السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك
وأناخت برحلك طبتم وطابت الأرض
التي فيها دفنتم وفزتم فوزاً عظيماً
عليك مني سلام الله أبدا ما بقيت وبقي الليل والنهار
عظم الله لك الأجر يا رسول الله
عظم الله لك الأجر يا أمير المؤمنين
عظم الله لك الأجر يا فاطمة الزهراء
عظم الله لكم الأجر يا أعلام الهدى الأئمة النجباء الأطهار
صلواتك الله عليكم وعلى أجسامكم وعلى شاهدكم
وعلى غائبكم وعلى ظاهركم وعلى باطنكم
بمناسبة الذكرى الأليمة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام
نعزي صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف
ومراجعنا العظام وعلمائنا الأعلام والأمة الاسلامية جمعاء
يتجدد الحزن في نفوس المسلمين في العشرين من صفر من كل عام
ذكرى مرور أربعين يوماً على استشهاد أبي الأحرار
الإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام
وتعتبر زيارة سيد شباب أهل الجنة
في يوم الأربعين من علامات المؤمنين
فقد جاء في الحديث المروي
عن الإمام أبي محمد العسكري عليهما السلام انه قال
علامات المؤمن خمس
صلاة الاحدى والخمسين
وزيارة الأربعين
والتختم في اليمين
وتعفير الجبين
والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم
زيارة الأربعين من المستحبات المؤكدة ولها فضل عظيم
ويذكر انه فيالعشرين من صفر كـــان رجوع حرم سيدنا الإمام أبي عبد الله عليه السلام من الشام إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حزام الانصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام فكان أول من زاره من الناس، وذكر العلامة المجلسي قدس سره في بحار الانوار العلّة في استحباب الزيارة في هذا اليوم حيث قال
ولعل العلّة في استحباب الزيارة في هذا اليوم هو أن جابر بن عبد الله الانصاري رضي الله عنه في مثل هذا اليوم وصل من المدينة إلى قبره الشريف وزاره بالزيارة الواردة
وعن صفوان الجمال قال قال لي مولاي الصادق عليه السلام في زيارة الأربعين تزور عند ارتفاع النهار وتقول
السلام على وليّ الله وحبيبه، السلام على خليل الله ونجيّه السلام على صفيّ الله وابن صفيّه السلام على الحسين المظلوم الشهيد، السلام على اسير الكربات، وقتيل العبرات إلى آخر الزيارة المعروفة والواردة عنه صلوات الله وسلامه عليه
وجه تسمية الزيارة بزيارة الأربعين
إنما سمّيت بزيارة الأربعين لأن وقتها يوم العشرين من صفر وذلك لأربعين يوماً من مقتل الحسين عليه السلام وفي هذا اليوم كان رجوع حرم الحسين عليه السلام من الشام إلى المدينة, وجاء في بعض الكتب أنهم وصلوا كربلاء أيضاً في عودتهم من الشام يومالعشرين من صفر وفي هذا اليوم ردّت الرؤوس إلى الاجساد الشريفة
زيارة الأربعين من صفات المؤمنين
إذا كان يوم الأربعين من النواميس المتعارفة للاعتناء بالفقيد بعد أربعين يوماً، فكيف نفهم هذا المعنى عندما يتجلى في موضوع كالحسين عليه السلام الذي بكته السماء أربعين صباحاً بالدم، والأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسواد، والشمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة. ومثل ذلك فالملائكة بكت عليه أربعين صباحاً، وما إختضبت امرأة منا ولا أدهنت ولا اكتحلت ولا رجلت حتى أتانا رأس عبيد الله بن زياد وما زلنا في عبرة من بعده كما جاء في مستدرك الوسائل للنوري، ص215، باب 94، عن زرارة عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام
وجرت العادة في الحداد كذلك على الميت أربعين يوماً فإذا كان يوم الأربعين أقيم على قبره الاحتفال بتأبينه
لكن الأربعين لسيد الشهداء يعني إقامة وتخليد تلك المزايا التي لا تحدها حدود والفواضل التي لا تعد ـ لذا فإن إقامة المآتم عند قبره الشريف في الأربعين من كل سنة إحياء لنهضته وتعريف بالقساوة التي ارتكبها الأمويوين ولفيفهم، وكلّما أمعن الخطيب أو الشاعر في رثاء الإمام الحسين عليه السلام وذكر مصيبته وأهل بيته تفتح له أبواب من الفضيلة كانت موصدة عليه قبل ذلك ولهذا اطردت عادة الشيعة على تجديد العهد بتلكم الأحوال يوم الأربعين من كل سنة ولعل رواية أبي جعفر الباقر عليه السلام أن السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً تطلع حمراء وتغرب حمراء تلميحُ إلى هذه الممارسة المألوفة بين الناس
وحديث الإمام الحسن العسكري عليه السلام
علامات المؤمن خمس صلاة إحدى وخمسين وزيارة الأربعين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والتختم باليمين وتعفير الجبين يرشدنا إلى تلك الممارسة المألوفة بين الناس ـ حيث أن تأبين سيد الشهداء وعقد الاحتفالات لذكره في هذا اليوم إنما يكون ممن يمتّ له بالولاء والمشايعة ولا ريب في أن الذين يمتون له بالمشايعة هم المؤمنون المعترفون بإمامته. فالواجب إقامة المآتم في يوم الأربعين من شهادة كل واحد منهم وحديث الإمام العسكري عليه السلام لم يشتمل على قرينة لفظية تصرف زيارة الأربعين إلى خصوص الحسين عليه السلام إلا أن القرينة الحالية أوجبت فهم العلماء الأعلام من هذه الجملة خصوص زيارة الحسين عليه السلام لأن قضية سيد الشهداء هي التي ميزت بين دعوة الحق والباطل ولذا قيل الإسلام بدؤه محمدي وبقاؤه حسيني وحديث الرسول صلى الله عليه وآله حسين مني وأنا من حسين يشير إلى ذلك
ويتجلى مما ذكر بأن المراد زيارة الأربعين إذ فيه إرشاد الموالين لأهل البيت عليهم السلام ويؤكدها الشوق الحسيني، ومعلوم أن الذين يحضرون في الحائر الأطهر بعد مرور أربعين يوماً من مقتل سيد شباب أهل الجنة خصوص المشايعين له السائرين على إثره
ويشهد له عدم تباعد العلماء الأعلام عن فهم زيارة الحسين في الأربعين في العشرين من صفر من هذا الحديث المبارك منهم أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في التهذيب، ح2، ص17، باب فضل زيارة الحسين عليه السلام فإنه بعد أن روى الأحاديث في فضل زيارته المطلقة ذكر المقيد بأوقات خاصة ومنها يوم عاشوراء وبعده روى هذا الحديث وفي مصباح المتهجد ص551 ذكر شهر صفر وما فيه من الحوادث ثم قال: وفي يوم العشرينمنه رجوع حرم أبي عبد الله عليه السلام من الشام إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وورود جابر بن عبد الله الأنصاري إلى كربلاء لزيارة أبي عبد الله صلى الله عليه وآله فكان أول من زاره من الناس
وقال العلامة الحلي في المنتهى كتاب الزيارات بعد الحج يستحب زيارة الحسين عليه السلام في العشرين من صفر
ونقل المجلسي أعلى مقامه في مزار البحار، في فضل زيارته عليه السلام وغيرهم من علماء الأمة
للأربعين
مغزاً خاصاً في الثقافة الإسلامية والعرفان الإسلامي. فهنالك اعتكاف الأربعين لغرض قضاء الحاجة أو بلوغ مقامات في العرفان والسلوك، وهناك أيضاً حفظ الأربعين حديثاً أو الإخلاص أربعين صباحاً، وكمال العقل في سن الأربعين، والدعاء لأربعين مؤمن وأربعين ليلة أربعاء وغيرها الكثير من المواضع والموارد
وفي ثقافة عاشوراء تطلق كلمة الربعين على اليوم الأربعين من استشهاد الحسين بن علي عليه السلام، ويصادف لليوم العشرين من شهر صفر
من جملة التقاليد المتعارفة عند المسلمين تكريم اليوم الأربعين لوفاة موتاهم، حيث يقوموا بتقديم الصدقات والخيرات إكراماً للمتوفّي، ويقيمون مجلس فاتحة على روحه. وهذا دأب الشيعة أيضاً فيالعشرين من صفر من كلّ عام حيث يقيموا المآتم في جميع المدن والبلدان إحياءً لذكرى ملحمة العاشر من محرّم، ترافقها مجاميع العزاء إجلالاً وتعظيماً لتلك الشعائر، وفي كربلاء تحظى مناسبة أربعين الحسين عليه السلام بمكانة متميّزة وتقيم مجاميع العزاء هناك مآتم كبرى
في الأربعين الأولى لاستشهاد الإمام الحسين عليه السلام زار جابر بن عبدالله الأنصاري وعطيّة العوفي تربة وقبر سيد الشهداء. وورد في بعض الروايات التاريخية أنّ قافلة سبايا أهل البيت حين عودتها من الشام إلى المدينة مرّت على كربلاء والتقت بجابر هناك، إلا أنّ بعض المؤرخين ينفون هذه الواقعة منهم المحدّث القمّي في كتابه "منتهى الآمال" حيث يسوق لذلك جملة من الأدلة التي تؤكّد إنّ زيارة أهل البيت لقبر الحسين لم تكن في الأربعين الأولى
وعرض بعض العلماء في هذا الصدد بحثاً مستفيضاً ونشر بشكل مستقل وعلى كل الأحوال فإنّ تكريم هذا اليوم، وإحياء هذه الذكرى الأليمة كانت رمزاً لاستمرار ذلك الحماس والتفاعل مع تلك الواقعة في الأزمنة التالية
هذا يوم الاربعين
لما رجعت القافلة الى كربلا ، كان الامام زين العابدين دائماً يتروى بزينب ، كان يوصي العائلة بزينب : هالله هالله بزينب ، كان يتحدث عن زينب ، همه الأكبر زينب ، كانت تفيض عينيه بالدموع عند ذكر زينب، رجعت القافلة يوم الاربعين ، ووصلت زينب الى كربلا الى قبر الحسين (ع) وهي تقول :
أخي ابا عبد الله لمن تركت الاطفال والنساء
اقبلت القافلة من الشام فارسل معهم يزيد بن معاوية دليلا ليدلهم على الطريق ، وصلت القافلة الى مفترق طرق ، فوقفت القافلة والنساء على المحامل ، وزينب على هودجها ، عليها ستار ، فدنا رسول يزيد من الامام زين العابدين قائلا : سيدي ان يزيد امرني ان امتثل لأمرك ، فمرني سيدي انا في خدمتك : هذا طريق الى المدينة والحجاز ، وهذا طريق الى العراق وكربلا ، لما سمع الامام باسم كربلاء صاح ، أيها الجمال أمهلني حتى ارى عمتي زينب ، فأقبل عليه السلام الى عمته زينب ، كشف ستار المحمل ، نادى : عمه زينب هذا طريق الى المدينة والحجاز ، وهذا طريق الى العراق وكربلاء ، الى ايهما يا ابنت علي ، لما سمعت باسم كربلاء صاحت : يا ابن اخي كربلاء كربلاء ، خذنا الى كربلاء ، إني مشتاقة الى كربلاء ، الى الحسين ، الى اخي ابي الفضل ، اربعين يوم لم أرى كربلاء ، أربعين وما رأيت الحسين ، لما سمعت سكينة من محملها ، كشفت ستار المحمل وصاحت : عمه زينب خذينا الى كربلاء اني مشتاقة الى أبي الحسين والى عمي ابي الفضل ، انا لا اريد ماء انما اريد عمي ابي الفضل يا جمال بهدوء على قلب النساء سارت القافلة ، مرت لحظات وساعات ، مشت القافلة ، سكينة كشفت ستار المحمل ، توجهت نحو الشام ونادت : حبيبتي رقية ، نحن ذاهبون الى قبر ابيك ابي عبد الله ، سارت القافلة ووصلت الى كربلاء ، لما وصلت زينب الى مشارف كربلاء ، صاحت كربلاء كربلاء كربلاء
صاحت يا وادي كربلاء عنك مشينا
بوي تتصدق الآوادم علينا
وعطايا الخلق كلها منينا
فرمت النساء بأنفسهن على القبور : ليلى هوت على قبر ولدها علي الأكبر ، رملة على قبر القاسم ، زينب وسكينة على قبر الحسين ، لما نزلن الى القبور : ليلى تنادي واعلياه ، رملة تنادي واقاسماه ، سكينة تنادي واحسيناه، زينب تنادي وامحمداه
ليلى قالت نصيبي يا ابني
انا ردتك ذخر ليوم شيبي
يا اما وانا المحروم من شمة حبيبي
رملة تذكرت وصية القاسم
يا امه ذكريني من تمر زفة شباب حنيتي دمعي والجفن ذارف تراب زينب اقبلت الى قبر ابي عبد الله ، وكانت تخفي شيئا تحت ردائها ، وضعته في القبر أهالت عليه التراب ، لم يعرف أحد ماذا وضعت ، ولكن عرف الجميع عندما صاحت
خوي انا جيتك وجبت الراس واياي
من السبي وكانت بيه سلواي
قامت زينب الى قبر على العلقم ومعها النساء لما وصلن النساء ، زينب وضعت يديها على رأسها وصاحت:
واعباساه عباس يا راعي الشيم هذا محلكم
صارت تشتكي الى اخيها
أخي كلما اراد الشمر ان يضرب الناقة
يضربها ضربة ويضرب على كتفي ضربة
خوي ضربني على متوني وشتمني