إن من صفات الله عز وجل، أنه هو المعطي.. فالله سبحانه وتعالى هو أوسع المعطين، يعطي من سأله، ويعطي من لم يسأله.. ولهذا فإن الإنسان الذي له خاصية العطاء والصدقات والإنفاق، فهو متشبه بأخلاق الله عز وجل، وأكثر الناس إنفاقاً أقربهم إلى هذه الصفة الإلهية.. فالبعض يقول:
إن الإنفاق الواجب فيه أجر، ولكن الإنفاق المستحب بالإضافة إلى الأجر، فإن فيه بعض الدرجات الكمالية، التي لا تعطى إلا بالصدقة المستحبة.. ولكن لماذا؟.. الجواب: لأن الإنسان غير ملزم بدفع الصدقة، ولكنه مع ذلك يقتطع من كدّ يمينه ومن قوت عياله، لينفق ذلك في سبيل الله عز وجل.
إن ما قام به عليٌ وفاطمة (ع)، مما ذكر في سورة الدهر، لم يكن إنفاقاً واجباً: فلا هي كفارة، ولا هو خمس، ولا هو زكاة.. بل فقير جاء على باب بيت الإمام، فيعطيه من قوته.
. فإذن، إن الصدقة من الأمور التي لو التزم بها الإنسان كصفة وكديدن، فإنها تدفع أنواعاً من البلاء.. وفي بعض الروايات لعلها هكذا: تدفع سبعين باباً من السوء.. ويستحب التبكير في الصدقة، فإنها تدفع شر ذلك اليوم.. وفي أول الليل، فإنها تدفعُ شر ذلك الليل.
إن الشارع المقدس قد جعل المؤمن في توسعة من جهة الصدقة المستحبة: أي أنه عندما تعطي صدقةً إلى فقير، فإنه لا يجب التحقيق في فقره.. وقد ورد في الرسالة العملية، أنه ليس هنالك شرط الفقر في الصدقات المستحبة.. فالصدقة المندوبة تجوزعلى الغني، وحتى على الكافر الذمي.. فالكافر الذمي الذي في بلاد المسلمين، يُعطى من الصدقة المستحبة.
ويستحب التوسط في إيصال الصدقة إلى المسكين: أي يوصل الإنسان مبلغا من المال إلى المساكين عبر وسائط، وهذا أيضاً مطلوب.. قال الصادق (ع): (لو جرى المعروف على ثمانين كفّاً، لأوجروا كلهم، من غير أن ينقص عن صاحبه من أجره شيئاً).. فالكل يُعطى ذلك الأجر، لأنهم كانوا الوسيلة في إيصال هذا الأمر.
إن المؤمن عندما يعطي مبلغاً للفقير، فلا بأس أن يُقدّر هذه اليد.. لأنها تقع في يد الرب، قبل أن تقع في يد العبد.. قال أمير المؤمنين (ع): (تصدّقت يوماً بدينار، فقال لي رسول الله (ص): .
... وما يقع في يد السائل حتى يقع في يد الرب تبارك وتعالى، ألم يقل هذه الآية: {ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات}.. إلى آخر الآية).. نعم، إن هذا المال يستقبله رب العالمين، لأن المؤمن الذي قام بدفع الصدقة يكون قد أحسن إلى عبدٍ من عباد الله تعالى.. قال رسول الله (ص): (الخلق كلهم عيال الله.. فأحبّهم إلى الله عزّ وجلّ، أنفقهم لعياله).