أسد الكربلائية
جريدة الدار عدد يوم الثلاثاء الموافق 27 ديسمبر 2011
بقلم
أحمد مصطفى يعقوب
في كتاب الكافي للكليني وهو يحتوي على روايات عدة ومحققة، ورد فيه: عن جابر قال قال أبوجعفر (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمد (صلى الله عليه وآله) فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه، وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله سبحانه وإلى الرسول (ص) وإلى العالم من آل محمد (ص) وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشيء منه لا يحتمله، فيقول: والله ما كان هذا والله ما كان هذا، والانكار هو الكفر.. تشير هذه الرواية الكريمة إلى خطورة انكار ما لا تحتمله عقولنا القاصرة لأن لآل محمد (عليهم السلام) مقامات لا تحتملها عقولنا الصغيرة ولا عقل آينشتاين ولا نيوتن ولا جميع الخلق .
قبل أيام انتشر عبر برنامج «الواتس أب واليوتيوب» مقطع تمثيلي في الحسينية الكربلائية يصور أسدا حزينا على الإمام الحسين (عليه السلام)، وكان من الطبيعي أن يقوم بعض الجهلة الذين يعيشون من أجل زرع الطائفية بالتعليق على هذا المقطع ووصف الشيعة بالكفر والخزعبلات والخ من الإسطوانة القديمة المشروخة التي يستعملونها، وهذا أمر طبيعي نظرا للمستوى العقلي الذي لديهم لكن الأغرب هو استنكار بعض الشيعة ممن لا يعرفون حديث محمد (ص) وآل محمد (عليهم السلام) ولا يمتلكون كتاب الكافي الشريف ولا أي كتاب روائي في بيوتهم إلا مفاتيح الجنان فقاموا من جهالتهم بنشر المقطع واتهام من قام بهذا المشهد التمثيلي فساهموا في إشعال نار الطائفية وكانوا بجهلهم أداة مجانية للتكفيريين وأضرابهم، ولو أنهم اطلعوا على رواياتنا لما تكلموا الا أن الجهل ينخر في أمتنا وهذا ما يريده أصحاب الفكر التكفيري في منعهم كتبنا ومصادرتهم لأي كتاب نقوم بإحضاره من العراق وسورية ولبنان وايران كما حصل في أكثر من منفذ من المنافذ، وكتبت في ذلك مقالات عدة وحصلت بلبلة في البلاد، الا أننا يجب ألا نقف ولا نسمح لهؤلاء بطمس تراثنا ومسح هويتنا ومسخها وحرماننا من علوم آل محمد (عليهم السلام)، فالكتب متوافرة على شبكة الإنترنت وبصيغ متعددة و«الفلاش ميموري» أرخص من وجبة سريعة نأكلها ونستطيع أن نحمِّل فيه مئات الكتب والمصادر، ورواية الأسد مروية في كتاب الكافي الشريف للكليني في كتاب الحجة باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام)، رقم الباب 172، من الجزء الأول رواية رقم 8 عن إدريس بن عبدالله الأودي قال: لما استشهد الحسين (عليه السلام) أراد القوم أن يوطئوه الخيل، فقالت فضة لزينب (ع): يا سيدتي إن سفينة كسر به في البحر فخرج إلى جزيرة فإذا هو بأسد فقال: يا أبا الحارث أنا مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهمهم بين يديه حتى وقفه على الطريق والأسد رابض في ناحية فدعيني أمضي إليه وأعلمه ما هم صانعون غدا، قال: فمضت إليه فقالت: يا أبا الحارث فرفع رأسه ثم قالت: أتدري ما يريدون أن يعملوا غدا بأبي عبدالله (عليه السلام)؟ يريدون أن يوطئوا الخيل ظهره، قال: فمشى حتى وضع يديه على جثمان الحسين (عليه السلام)، فأقبلت الخيل فلما نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد (لعنه الله): فتنة لا تثيروها انصرفوا، فانصرفوا، وكما يقول المحقق النائيني ان مناقشة اسناد الكافي حرفة العاجز وعكازة الاعرج، ولا تشدد في أسانيد الأمور الاعتقادية ان لم تخالف القرآن، فاذا كان الفيل الذي جلبه ابرهة الحبشي يمتنع عن هدم الكعبة فما الغريب في أن يبكي الأسد حزنا على الحسين (ع) الذي بكت عليه السموات والأرض وبكت عليه الحجارة دما؟ فالحسين (عليه السلام) سيد الجن والإنس والجماد والكواكب والمجرات، هذا وصلى الله على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها.
التعديل الأخير تم بواسطة ربيبة الزهـراء ; 27-12-2011 الساعة 08:25 PM.