*****مقتطفات من حياه الزهراء (عليه السلام)*****(1)
بتاريخ : 05-04-2012 الساعة : 01:35 AM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
*****مقتطفات من حياه الزهراء (عليه السلام)*****
ولادة فاطمة الزهراء ( ع )
وُلِدَت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في العشرين من جَمادي الآخرة ، من سنة خمس من البعثة ، و النبي ( صلى الله عليه وآله ) له من العمر خمسة و أربعين عاماً ، فأقامَتْ ( عليها السلام ) بمكة ثمان سِنين ، و بالمدينة عشر سنين ، ( بحار الأنوار 43 / 9 ح 16 ) .
لما حملت خديجة ( عليها السلام ) بفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، كانت فاطمة ( عليها السلام ) ، تحدِّثُها من بطنها وتصبِّرها ، وكانَتْ تَكتم ذلك عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
فدخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يوماً ، فسمع خَديجَة تحدِّث فاطمة ( عليها السلام ) ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) لها : ( يَا خَدِيجَة ، مَنْ تُحدِّثِينَ ؟ ) .
قالت : الجنين الذي في بطني يُحدِّثني ، و يُؤنِسني .
فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( يا خديجة ، هذا جبرائيل يخبرني أنَّها أنثى ، و أنَّها النَسلَة الطَّاهِرَة المَيْمُونَة ، وَ أنَّ اللهَ سَيَجْعل نَسْلِي مِنْهَا ، و سَيَجْعَل مِنْ نَسْلِهَا أئِمَّة ، و يَجْعَلهُم خُلَفَاء فِي أرْضِهِ بَعْدَ انقِضَاءِ وَحْيِه ) .
فلم تزل خديجة ( عليها السلام ) على ذلك إلى أن حَضَرَت ولادتها ، فوجهت إلى نساء قريش و بني هاشم ، أنْ تعالين لتلينَّ منِّي مَا تَلي النسَاءُ من النسَاءِ .
فأرسلْنَ إليها ، أنتِ عَصيتِنَا ، و لم تقبَلِي قولَنا ، و تزوَّجتِ مُحمَّداً يتيم أبي طالب ، فقيراً لا مال له ، فلسْنَا نجيء و لا نَلِي من أمرك شيئاً .
فاغتمَّت خديجة ( عليها السلام ) لذلك ، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوَة سُمْر طِوال ، كأنَّهُنَّ مِن نساءِ بني هاشم ، ففزعت مِنهنَّ لمَّا رأتْهُنَّ .
فقالت إحداهن : لا تحزني يا خديجة ، فإنَّا رُسُل ربِّك إليك ، و نحن أخواتك ، أنا سارة ، و هذه آسية بنت مزاحم ، و هي رفيقتُكِ في الجنة ، و هذِهِ مريم بنت عمران ، و هذه كلثم ، أخت موسى بن عمران ، بَعَثَنا اللهُ إليك لِنَلي منك ما تلي النساءُ من النساء .
فجلسَتْ واحدة عن يمينها ، و أخرى عن يسارها ، و الثالثة بين يديها ، و الرابعة من خلفها ، فوضعَتْ فاطمةَ الزهراءِ ( عليها السلام ) طاهِرَة مُطهَّرة .
فلما وضعت فاطمةَ الزهراءِ ( عليها السلام ) سقطت إلى الأرض أشرق منها النُور ، حتى دخلَ بيوتات مَكَّة ، فلم يبْقَ في شرق الأرض ، و لا غَربها موضعٌ إلاَّ أشرق منه ذلك النور .
و دَخلْنَ عشر من الحُورِ العين ، كلُّ واحدة منهن معها طَست ، و إبريق من الجنة ، و في الإبريق ماء من الكوثر .
فتناولَتْها المرأة التي كانت بين يديها ، فغسَّلتها بماء الكوثر ، و أخرجت خِرقَتَين بيضائين أشدَّ بياضاً من اللَّبن ، و أطيب ريحاً من المسك و العنبر ، فلفَّتْها بواحدة و قنَّعَتْها بالثانية .
ثم استنطقتها ، فنطقت فاطمة ( عليها السلام ) بالشهادتين ، و قالت : ( أشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ ، وَ أنَّ أبِي رَسُولَ اللهِ سَيِّدَ الأنْبِيَاءِ ، و أنَّ بَعْلِي سَيِّدَ الأوصِيَاءِ ، وَ ولْدِي سَادَة الأسْبَاطِ ) .
ثم قالت النسوة : خذيها يا خديجة طاهرة مطهَّرة ، زكيَّة ميمونة ، بورِكَ فيها وفي نَسْلِها ، فتناولَتْها فرحة مستبشرة ، و ألقمَتْها ثَدْيها فدرَّ عليها .
و كانت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، تنمو في اليوم كما ينمو الصبي في الشهر ، و تنمو في الشهر كما ينمو الصبي في السنة ( بحار الأنوار 43 / 2 ح 1 ) .
فاطمة عليها السلام حجة الله الكبرى
عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام أنه قال: «نَحْنُ حُجج الله على خلقه ، وجّدتنا فاطمة عليها السلام حُجّة الله علينا »(1)
يعتبر هذا الحديث من الاحاديث المهمة التي وردت عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام ، لذا ونحن نقف نستلهم الدروس العقائدية من سلالة بيت النبوة ومعدن الرسالة لابد لنا ان نتأمل في هذا الحديث ونرى مدى مصداقيته في عالم الواقع والثبوت ، وبعبارة اخرى هل لهذا الحديث وجه للاستدلال به في المحاورات العقائدية التي تخص حياة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام ام لا؟ وهل هناك وجه من الصحة بحيث تكون الصديقة الطاهرة عليها السلام الحجة على الأئمة أم يتجاوز الأمر الى أبعد من ذلك ؟ وما هي الثمرة لهذا الحديث إذا ثبت له الواقعية والمصداقية ومدى تأثيره على الجانب العقائدي للفرد المؤمن ؟ كل هذه الأسئلة نحتاج الوقوف عليها والتأمل فيها واستجلاء حقائقها وادراك مغازي هذا الحديث العقائدي. وهذا ما سيتبين لنا من خلال البحث الذي سنقسمه الى ثلاث امور اساسية وهي :
*الأمر الأوّل : معنى الحجة ؟
*الأمر الثاني : شرعية الحجة.
*الأمر الثالث : كيف كانت فاطمة عليها السلام حجة الله على الأئمة ؟
معنى الحجة ؟
وردت عدة تعاريف للحجة وماهيتها ولها عدة معاني لابد لنا من الوقوف عليها وعلى المعنى الذي يهمنا في المقام والذي من شأنه ان يبين معنى الحديث الشريف بحيث لا يبقى فيه أي اجمال وفي كل الجهات المبحوث عنها في المقام وجرت عادة أهل العلوم عندما يأتون إلى موضوع ما ويريدون أن يعرفوه بأي تعريف كان فانهم يعرفونه بالتعريف اللغوي وتعاريف الحجة.
1ـ الحجة لغة ؛ كل شيء يصلح ان يحتج به على الغير وذلك بأن يكون به الظفر على الغير عند الخصومة معه والظفر على الغير على نحوين : « أحدهما » إما بأسكاته وقطع عذره وباطاله. « والآخر » واما بأن يلجئه على عذر صاحب الحجة فتكون الحجة معذرة لدى الغير والحجة هي الدليل والبرهان. وقال الازهري : انما سميت حجة لانها تُحَج أي تقصد لأن القصد لها واليها وكذلك معنى المحجة أي محجة الطريق وهي المقصد والمسلك(2).
2ـ واما الحجة في الاصطلاح العلمي فلها معنيان أو اصطلاحان :
* ما عند المناطقة : ومعناها « كل ما يتألف من قضايا تنتج مطلوباً » أي مجموع القضايا المترابطة التي يتوصل بتأليفها وترابطهما إلى العلم بالمجهول سواء كان في مقام الخصومة مع أحد أم لم يكن ، وبحثنا من جهة هذا التعريف المنطقي سوف يكون بربط مجموعة من القضايا وتأليفها لكي تصل إلى العلم بالمجهول وهو كيف أصبحت فاطمة حجة على الأئمة بل على الأنبياء فضلاً عن الخلق كما سيتبين من خلال البحث.
* وهنالك معنى للحجة لدى الاصوليين وهو « كل شيء يثبت متعلقه ولا يبلغ درجة القطع » أي لا يكون سبباً للقطع بمتعلقه ، وإلاّ القطع يكون القطع هو الحجة ولكن هو حجة بمعناها اللغوي أو قل بتعبير آخر « الحجة » كل شيء يكشف عن شيء آخر ويحكي عنه على وجه يكون مثبتاً له »(3). ونعني بكونه مثبتاً له : ان اثباته يكون بحسب الجعل من الشارع لا بحسب ذاته فيكون معنى اثباته له حينئذ انه يثبت الحكم الفعلي في حق المكلف بعنوان انه هو الواقع ، وانما يصح ذلك ويكون مثبتاً له فبضميمة الدليل على اعتبار ذلك الشيء الكاشف الحاكي وعلى انه حجة من قبل الشارع.
كما تنقسم الحجة في المنطق إلى قياس وتمثيل واستقراء ، والحجة ما يصح الاحتجاج به وما يحتج به المولى على العبد في مقام المنجزية ويحتج به العبد على المولى في مقام المعذرية ، ثم الحجة تنقسم بالتقسيم الاولي إلى عقلية وشرعية ، والاولى هي التي يصح التعويل عليها بصورة عامة في كل سؤال عن السبب والثانية هي التي يصح الاحتجاج بها في الامور الشرعية ، أي ما يصح التعويل عليها في الفتاوى للفقيه ، فهي بصورة خاصة وبين الحجتين نسبة العموم المطلق ، فكل شرعية عقلية ولا عكس فان الحاكم بصحة الحجة هو العقل وكل واحد من القسمين ينقسم إلى حجة الزامية وإلى حجة ارشادية والاولى بمعنى ما يجب عند العقل التعويل عليه والالزام بما تقتضيه نفس الحجة والثانية ما يجوز التعويل عليه والارشاد ويكون من خواصها.
فالحجج الالزامية العقلية كالبراهين الدالة على المبدأ والمعاد والنبوة الخ والحجج الإرشادية العقلية كاخبار العالم ورأى المتخصص وقول الخبير وتصير الزامية عند الرجوع اليها والتعويل عليها والحجج الالزامية الشرعية كالانبياء واوصيائهم المعصومين فانهم حجج الله ويجب الاخذ باقوالهم وافعالهم وتقريرهم والذي يعبر عنها القول والفعل والتقرير بالسنة ، وفيما نحن فيه من معرفة معنى الحجة يفيدنا في المقام الحجة لغة ومنطقا لكونها يوصلان بالقطع بامر بحيث يصلح ان يحتج به على الغير سواء في الدنيا أو الآخرة ، وعلى ضوء الاستدلالات العقلية البرهانية. وعلى ضوء التعاريف المتقدمة يكون قد لاح لنا مفهوم آخر غير الحجة وهو المحجة ، والحجة تبين لك معناها من التعارف المتقدمة ، أما المحجة فهي المسلك والطريق الذي يتوصل به إلى الغير والمحجة هي الطريق السليم الذي لا إعوجاج فيه ، فلقد ورد في هذا المعنى عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام انه قال وسمع كثيراً يردد هذا القول :
علم الحجة واضح لمريده وارى القلوب عن المحجة في عمى
وقد عجبت لهالك ونجاته موجودة ولقد عجبت لمن نجى
مقتبس من کتاب الاسرار الفاطمية
------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
(1) تفسير أطيب البيان : 13 | 226.
(2) لسان العرب مادة حجة.
(3) اُصول المظفر : 2 | 18.
التعديل الأخير تم بواسطة ghada ; 05-04-2012 الساعة 01:42 AM.