والروايات المتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن عدد الأئمة اثني عشر إماماً، وأن الإمام الثاني عشر هو الذي يزيل دول الظلم ويقضي على أئمة الجور والطغيان، فكان حكام الدولة العباسية يترقبوا هذا الأمر ويحسبون له ألف حساب، فوضعوا الإمام الحادي عشر أي الحسن العسكري عليه السلام تحت الإقامة الجبرية في بيته بسامراء كما وضعوا نساؤه تحت الرقابة المباشرة، وذلك للقضاء على الإمام الثاني عشر وتصفيته أول ولادته.
لذلك شاء الله سبحانه وتعالى إخفاء أمر حمله و ولادته إلا عن خواص الشيعة والموثوق بهم من المؤمنين، وبعد ولادته عليه السلام تناهى لمسامع الحكومة العباسية بعض الأخبار عن ذلك فتمت مداهمة بيت الإمام العسكري عليه السلام مرات عديدة وبشكل مفاجئ للقبض على الإمام المهدي عليه السلام وتصفيته، وباءت جميع محاولاتهم بالفشل، مما جعل أم الإمام المهدي السيدة نرجس (رض) تدعي بأنها حامل فسجنت عند القاضي بسامراء لمدة سنتين وذلك بعد وفاة الإمام العسكري حتى شغلوا عنها بثورة صاحب الزنج وسلمها الله منهم بفضله.
فكانت هذه الظروف العصيبة هي التي دعت الإمام المهدي عليه السلام للغيبة حفاظاً على نفسه لكي لا يقتل كما قتل آباؤه عليه السلام خصوصاً وهو آخر الأئمة وبقية حجج الله على الخلق وخاتم الأوصياء عليهم السلام، وهو المكلف بإقامة الدولة الإسلامية العالمية، فكان لابد من الحفاظ على وجوده بالغيبة حتى ينجز المهمة الموكل بها، وهذا ما نفهمه من الروايات التالية.
فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لابد للغلام من غيبة، فقيل له: ولميا رسول الله، قال: يخاف القتل).(9)
وفي البحار عن الباقر عليه السلام قال: (إذا ظهر قائمنا أهل البيت قال: (ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً)(10) أي خفتكم على نفسي وجئتكم لما أذن لي ربي وأصلح لي أمري).(11)
وعن يونس بن عبد الرحمن قال: (دخلت على موسى بن جعفر عليه السلام فقلت له: يا بن رسول الله أنت القائم بالحق؟ فقال عليه السلام: أنا القائم بالحق، ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفاً على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون).(12)
وخرج في التوقيع من الإمام المهدي عليه السلام لمحمد بن عثمان العمري في علة عدم ذكره عليه السلام باسمه: (فإنهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه، وإن وقفوا على المكان دلوا عليه).(13)
ولكن هل الخوف على نفسه عليه السلام يستدعي غيابه كل هذه القرون الطوال..؟
بالطبع هذا الأمر غير منطقي فبعد انتهاء دولة بني العباس جاءت الكثير من الدول والممالك، ولم يعد يذكره أو يطلبه الظالمون بالشكل الذي كان في بدء غيبته، ولم يعد هناك حرج من ذكر اسمه أمام الناس، فلا بد أن هناك أسباب أخرى لاستمرار الغيبة الطويلة هذه، وهذا ما سنذكره إن شاء الله تعالى في الفصل القادم في أسباب الغيبة الكبرى.
ثانياً: تهيئة الأمة للغيبة الكبرى والانقطاع التام عن الإمام عليه السلام كان المؤمنون في زمان الرسول صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام يتلقون الأحكام الشرعية والتعاليم الإسلامية مباشرة من النبي والأئمة عليهم السلام دون أي حاجز أو مانع، وإذا أشكل عليهم أمر ما أو قضية معينة يلجئون فيها إلى المعصوم فيحلها في الحال، واستمر هذا الأمر حتى عام 260 هـ عند وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام، حيث اختلف الحال ولم يعد بإمكان المؤمنين الالتقاء بالإمام المهدي عليه السلام وتلقي الأحكام الشرعية على يديه مباشرة.
ولكي لا تحدث ردة فعل عنيفة في الأمة لانقطاع الإمام عنها وغيابه بشكل مفاجئ، كان لابد من تهيئة الأمة للغيبة الكبرى، وتعويد الناس تدريجياً على احتجاب الإمام عنهم وبالتالي يستسيغون فكرة اختفائه عليه السلام.
لذلك كان من شأن الإمام المهدي عليه السلام تعيين السفراء الأربعة رضوان الله تعالى عليهم خلال الغيبة الصغرى كواسطة بينه وبين الناس، كما كان عليه السلام متدرجاً في الاحتجاب عن الناس خلال تلك الفترة، حيث تمكن العديد منهم مشاهدته في أول الغيبة الصغرى وكان أقل احتجاباً عن الناس، وكلما مشى الزمان زاد احتجابه، حتى لا يكاد يُنقل عنه المشاهدة في زمن السفير الرابع لغير السفير نفسه.
ولقد شبهت الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار الإمام المهدي عليه السلام بالشمس المضيئة، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لجابر بن عبد الله الأنصاري: (أي والذي بعثني بالنبوة، إنهم لينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب)(14) ، فكما أن الشمس قبل غروبها تماماً تبقى أشعتها لمدة معينة من الزمن حتى تغيب تماماً ويحل الظلام الدامس، فكذلك الإمام كان في حال الغيبة الصغرى متدرجاً في الغيبة قبل انقطاعه التام عن الناس.
ويذكر السيد مجتبى السادة بهذا الشأن أن للإمام المهدي عليه السلام أيضاً ظهور أصغر يسبق الظهور الأكبر إن شاء الله تعالى، وذلك يتمثل في عدة أحداث وقضايا سوف تحدث تمهد الأرض والبشرية لظهوره المبارك عليه السلام، حيث يقول: (وكذلك طلوع الشمس فإنه لا يكون مباشرة بل يبدأ الخيط الأبيض ثم الفجر ثم نور باهت يزداد تدريجياً حتى طلوع الشمس ساطعة في السماء، وهكذا فإن ظهور الحجة بن الحسن عليه السلام، وهو كالشمس المنيرة في سماء الولاية، لابد أن يسبقه ظهور أصغر يهيئ الأرضية للظهور الكامل لوجوده المقدس).(15)
ثالثاً: إثبات حقيقة وجود الإمام المهدي عليه السلام وإبطال شبهات المشككين بعد وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام عام 260 هـ وبسبب خفاء أمر ولادة الإمام المهدي عليه السلام عن أكثر الناس، بدأ الشك يدب في نفوس الكثير منهم بوجوده عليه السلام خصوصاً مع اقتسام إرث أبيه الإمام العسكري بين عمه جعفر وجدته أي أم الإمام العسكري حيث أوصى لها الإمام العسكري بأوقافه وصدقاته هذا بالإضافة لادعاء عمه جعفر الكذاب الإمامة، فكان لابد من إثبات وجود الإمام المهدي عبر بعض المشاهدات للعديد من الناس، وهي التي حصلت بالفعل في فترة الغيبة الصغرى كصلاته عليه السلام على جنازة أبيه ولقائه بوفد القميين الذين جاءوا لتسليم الأموال للإمام العسكري ووصفه الدقيق لتلك الأموال.
فعن أبو الأديان في ضمن حديث طويل تحدث فيه عن وفاة الإمام العسكري عليه السلام قال: (فلما صرنا في الدار، إذا نحن بالحسن بن علي صلوات الله عليه على نعشه مكفنا، فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه، فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج، فجذب برداء جعفر بن علي وقال: تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي، فتأخر جعفر وقد اربد وجهه واصفر، فتقدم الصبي وصلى عليه ودفن إلى جانب قبر أبيه عليهما السلام).(16)
والأمر الآخر الذي قام به الإمام المهدي عليه السلام في الغيبة الصغرى لإثبات وجوده هو اتخاذ نظام الوكلاء أو النواب بينه وبين عامة الشيعة كما ذكرنا ذلك من قبل.
ومن الأمور الهامة أيضاً التي ساهمت في إثبات وجود الإمام المهدي عليه السلام وتهيئة الذهنية العامة لدى المؤمنين للغيبة الكبرى وجعلتهم يتقبلون الفكرة بصدر رحب هو تأكيد العديد من الروايات الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام على الغيبة وحصولها للإمام المهدي عليه السلام وتحدثهم عنها بإسهاب.
فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن لصاحب هذا الأمر يعني المهدي غيبتين إحداهما تطول حتى يقول بعضهم مات، وبعضهم يقول قتل، وبعضهم يقول ذهب، حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير، لا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره).(17)
وعن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: قلت له: ما تأويل قول الله تعالى قل (أرءيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماءٍ معين)(18) فقال عليه السلام: (إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فماذا تصنعون).(19)
وعن محمد بن زياد الأزدي قال: سألت سيدي موسى بن جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنه)(20) فقال عليه السلام: (النعمة الظاهرة الإمام الظاهر والباطنة الإمام الغائب، قال: فقلت له: ويكون في الأئمة من يغيب؟ قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منا، يسهل الله له كل عسير، ويذلل له كل صعب، ويظهر له كنوز الأرض ويقرب له كل بعيد ويبير به كل جبار عنيد ويهلك على يده كل شيطان مريد، ذلك ابن سيدة الإماء الذي تخفى على الناس ولادته ولا يحل لهم تسميته حتى يظهره الله عز وجل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً).(21)
ولقد قام الإمام الحسن العسكري عليه السلام بطريقة هادئة في إعلام كبار الشيعة والمخلصين من المؤمنين بولادة الإمام المهدي المنتظر وذلك عبر إرسال بعض الرسائل للثقاة منهم من أمثال أحمد بن إسحاق حيث كتب عليه السلام له: (ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً، وعن جميع الناس مكتوماً فإنا لم نظهر عليه إلا الأقرب لقرابته والولي لولايته، أحببنا إعلامك ليسرك الله به مثل ما سرنا به والسلام).(22)
كما قام عليه السلام بذبح كذا شاة عقيقه عن ابنه المهدي وقام بتوزيع كمية كبيرة من الخبز واللحم على شخصيات من بني هاشم ووجهاء الشيعة، ولقد جاء في بعض الأخبار كما نُقل عن الحسن بن المنذر عن حمزة بن أبي الفتح أنه عليه السلام عق عنه بثلاثمائة شاة.
كما قام الإمام العسكري عليه السلام بإخبار بعض أصحابه الموثوق بهم شفوياً بولادة الإمام المهدي من أمثال أبا هاشم الجعفري وأبا طاهر البلالي كما قام عليه السلام بعرض ابنه المهدي على جماعة من أصحابه وهم أكثر من 40 رجلاً وقد اجتمعوا في مجلسه فقال لهمهذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألا وإنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر، فاقبلوا من عثمان أي العمري ما يقوله وانتهوا إلى أمره واقبلوا قوله، فهو خليفة إمامكم والأمر إليه).(23)
ولكن لماذا لم تستمر السفارة بين الإمام المهدي عليه السلام والناس كما في الغيبة الصغرى حتى يومنا هذا؟ أو بمعنى آخر لماذا حدثت الغيبة الكبرى؟

أسباب انتهاء الغيبة الصغرى:
يذكر السيد محمد صادق الصدر قدس سره بشأن بدء الغيبة الكبرى الأسباب التالية(24) استيفاء الغيبة الصغرى لأغراضها في تهيئة الذهنية العامة للناس لغيبة الإمام المهدي عليه السلام.
ازدياد المطاردة والمراقبة من قبل السلطات الحاكمة آنذاك للإمام والمرتبطين به لدرجة أن السفير الرابع لم يقوم بعمل اجتماعي كبير يذكر،ولم يرو لنا من أعماله إلا القليل، ولم تستمر مدة سفارته إلا ثلاثة أعوام فقط.
عدم إمكانية المحافظة على السرية الملتزمة في خط السفارة لو طال بها الزمان أكثر من ذلك وانكشاف أمرها شيئاً فشيئاً، فخلال السبعين سنة تقريباً وهي مدة الغيبة الصغرى لم يُنقل أنه عُرف كيف يتم الاتصال بين الإمام والسفراء، وكيف يخرج لهم التوقيع، وأين يجتمعون مع الإمام عليه السلام.
بل لم يكن لأي من السلطات الحاكمة آنذاك أن يثبتوا على أحد السفراء أو وكلائهم أنهم أخذوا مالاً من أحد ما لتوصيله للإمام، ولم يجدوا في حوزتهم أي أوراق تثبت اتصالهم بالإمام عليه السلام.
فعن الحسين بن الحسن العلوي قال: (انتهى إلى عبيد الله بن سليمان الوزير أن له أي الإمام عليه السلام وكلاء وأنه تجبى إليهم الأموال، وسموا الوكلاء في النواحي، فهمّ بالقبض عليهم، فقيل له: لا، ولكن دسوا لهم قوماً لا يعرفونهم بالأموال، فمن قبض منهم شيئاً قُبض عليه، فلم يشعر الوكلاء بشيء حتى خرج الأمر أي من صاحب الزمان أن لا يأخذوا من أحد شيئاً وأن يتجاهلوا بالأمر، وهم لا يعلمون ما السبب في ذلك، وامتنع الوكلاء كلهم لما كان تقدم إليهم، فلم يظفروا بأحد منهم ولم تتم الحيلة فيهم).(25)
ولقد تعرض السفير الثالث الحسين بن روح للاعتقال والمساءلة لفترة من الزمن وحينما لم تجد عليه السلطات أي مستمسك أطلقت سراحه بفضل الله.


أسباب الغيبة الصغرى للإمام المهدي

ماهر آل شبر

أولاً: الحفاظ على شخص الإمام المهدي (عليه السلام) وبقائه
كما كان أيام الفراعنة وفي زمان النبي موسى (عليه السلام) حيث أنهم كانوا موعودين بخروج مخلص لبني إسرائيل ينهي ظلم الفراعنة ويدمر الطاغية فرعون ويقضي على جبروته، فما كان منه إلا أن قام بقتل الذكور من أبناء بني إسرائيل واستبقاء الإناث ) يذبح أبناءهم ويستحيى نساءهم( (1).
كذلك كان من المعروف من الأخبار والروايات المتواترة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أن عدد الأئمة اثني عشر إماماً، وأن الإمام الثاني عشر هو الذي يزيل دول الظلم ويقضي على أئمة الجور والطغيان، فكان حكام الدولة العباسية يترقبوا هذا الأمر ويحسبون له ألف حساب، فوضعوا الإمام الحادي عشر أي الحسن العسكري (عليه السلام) تحت الإقامة الجبرية في بيته بسامراء، كما وضعوا نساؤه تحت الرقابة المباشرة، وذلك للقضاء على الإمام الثاني عشر وتصفيته أول ولادته.
لذلك شاء الله سبحانه وتعالى إخفاء أمر حمله وولادته إلا عن خواص الشيعة والموثوق بهم من المؤمنين، وبعد ولادته (عليه السلام) تناهى لمسامع الحكومة العباسية بعض الأخبار عن ذلك فتمت مداهمة بيت الإمام العسكري (عليه السلام) مرات عديدة وبشكل مفاجئ للقبض على الإمام المهدي (عليه السلام) وتصفيته، وباءت جميع محاولاتهم بالفشل، مما جعل أم الإمام المهدي السيدة نرجس (رض) تدعي بأنها حامل فسجنت عند القاضي بسامراء لمدة سنتين وذلك بعد وفاة الإمام العسكري حتى شغلوا عنها بثورة صاحب الزنج وسلمها الله منهم بفضله.
فكانت هذه الظروف العصيبة هي التي دعت الإمام المهدي (عليه السلام) للغيبة حفاظاً على نفسه لكي لا يقتل كما قتل آباؤه (عليهم السلام) خصوصاً وهو آخر الأئمة وبقية حجج الله على الخلق وخاتم الأوصياء (عليهم السلام)، وهو المكلف بإقامة الدولة الإسلامية العالمية، فكان لابد من الحفاظ على وجوده بالغيبة حتى ينجز المهمة الموكل بها، وهذا ما نفهمه من الروايات التالية.
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (لابد للغلام من غيبة، فقيل له: ولم يا رسول الله، قال: يخاف القتل)(2).
وفي البحار عن الباقر (عليه السلام) قال: (إذا ظهر قائمنا أهل البيت قال ) ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً( (3)، أي خفتكم على نفسي وجئتكم لما أذن لي ربي وأصلح لي أمري)(4).
وعن يونس بن عبد الرحمن قال: (دخلت على موسى بن جعفر (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله أنت القائم بالحق؟ فقال (عليه السلام): أنا القائم بالحق، ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفاً على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون)(5).
وخرج في التوقيع من الإمام المهدي (عليه السلام) لمحمد بن عثمان العمري في علة عدم ذكره باسمه: (فإنهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه، وإن وقفوا على المكان دلوا عليه)(6).
- ولكن هل الخوف على نفسه (عليه السلام) يستدعي غيابه كل هذه القرون الطوال…؟
بالطبع هذا الأمر غير منطقي فبعد انتهاء دولة بني العباس جاءت الكثير من الدول والممالك، ولم يعد يذكره أو يطلبه الظالمون بالشكل الذي كان في بدء غيبته، ولم يعد هناك حرج من ذكر اسمه أمام الناس، فلا بد أن هناك أسباب أخرى لاستمرار الغيبة الطويلة هذه، وهذا ما سنذكره إن شاء الله تعالى في الفصل القادم في أسباب الغيبة الكبرى.
ثانياً: تهيئة الأمة للغيبة الكبرى والانقطاع التام عن الإمام (عليه السلام)
كان المؤمنون في زمان الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) يتلقون الأحكام الشرعية والتعاليم الإسلامية مباشرة من النبي والأئمة دون أي حاجز أو مانع، وإذا أشكل عليهم أمر ما أو قضية معينة يلجئون فيها إلى المعصوم فيحلها في الحال, واستمر هذا الأمر حتى عام 260 هـ، عند وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، حيث اختلف الحال ولم يعد بإمكان المؤمنين الالتقاء بالإمام المهدي (عليه السلام) وتلقي الأحكام الشرعية على يديه مباشرة.
ولكي لا تحدث ردة فعل عنيفة في الأمة لانقطاع الإمام عنها وغيابه بشكل مفاجئ، كان لابد من تهيئة الأمة للغيبة الكبرى، وتعويد الناس تدريجياً على احتجاب الإمام عنهم وبالتالي يستسيغون فكرة اختفائه (عليه السلام).
لذلك كان من شأن الإمام المهدي (عليه السلام) تعيين السفراء الأربعة رضوان الله تعالى عليهم خلال الغيبة الصغرى كواسطة بينه وبين الناس،كما كان (عليه السلام) متدرجاً في الاحتجاب عن الناس خلال تلك الفترة، حيث تمكن العديد منهم مشاهدته في أول الغيبة الصغرى وكان أقل احتجاباً عن الناس، وكلما مشى الزمان زاد احتجابه، حتى لا يكاد يُنقل عنه المشاهدة في زمن السفير الرابع لغير السفير نفسه.
ولقد شبهت الروايات الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار الإمام المهدي (عليه السلام) بالشمس المضيئة، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لجابر بن عبد الله الأنصاري: (أي والذي بعثني بالنبوة، إنهم لينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب)(7)، فكما أن الشمس قبل غروبها تماماً تبقى أشعتها لمدة معينة من الزمن حتى تغيب تماماً ويحل الظلام الدامس، فكذلك الإمام كان في حال الغيبة الصغرى متدرجاً في الغيبة قبل انقطاعه التام عن الناس.
ويذكر السيد مجتبى السادة بهذا الشأن أن للإمام المهدي (عليه السلام) أيضاً ظهور أصغر يسبق الظهور الأكبر إن شاء الله تعالى، وذلك يتمثل في عدة أحداث وقضايا سوف تحدث تمهد الأرض والبشرية لظهوره المبارك (عليه السلام)، حيث يقول: (وكذلك طلوع الشمس فإنه لا يكون مباشرة بل يبدأ الخيط الأبيض ثم الفجر ثم نور باهت يزداد تدريجياً حتى طلوع الشمس ساطعة في السماء، وهكذا فإن ظهور الحجة بن الحسن (عليه السلام)، وهو كالشمس المنيرة في سماء الولاية، لابد أن يسبقه ظهور أصغر يهيئ الأرضية للظهور الكامل لوجوده المقدس)(8).


ثالثاً: إثبات حقيقة وجود الإمام المهدي (عليه السلام) وإبطال شبهات المشككين
بعد وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) عام 260 هـ، وبسبب خفاء أمر ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) عن أكثر الناس، بدأ الشك يدب في نفوس الكثير منهم بوجوده (عليه السلام) خصوصاً مع اقتسام إرث أبيه الإمام العسكري بين عمه جعفر وجدته ـ أي أم الإمام العسكري حيث أوصى لها الإمام العسكري بأوقافه وصدقاته ـ هذا بالإضافة لادعاء عمه جعفر الكذاب الإمامة، فكان لابد من إثبات وجود الإمام المهدي عبر بعض المشاهدات للعديد من الناس، وهي التي حصلت بالفعل في فترة الغيبة الصغرى كصلاته (عليه السلام) على جنازة أبيه ولقائه بوفد القميين الذين جاءوا لتسليم الأموال للإمام العسكري ووصفه الدقيق لتلك الأموال.
فعن أبو الأديان في ضمن حديث طويل تحدث فيه عن وفاة الإمام العسكري (عليه السلام) قال: (فلما صرنا في الدار، إذا نحن بالحسن بن علي صلوات الله عليه على نعشه مكفنا، فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه، فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة، بشعره قطط، بأسنانه تفليج، فجذب برداء جعفر بن علي وقال: تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي، فتأخر جعفر وقد اربد وجهه واصفر، فتقدم الصبي وصلى عليه ودفن إلى جانب قبر أبيه (عليهما السلام))(9).
والأمر الآخر الذي قام به الإمام المهدي (عليه السلام) في الغيبة الصغرى لإثبات وجوده هو اتخاذ نظام الوكلاء أو النواب بينه وبين عامة الشيعة.
ومن الأمور الهامة أيضاً التي ساهمت في إثبات وجود الإمام المهدي (عليه السلام) وتهيئة الذهنية العامة لدى المؤمنين للغيبة الكبرى وجعلتهم يتقبلون الفكرة بصدر رحب هو تأكيد العديد من الروايات الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) على الغيبة وحصولها للإمام المهدي (عليه السلام) وتحدثهم عنها بإسهاب.
فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إن لصاحب هذا الأمر ـ يعني المهدي ـ غيبتين إحداهما تطول حتى يقول بعضهم مات، وبعضهم يقول قتل، وبعضهم يقول ذهب، حتى لا يبقى على أمره من أصحابه إلا نفر يسير، لا يطلع على موضعه أحد من ولي ولا غيره إلا المولى الذي يلي أمره)(10).
وعن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: ما تأويل قول الله تعالى ) قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماءٍ معين( (11)، فقال (عليه السلام): (إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فماذا تصنعون)(12).
وعن محمد بن زياد الأزدي قال: سألت سيدي موسى بن جعفر (عليه السلام) عن قول الله عز وجل ) وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة( (13)، فقال (عليه السلام): (النعمة الظاهرة الإمام الظاهر والباطنة الإمام الغائب، قال: فقلت له: ويكون في الأئمة من يغيب؟ قال: نعم، يغيب عن أبصار الناس شخصه ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر منا، يسهل الله له كل عسير، ويذلل له كل صعب، ويظهر له كنوز الأرض ويقرب له كل بعيد ويبير به كل جبار عنيد ويهلك على يده كل شيطان مريد، ذلك ابن سيدة الإماء الذي تخفى على الناس ولادته ولا يحل لهم تسميته حتى يظهره الله عز وجل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً)(14).
ولقد قام الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بطريقة هادئة في إعلام كبار الشيعة والمخلصين من المؤمنين بولادة الإمام المهدي المنتظر وذلك عبر إرسال بعض الرسائل للثقاة منهم من أمثال أحمد بن إسحاق حيث كتب (عليه السلام) له: (ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً، وعن جميع الناس مكتوماً فإنا لم نظهر عليه إلا الأقرب لقرابته والولي لولايته، أحببنا إعلامك ليسرك الله به مثل ما سرنا به والسلام)(15).
كما قام (عليه السلام) بذبح كذا شاة عقيقة عن ابنه المهدي وقام بتوزيع كمية كبيرة من الخبز واللحم على شخصيات من بني هاشم ووجهاء الشيعة، ولقد جاء في بعض الأخبار كما نُقل عن الحسن بن المنذر عن حمزة بن أبي الفتح أنه (عليه السلام) عق عنه بثلاثمائة شاة.
كما قام الإمام العسكري (عليه السلام) بإخبار بعض أصحابه الموثوق بهم شفوياً بولادة الإمام المهدي من أمثال أبا هاشم الجعفري وأبا طاهر البلالي كما قام (عليه السلام) بعرض ابنه المهدي على جماعة من أصحابه وهم أكثر من 40 رجلاً وقد اجتمعوا في مجلسه فقال لهم: (هذا إمامكم من بعدي وخليفتي عليكم أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألا وإنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر، فاقبلوا من عثمان ـ أي العمري ـ ما يقوله وانتهوا إلى أمره واقبلوا قوله، فهو خليفة إمامكم والأمر إليه)(16).
- ولكن لماذا لم تستمر السفارة بين الإمام المهدي (عليه السلام) والناس كما في الغيبة الصغرى حتى يومنا هذا؟ أو بمعنى آخر لماذا حدثت الغيبة الكبرى؟


أسباب انتهاء الغيبة الصغرى:
يذكر السيد محمد صادق الصدر (قدس) بشأن بدء الغيبة الكبرى الأسباب التالية(17):
1- استيفاء الغيبة الصغرى لأغراضها في تهيئة الذهنية العامة للناس لغيبة الإمام المهدي (عليه السلام).
2- ازدياد المطاردة والمراقبة من قبل السلطات الحاكمة آنذاك للإمام والمرتبطين به لدرجة أن السفير الرابع لم يقوم بعمل اجتماعي كبير يذكر، ولم يرو لنا من أعماله إلا القليل، ولم تستمر مدة سفارته إلا ثلاثة أعوام فقط.
3- عدم إمكانية المحافظة على السرية الملتزمة في خط السفارة لو طال بها الزمان أكثر من ذلك وانكشاف أمرها شيئاً فشيئاً، فخلال السبعين سنة تقريباً وهي مدة الغيبة الصغرى لم يُنقل أنه عُرف كيف يتم الاتصال بين الإمام والسفراء، وكيف يخرج لهم التوقيع، وأين يجتمعون مع الإمام (عليه السلام).
بل لم يكن لأي من السلطات الحاكمة آنذاك أن يثبتوا على أحد السفراء أو وكلائهم أنهم أخذوا مالاً من أحد ما لتوصيله للإمام، ولم يجدوا في حوزتهم أي أوراق تثبت اتصالهم بالإمام (عليه السلام).
فعن الحسين بن الحسن العلوي قال: (انتهى إلى عبيد الله بن سليمان الوزير أن له ـ أي الإمام ـ وكلاء وأنه تجبى إليهم الأموال، وسموا الوكلاء في النواحي، فهمّ بالقبض عليهم، فقيل له: لا، ولكن دسوا لهم قوماً لا يعرفونهم بالأموال، فمن قبض منهم شيئاً قُبض عليه، فلم يشعر الوكلاء بشيء حتى خرج الأمر ـ أي من صاحب الزمان ـ أن لا يأخذوا من أحد شيئاً وأن يتجاهلوا بالأمر، وهم لا يعلمون ما السبب في ذلك، وامتنع الوكلاء كلهم لما كان تقدم إليهم، فلم يظفروا بأحد منهم ولم تتم الحيلة فيهم)(18).
ولقد تعرض السفير الثالث الحسين بن روح للاعتقال والمساءلة لفترة من الزمن وحينما لم تجد عليه السلطات أي مستمسك أطلقت سراحه بفضل الله


الغيبة الكبرى للإمام المهدي (عليه السلام)
كما أشرنا سابقاً قد انتهت الغيبة الصغرى بوفاة النائب الرابع للإمام المهدي (عليه السلام) وذلك في سنة (329 هـ. ق) وابتدأت الغيبة الكبرى، ولا تزال مستمرة إلى الآن وبذلك انقطعت طرق الاتصالات بالإمام المهدي (عليه السلام)، وقد أرشد الإمام (عليه السلام) الشيعة لحلّ مشاكلهم وأخذ معالم دينهم بإرجاعهم إلى رواة الأحاديث والعلماء في التوقيع الذي كتبه إلى أحد وجهاء الشيعة وهو إسحاق بن يعقوب، بواسطة النائب الثاني محمد بن عثمان والذي جاء فيه: (... وامّا الحوادث الواقعة، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجة اللَّه عليكم... ) (3).
وينقل المرحوم الطبرسي في كتاب (الاحتجاج) عن الإمام الصادق (عليه السلام) انه قال ضمن حديثٍ: (وأمّا من كان من الفقهاء صائناًلنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام ان يقلّدوه) (4).
فقد فوض الإمام (عليه السلام) شؤون المسلمين في زمان الغيبة الكبرى إلى الولي الفقيه الجامع للشرائط، وصحيح انَّ منصب الفتوى والقضاء كان قد جعل للفقهاء من قبل بواسطة الأئمة (عليه السلام) وفي عهدهم إلّا انَّ شرعية المرجعية والزعامة والحكومة تبدأ من تاريخ الغيبة الكبرى وهي مستمرة إلى ظهور الإمام صاحب الأمر والزمان وعندما يظهر يكون هو المرجع والزعيم والحاكم إن شاء اللَّه.
وفي ضوء الغيبة الكبرى للإمام المهدي (عليه السلام) أثيرت بعض الشكوك والأوهام وتبادرت إلى اذهان الناس، بعض التساؤلات،عن جدوى وجود الإمام المهدي (عليه السلام) حال غيبته الكبرى وما فائدة الناس به وما ينتفعون منه وكيف عمّر إلى هذا اليوم؟ وغيرها من الشبهات والتساؤلات، نطرحها ونجيب عنها باختصار.
أسباب غيبة الإمام المنتظر (عليه السلام) وفوائدها
لا شك أنَّ الغيبة هي من أسرار اللَّه وهو أعرف بأسبابها وفوائدها الحقيقية ولكن هناك ثمة أسباب صرَّحت بها الأخبار والأحاديث نذكر بعضها:
من تلك الأسباب أن حياة الإمام المهدي كانت مهددة بالقتل من قبل الحكّام العباسيين فكانوا يبحثون عنه في كل مكان حتى فتشوا دار الإمام العسكري، ولذا كان الإمام العسكري يحاول إخفاء ولادة الإمام (عليه السلام) عن عامّة الناس، تحفّظاً على حياة ولده من شرالحكّام العباسيين وهكذا استمر الخطر عليه من قبل سائر الحكّام كالعثمانيين وغيرهم ممّن حكموا بلاد الشرق، لأنهم علموا بأن المهدي هو الذي يزلزل كراسي الظالمين ويدمِّر كيانهم، ولا زال الخطر محدق بالإمام وهذا الأمر سبب طول غيبته، لذا شيعته دائماًيدعون له بالسلامة من الأعداء والتعجيل في ظهوره وفرجه.
وثمة سبب آخر علل به غيبة الإمام (عليه السلام)، وهو امتحان العبادواختبارهم، وتمحيصهم، فقد ورد عن النبي (عليه السلام) انه قال: (أما واللَّه ليغيبنَّ إمامكم شيئاً من دهركم، ولتمحصنَّ، حتى يقال: مات أوهلك بأي وادٍ سلك، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين) (5) ولذا كان انتظار الفرج والظهور من أفضل العبادات كما صرحت بذلك الروايات.
وهنا يطرح سؤال هو: ما الفائدة في وجود إمامٍ غائبٍ؟ وكيف ينتفع الناس به؟؟
لقد وردت أحاديث متعددة تذكر فوائد وجود الإمام الغائب (عليه السلام) ووجه الانتفاع به، وفيما يلي نذكر بعضها:
عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله: هل ينتفع الشيعة بالقائم (عليه السلام) في غيبته؟
فقال صلى الله عليه وآله: (إي والذي بعثني بالنبوة، إنهم لينتفعون به،ويستضيئون بنور ولايته في غيبته، كإنتفاع الناس بالشمس وإن جلّلها السحاب) (6).
فالشمس أمان للمجموعة الشمسيّة من الفناء والزوال وفيهافائدة عظيمة للإنسان والحيوان والنبات والهواء والماء والجماد.
ومن الواضح أن السحاب لا يغير شيئاً من تأثير الشمس،وفوائدها، وإنّما يحجب الشمس عن الرؤية - في المنطقة التي يخيم عليها السحاب - فقط.
فالإمام المهدي الذي شُبِّه بالشمس وراء السحاب هو الذي بوجوده يتنعم البشر وتنتظم حياتهم وهو أمان لأهل الأرض، لأنّ الأرض لا تخلو من الحجة ولو خلت لساخت بأهلها. وورد هذاالمعنى في رسالة الإمام المهدي (عليه السلام) إلى إسحاق بن يعقوب: (... وإني لأمان لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء... ) (7).
وبالاضافة إلى هذا فانّ إمام العصر أرواحنا فداه يحضر في مواسم الحج كل عام، ويتردد على المجالس والمحافل، وما أكثرالمشاكل التي يحلّها بالواسطة أو من دون واسطة لبعض المؤمنين،ولعل الناس لا يرونه ولا يعرفونه ولكن الإمام (عليه السلام) يراهم ويعرفهم،وقد ظفر كثير من الناس بلقائه خلال الغيبة الصغرى والكبرى ورأواالكثير - من معاجزه وكراماته، وحُلّت على يديه مشاكل عدد من المؤمنين.
نعم كم من مسألة في الأصول والفروع قد أجاب عنهاومشكلة في الدّين أو الدنيا قد أنقذ منها، وكم من مريض قد شفاه ومضطر قد نجاه ومنقطع قد هداه وعطشان قد سقاه وعاجز قد أخذبيده وذلك بلطف اللَّه تعالى واستجابة لدعواته وتوسلاته المباركة بحق هؤلاء وأمثالهم فكيف جاز ان يقول القائل كيف ينتفع بالإمام الغائب، هذا والإمام يرعى شيعته، ويمدهم بدعائه الذي لا يحجب،وقد أعلن ذلك في إحدى رسائله للشيخ المفيد، فقد قال (عليه السلام): (إنّاغير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم الأواء (8)، واصطلمكم (9) الأعداء... ) (10).
رؤية الإمام المهدي (عليه السلام) في الغيبة الكبرى
يستفاد من عدد من الأحاديث الشريفة أنَّ للإمام المهدي (عليه السلام) جماعة من الأولياء المخلصين يلتقون به بإستمرار في غيبته الكبرى ومن أهل كل عصر، وتصرح بعض الأحاديث بأنّ عددهم ثلاثون شخصاً، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (لا بدَّ لصاحب هذاالأمر من غيبة ولا بدَّ له في غيبته من عزلة ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة ) (11) وروي عنه (عليه السلام): (للقائم غيبتان إحداهماقصيرة والأخرى طويلة، الغيبة الأُولى لا يعلم بمكانه إلّا خاصّة شيعته والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة مواليه) (12) وتصرّح بعض الأحاديث بأنّ الخضر (عليه السلام) من مرافقيه في غيبته (13) ولعلَّه يستعين بهؤلاء الأولياء المخلصين للقيام بمهامٍّ، كحفظورعاية المؤمنين وتسديد العلماء ودفع الأخطار عنهم والتمهيدلظهوره.
وتصرّح الأحاديث الشريفة بأنَّ من سيرته (عليه السلام) في غيبته الكبرى حضور موسم الحج في كل عام وهي فرصة مناسبة للإلتقاء بالمؤمنين من أنحاء أقطار العالم وإيصال التوجيهات إليهم ولو من دون التعريف بنفسه صراحة.
ويستفاد من الأحاديث والأخبار المتواترة بإن لقاء ات الإمام المهدي لا تنحصر في عدد معين ومكانٍ معين بل تشمل كل من له صلاحية هذا الإلتقاء في كل عصرٍ وفي أي مكان بالاخص الأماكن المقدسة والمشاهد المشرفة فالأخبار الدالة على مشاهدته في الغيبة الكبرى كثيرة وعددها يفوق حد التواتر، بحيث نعلم لدى مراجعتها واستقرائها، عدم الكذب والخطأ فيها في الجملة (14).
وتشمل هذه المقابلات قضاء حوائج المؤمنين بمختلف أقسامها المادية والمعنوية، كما تشتمل على توجيه، الوصاياالتربوية وتوضيح غوامض المعارف الإلهية أو التنبيه إلى الأحكام الشرعية الصحيحة وغير ذلك من مهام الإمام في كل عصر.
وتحققت من هذه اللقاء ات إضافة لذلك ثمار مهمة تتمحور حول ترسيخ الإيمان بوجوده (عليه السلام) وإزالة التشكيكات الواردة حوله في كل عصر بما يعزز سيرة المؤمنين في التمهيد لظهوره (عليه السلام).
وهذه الكتب المؤلفة في أزمنة مختلفة وبلاد متفاوتة ألّفهاثقات لا يعرف بعضهم بعضاً وفيها من الحكايات الشاهدة لما ذكرنامن مشاهدة الإمام المهدي (عليه السلام) والتشرف بخدمته.
وبما أن للقصص أهمية كبرى في التثقيف والتوجيه والتعليم،نذكر حكايتين من الذين تشرفوا بلقاء الإمام (عليه السلام)

اسباب الغيبة الكبرى
علّلت غيبة الإمام (عليه السلام) ، بانه امتحان العباد واختبارهم ، وتمحيصهم. فقد أثر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قـال : (( أمّا والله ليغيبن إمامكم شيئاً من دهركم ، ولتمحصن ، حتى يقال : مات أو هلك بأيّ واد سلك ، ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ولتكفأن كما تكفأ السنن في أمواج البحر ، فلا ينجو إلاّ من أخذ الله ميثاقه ، وكتب في قلبه الإيمان ، وأيّده بروح منه )) (البحار : 53 / 7 و 281). لقد جرت سنة الله في عباده امتحانهم ، وابتلاؤهم ليجزيهم بأحسن ما كانوا يعملون ، قال تعالى: (( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملاً ))[الملك:2] وقال تعالى: (( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون ))[العنكبوت :2]، وغيبة الإمام (عليه السلام) من موارد الإمتحان فلا يؤمن بها إلاّ من خلص إيمانه وصفت نفسه ، وصدق بما جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) والأئمة الهداة المهديين من حجبه عن الناس ، وغيبته مدة غير محددة ، أو أن ظهوره بيد الله تعالى ، وليس لأحد من الخلق رأي في ذلك ، وإن مثله كمثل الساعة فإنها آتية لا ريب فيها .3- الغيبة من أسرار الله :
وعللت غيبة الإمام المنتظر (عليه السلام) بأنّها من أسرار الله تعالى التي لم يطلع عليها أحد من الخلق . فقد أثر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ، أنه قال: (( إنما مثل قائمنا أهل البيت كمثل الساعة لا يجليها لوقتها إلا هو : ثقلت في السماوات ، لا يأتيكم إلاّ بغتة )) .
ويقول الشيخ مقداد السيوري : (( كان الاختفاء لحكمة استأثر بها الله تعالى في علم الغيب عنده )) (مختصر التحفة الاثنى عشرية : 199) .4- عدم بيعته لظالم :
ومن الأسباب التي ذكرت لاختفاء الإمام (عليه السلام) أن لا تكون في عنقه بيعة لظالم. وقد أثر ذلك عن الإمام الرضا (عليه السلام) ، فقد روى الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، أنّ الإمام الرضا قال : (كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي كالنعم يطلبون المرعى فلا يجدونه فقال له : ولم ذاك يابن رسول الله ؟ ... قال (عليه السلام) : لأن إمامهم يغيب عنهم .. . ولمَ ؟ ... لئلا يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف )) (علل الشرايع ، كمال الدين) .
وأعلن الإمام المنتظر (عليه السلام) ذلك بقوله : إنه لم يكن لأحد من آبائي (عليهم السلام) إلاّ وأوقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، واني أخرج حين أخرج ، ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي (منتخب الاثر : 267). هذه بعض الأسباب التي عللت بها غيبة الإمام المنتظر (عليه السلام) ، وأكبر الظن أن الله تعالى قد أخفى ظهور وليّه المصلح العظيم لأسباب لا نعلمها إلا بعد ظهوره .







من مواضيع : غريب الغاضرية 0 ما معنى فزت ورب الكعبة
0 صور الملكي البطل مدريد وافتخر
0 سجل حضورك بلعن أبا ملجم لعنة الله عليه
0 سجل حضورك بلعن أبا ملجم لعنة الله عليه
0 الامام جعفر الصادق عليه السلام
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 09:20 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية