لقد ملأ الإمام الرضا عليه السلام المرحلة التي عاش فيها علماً ومعرفةً ووعياً وحضوراً حتى اعترف بعلمه وفضله القاصي والداني.
في خصال المؤمن
"لا يكون المؤمن مؤمِناً حتّى تكون فيه ثلاثُ خصالٍ: سُنَّةٌ من ربِّه وسُنَّةٌ من نبيِّه صلى الله عليه وآله وسُنَّةٌ من وليِّه عليه السلام. فأمّا السُنَّة من ربه فكتمان السِّر، وأمّا السُنَّة من نبيّه صلى الله عليه وآله فمداراةُ الناس، وأمّا السُنَّة من وليّه عليه السلام فالصّبرُ في البأساء والضراء".
في تمام العقل
"لا يتمُّ عقلُ امرئ مسلمٍ حتّى تكون فيه عشرُ خِصالٍ: الخيرُ منه مأمول والشَّرُّ منهُ مأمونٌ، يستكثِرُ قليلَ الخير من غيره ويستقلُّ كثير الخير من نفسه، لا يسأمُ من طلب الحوائج إليه ولا يملُّ من طلبِ العلم طولَ دهرِه، الفقرُ في الله أحبّ إليه من الغنى، والذُّلُّ في الله أحبُّ إليه من العِزُّ في عدوّه، والخمُولُ أشهى إليه من الشُّهرةِ" ثمَّ قال عليه السلام: العاشِرةُ" وما العاشِرَةُ" قيل له: ما هي؟ قال عليه السلام: "لا يرى أحداً إلّا قال: هو خيرٌ منّي وأتقى. إنّما الناسُ رجُلانِ: رجلٌ خيرٌ منه وأتقى، ورجلٌ شرُّ منهُ وأدنى، فإذا لِقيَ الذي شرٌّ منه وأدنى قال: لعلَّ خيرَ هذا باطنٌ وهو خيرٌ له وخيري ظاهر وهو شرٌّ لي، وإذا رأى الذي هو خيرٌ منه وأتقى تواضع له ليلحَقَ به. فإذا فعل ذلك فقد علا مجدُهُ وطابَ خيرهُ وحسُنَ ذِكرُه وساد أهل زمانه".
في التوكل
سأله رجلٌ عن قول الله تعالى: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾(الطلاق: 3)
فقال عليه السلام:
"التوكُّلُ درجاتٌ: منها أن تثِقَ به في أمركَ كلّه فيما فعل بك، فما فعل بك كنتَ راضياً وتعلَمَ أنَّهُ لم يألُك خيراً ونظراً وتعلم أنّ الحُكمَ في ذلك له، فتتوكَّلَ عليه بتفويض ذلك إليه. ومن ذلك، الإيمانُ بغيوب الله التي لم يُحط عِلمُكَ بها فوكَّلت عِلمها إليه وإلى أُمنائه عليها ووثقت به فيها وفي غيرها".
في العجب
سُئل عليه السلام عن العُجب الذي يُفسِد العمل؟
فقال عليه السلام:
"العُجبُ درجاتٌ: منها أن يُزيَّن للعبد سوءُ عملِه فيراهُ حسناً فيعجِبُهُ ويحسب أنّه يُحسن صنعاً. ومنها أن يؤمنَ العبدُ بربِّه فَيَمنُّ على الله ولله المِنَّةُ عليهِ فيهِ".
في المعرفة
قال الفضل-وكان وزيراً للمأمون-:
قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام:
يونس بن عبد الرحمن-من أصحاب الإمام الرضا عليه السلام - يزعم أنَّ المعرفة إنّما هي اكتسابٌ.
قال عليه السلام: "لا ما أصاب، إنَّ الله يُعطي مَن يشاءُ، فمنهم من يجعلُهُ مستقِرّاً فيه ومنهم من يجعلُهُ مستودعاً عنده، فأمّا المُستقِرُّ، فالّذي لا يَسلُبُ الله ذلك أبداً. وأمّا المُستودَعُ، فالّذي يُعطاهُ الرجُل ثمّ يسلبهُ إيّاه".
في خيار العباد
سئل عليه السلام عن خيار العباد، فقال عليه السلام: "الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا، وإذا أُعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا غضِبوا عَفَوْا".
في صِلة الرحم
"صِل رحِمكَ ولو بشربةٍ من ماءٍ، وأفضل ما توصل به الرَّحِمُ كفُّ الأذى عنها" وقال: "في كتاب الله:
﴿لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى﴾" (البقرة:264).
وفي وصف أخلاقه عليه السلام
قال إبراهيم بن العباس-أحد أشهر الشعراء المعاصرين للإمام عليه السلام -
إنّي ما رأيت ولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا عليه السلام وشهدت منه ما لم أشهد من أحد:
"ما رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه،وما ردَّ أحداً عن حاجة قدر عليها،ولا مدّ رجليه بين يدي جليس له قط،ولا اتّكى بين يدي جليس له قط،ولا رأيته يقهقه في ضحكه بل كان ضحكه التبسّم وكان إذا خلا ونصبت الموائد أجلس على مائدته مماليكه ومواليه حتى البواب والسائس".