مشروبات الطاقة الوهميَّة / مقابلة مع الدكتور شارل يعقوب
انتشرت مشروبات الطاقة مؤخراً بين كافة الفئات بهدف الحصول على الطاقة، ولكن تبيّن أنها تدمر الطاقة. وفي بحث يدق أجراس الخطر حول هذه المشروبات وخطورتها على العقل، توصل الأطباء إلى خطورة تناول هذه المشروبات، وذلك لاحتوائها على مواد كيماوية معينة تقلل فاعلية الجهاز العصبي وترفع الضغط وتزيد ضربات القلب، كما أنها تدمّر الكلى والكبد، وقد يصل الأمر إلى حد إدمانها وحدوث اضطرابات نفسية.
هذا الموضوع شكّل محور اللقاء الذي أجريناه مع الدكتور شارل يعقوب الذي أجرى مؤخراً دراسة حول هذه المشروبات.
* من أضرار مشروبات الطاقة
* س: ما القيمة الغذائية لمشروب الطاقة؟ وهل من خطر في تناوله من قبل الأطفال والمراهقين؟
ج: قيمة الغذاء تكمن فقط في كمية السكر الكبيرة التي يحتويها. لكن المشكلة في هذا المشروب أن كمية المنبّهات فيه هي أعلى من القهوة والشاي والسّوائل الغازية الأخرى. ومع ذلك نرى أن الأم تمنع القهوة مثلاً عن الأطفال دون العاشرة من العمر بينما إذا رأته يتناول مشروب الطاقة فلا تمنعه عن ذلك لاعتقادها بأنه كسواه من المشروبات الغازية. الطفل قبل عمر الثامنة عشرة من عمره لم يكتمل لديه الجهاز العصبي، من هنا خطورة شرب المنبّهات على أشكالها في هذه المرحلة العمرية.
أما بالنسبة لمشروبات الطاقة فهي تسبب خفقاناً كبيراً في نبضات القلب وتؤثر على الكلى بالإضافة إلى أضرار أخرى صحية لا يمكن احتمالها في الأعمار الصغيرة. أما الخطورة فتكمن في تسويقها الذي يستهدف الأعمار الصغيرة التي تستهلك كميات كبيرة من هذه المنتجات.
* س: ما هي أضرار هذه المشروبات على المرأة الحامل والمرضعة والرياضيين ؟
ج: النسبة العالية من الكافيين الموجودة في هذه المشروبات قد تؤدّي إلى حصول طلق مبكر عند المرأة الحامل أو إجهاض.
* س: ما هي تأثيرات هذه المشروبات على مرضى السكري خاصة وأنها تحتوي نسبة عالية من السكر؟
ج: من الطبيعي أن تؤثر هذه المشروبات على مرضى السكري لكن الأخطر من ذلك ما يجري تسويقه على أنه (دايت) خالٍ من السكر، أضف إلى أنّه يحتوي على نسبة كافيين عالية وعلى مواد أخرى كيماوية تؤثر على فيزولوجية الجسم. كما يجري الترويج بأن هذه المشروبات تنعش الجسم وترويه وهذا من المفاهيم الخاطئة بل بالعكس فإنّ هذه المشروبات تؤدي إلى جفاف الجسم.
* س: لماذا يتم الشعور بالانتعاش ثم الشعور بالنعاس والانحطاط بعد فترة قليلة من شرب هذه السوائل؟
ج: إنه ليس شعوراً بالانتعاش بل له مفعول المنبّه بمعنى أن هذه المشروبات لا تتيح للجهاز العصبي أن يرتاح عند الحاجة. والمفهوم الخاطئ أن هذه المشروبات تزيد النشاط. هذا بالإضافة إلى التأثير السلبي على الكلى لأننا نخسر المياه من جسمنا بطريقة معينة مما يؤثر على جسمنا من ناحيتين: يرفع الضغط، ولا يجعلنا نخزن الماء بطريقة كافية.
* تأثيرات سلبية لا تحصى
س: ما هي التأثيرات الأخرى غير الكافيين والسكر على الأطفال، كالبدانة مثلاً...؟
ج: أولاً يجب الانتباه إلى أن للبدانة أسباباً أخرى كالنمط الغذائي والاستعداد الوراثي والمشروبات الغازية. إنّ تناول هذه المشروبات يومياً يؤدي إلى البدانة، لكن الأخطر الجانب المخفي من الموضوع أي الاختلال في وظائف الجسم والّذي قد يلمسه الإنسان باكراً أو بعد أربع أو خمس سنوات كمشاكل: القلق، الرجفة، انخفاض الشهية للطعام، تدنّي المستوى الدراسي. وهنا يعتقد بعضهم أن تناول هذا المشروب يساعدهم على الدرس والسهر، لكن النتيجة تكون عكسية، بحيث لا يستطيع أن ينام وأن يريح الجهاز العصبي فضلاً عن الجوانب المسلكية التي تبدأ بالظهور كالتعصيب والانـزعاج.
* س: ما هي التأثيرات النفسية لهذه المشروبات؟
ج: الأشخاص الذين يتناولون هذه المشروبات ولديهم أمراض نفسية يشتكون منها هؤلاء هم أكثر عرضة لتفاقم الأمراض النفسية لديهم جرّاء هذه المشروبات. فالشخص الذي لديه كآبة يعتقد واهماً أن تناوله لهذه المشروبات سينشطه، لكن العكس هو الصحيح وسيؤدي به هذا المنحى إلى الإدمان.
حتى الرياضيين الذين يمزجون بين هذه المشروبات ومواد أخرى فذلك يؤدي إلى أضرار كبيرة على صحة الجسم. لكن من المؤكد أن تأثيرات هذه المشروبات تختلف من شخص لآخر، لكن يبقى التأثير السلبي على مَنْ هم دون الثامنة عشرة.
* س: هل أضرار المشروبات الغازية أقل من هذه المشروبات؟
ج: الكافيين الموجود في الكولا ممنوع على من هم دون الخامسة عشرة، لذا يلجأ بعض المطاعم في البلاد الأوروبية إلى خلط الكولا بالماء للتخفيف من آثارها على الأطفال وتوضع في براميل خاصة.
* مسؤولية الإعلام
* س: لماذا لا تتم الرقابة على هذا المنتج خاصة إذا ما أجرينا مقارنة مع دول أوروبية منعت هذا المنتج أو حصرت بيعه في الصيدليات؟ وعلى من تقع مسؤولية التوعية والتحذير من هذه المشروبات؟
ج: بالتأكيد مجلتكم من الوسائل الإعلامية المهمّة التي تسلط الضوء على الموضوع وتحذّر منه فيما الوزارات المعنية بحاجة إلى دهور لتستشرف مخاطر الموضوع، فضلاً عن الأرباح المالية التي تجنيها بعض وسائل الإعلام من هذه المنتجات.
* س: لماذا لا يكتب على العبوة محتويات المنتج أو التحذير من مخاطره كما تكتب وزارة الصحة على علبة السجائر؟
ج: الحملة التي قامت بها الهيئة الصحية الإسلامية هي أولى الخطوات لوضع النقاط على الحروف. بالإضافة إلى التنسيق الحاصل بين الهيئة ووزارة الصحة للوصول إلى وضع تحذير أنه يمنع تناول هذا المشروب تحت سن الثامنة عشرة، كذلك يمنع عرضه في المحلات خاصة أن هناك حالات غير مكتشفة عند الأولاد تختص بأمراض القلب والسكري وغيرها فعندها تتفاقم الأمور. حتى أنه يلاحظ بين الرياضيين حالات وفاة نتيجة خلط بعض المواد التي قد لا يتحملها القلب أو نتيجة الإبر والحبوب التي تؤخذ لنفخ العضلات.
* مواد منبهة
س: ما هي البدائل الطبيعية لمشروبات الطاقة؟
ج: لا أوافق على تسمية هذه المشروبات بمشروبات الطاقة بل هي مواد منبهة، أما بالنسبة للبدائل فلا يجب إعطاء منتجات أخرى كبديل بل يجب إيقاف المنتجات على أنواعها بمعنى تخفيف القهوة، تخفيف الشاي، الكولا، النسكافيه، وما يعرف بمشروبات. فالحل يكمن في علّة وجودها.
كي نحصل على طاقة على المدى الطويل يجب أن نمتنع عن تناول هذه المنبهات التي تصعد بنا ثم ترمي بنا سريعاً مما يؤدي إلى الإدمان.
أمّا مسؤولية تجنيب أبنائنا هذه المشروبات فهي مسؤولية مشتركة تقع بداية على الأهل، الأطباء، المدارس، الدولة، الجمعيات الأهلية ووسائل الإعلام. لأن مشكلتنا أننا نتقاذف المسؤوليات ونتهرب من مسؤولياتنا، وهنا نشدد على دور ووعي الأهل في الاطلاع عبر الإنترنت على مخاطر هذه المنتجات وغيرها.