ان التعليم ضرورة حتمية وأساسية لكل فرد ينتمي الى بلد تكون فيه السمة السائدة مواكبة للتطورات بشتى إشكالها وأنواعها، والسعي لتمكين الأجيال من مواصلة تعلمهم الأولي والمتقدم لأنه يمثل مخرجات مؤجلة نحو رقي البلد.
قد يرى البعض ان هناك ضرورة للتحدث عن البناء والأعمار كونهما يمسان المواطن أكثر من العلم والمعرفة؛ ونحن نقول كيف نحصل على ذلك بدون وجود موارد بشرية قادرة ومؤهلة على القيام بمهام البناء والأعمار... فلابد ان ندرك ان بذل الجهود الجماعية في نشر مفاهيم الجودة الشاملة، الاعتمادية، التمكين، التوأمة،... الخ من مواضيع علمية ينهجها العالم اليوم ونحن مازلنا نمارس النظريات والمفاهيم والأساليب القديمة في الجوانب التربوية والتعليمية.
تمثل حلقة الالتحاق بالتعليم واحدة من أهم الركائز الأساسية لبناء جيل وتطوير بلد وازدهار مجتمع، وان ما يحصل من غياب في الرقابة التربوية والتعليمية يثمل تجاهل متعمد لأهمية العلم والمعرفة يؤدي الى عزوف التلاميذ والطلبة عن الالتحاق بالمقاعد الدراسة، وترك عدد كبير منهم مراحل الدراسة الأولية، مراحل الابتدائية، بسبب الظروف البيئية داخل تلك المدارس من كادر، بناية، منهج وأسلوب التعلم،... الخ من أمور تمنع التلاميذ والطلبة من مواصلة تعليمهم.
ان السبيل الوحيد للقضاء على ظاهرة ترك او هروب التلاميذ من مقاعد الدراسة في المراحل الابتدائية هو تمديد سنوات الدراسة الى تسعة سنوات بدلا من ستة سنوات للقضاء على ظاهرة الرحيل العاجل، وثمة أسباب عديدة:
1.) عدم ايمان التلميذ، خصوصا في المناطق الريفية، بوجود مستقبل زاهر كونه بنى رؤية أولية على الدراسة من خلال البناية، المنهج، المدرس او المعلم، البيئة، الشارع، وسائل الإيضاح... الخ من عوامل مساندة تسعى الى تمكين التلميذ وتشجعه على الدراسة والمواصلة في العلم والمعرفة.
2.) محدودية نظرة الآباء الى العلم والمعرفة واقتصار الحياة على توفير سبل العيش والزواج المبكر لتكوين أسرة (كبيرة بعددها)، ويمثل الآباء الحلقة الرئيسية في مسالة التعليم والمعرفة (البيئة الداخلية للتلميذ او الطالب).
3.) تدني مستوى المعيشة لدى العائلة وكثرة النسل والفروق الفردية عوامل مساعدة في تشجيع التلاميذ والطلاب على ترك مقاعد الدراسة.
4.) بعد المدارس عن أماكن سكن التلاميذ والطلاب.
5.) أعداد التلاميذ والطلاب في الصف الواحد والأنظمة التربوية المتعددة.
6.) استخدام طرائق التدريس والتدريب القديمة، بسبب عدم تطبيق نظام التدرج التربوي وقلة خبرة المعلمين والمدرسين والأساتذة، لعدم وجود البحث العلمي والدراسة المستدامة وإنما الاعتماد على ملازم جاهزة في المكتبات المحلية.
7.) ضعف الرقابة (التفتيش) التربوي والأكاديمي.
8.) عدم وجود وسائل دعم معنوية ومادية للتلميذ والطالب.
فلهذا نجد ان مسالة الالتحاق بالدراسة بشتى صنوفها وأنواعها أصبح روتينيا ومزاجيا، مما سيؤدي الى جعل الحكومة في حالة عمل متواصل (العلاج قبل الوقاية) والجهد عقيم في ايجاد طرق وسبل تحد من هذه الظاهرة. وكذلك، سيكون على الحكومة توفير سبل العيش والخدمات للمخرجات (البركان الخامد) كونهم يمثلون المجتمع.