العودة   منتديات أنا شيعـي العالمية منتديات أنا شيعي العالمية منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام

منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام المنتدى مخصص بسيرة أهل البيت عليهم السلام وصحابتهم الطيبين

 
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next

مرتضى علي الحلي
بــاحــث مهدوي
رقم العضوية : 65883
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 1,191
بمعدل : 0.24 يوميا

مرتضى علي الحلي غير متصل

 عرض البوم صور مرتضى علي الحلي

  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي : السيدةُ فاطمة الزهراء:عليها السلام: :الإسوةُ الحسنة :
قديم بتاريخ : 24-04-2012 الساعة : 06:41 AM



: السيدةُ فاطمة الزهراء:عليها السلام:

:الإسوةُ الحسنة :

: مفاهيمٌ وتطبيقات :
: منهجٌ وإعتبار :
==============================



بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين

إنَّ في خلقْ الله تعالى للزهراء :ع: حكمة مقدسة

حيث جعلها سبحانه انسانة معصومة كاملة ومتكاملة ذاتيا وتربويا


لذا هي أنموذجٌ فريدٌ من نوعه على مر التاريخ البشري

حيث جَمعتْ سائر الكمالات الشريفة .



معصومةٌ وبنت معصوم وزوجة معصوم وأم للمعصومين :ع :

وبنص القرآن الكريم حيث قال الله تعالى:
(( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً )) الأحزاب 33

جاء في صحيح مسلم ، ج 4: ص :1883
كتاب فضائل الصحابة :
باب فضائل أهل بيت النبي :صلى الله عليه وآله وسلم : حديث ( 61 )
ولفظ الحديث عن عايشة
خرج النبي صلى الله عليه وآله غداة وعليه مرط مُرحَّلٌ من شعر أسود
و:
هو إزارُ خَزٍّ فيه عَلَمٌ.مرط مُرحَّلٌ
فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه
ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله
ثم قال:ص : إنَّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا


وفي ذيل آية التطهير : أخرج الترمذي ، والطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم ، والبيهقي معاً في الدلائل
عن ابن عباس
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
( إنَّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) الأحزاب : 33
: فأنا وأهل بيتي مُطهرون من الذنوب:
الدر المنثور:السيوطي : 5ج :ص 199 :



وقال الذهبي:
وفي فاطمة وزوجها وبنيها نزلتْ :
( إنّما يُريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )
فجلَّلهمُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكساء
وقال : الَّلهم هؤلاء أهل بيتي .
وأخرج الترمذي ، من حديث عائشة أنها قيل لها :
أي الناس كان أحب إلى رسول الله
:صلى الله عليه وآله وسلم:
قالت : فاطمة من قبل النساء ، ومن الرجال زوجها ،
:تأريخ الإسلام:الذهبي:ج3:ص44



ومن هنا صَلُحَت فاطمة :عليها السلام: لئن تكون القدوة

والإسوة الحسنة لنساء العالمين أجمعين


كما قال تعالى في حق أبيها النبي الخاتم محمد:ص:

(( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً )) الأحزاب21



فكذلك يكون الحث على الإئتساء بفاطمة الزهراء :عليها وبمنهجها القويم:
قال الله تعالى:

(( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ))الممتحنة6


:بمعنى:
لقد كان لكم- أيها المؤمنون- في النبي محمد:ص: والذين معه من أهل بيته المعصومين :عليهم السلام:
قدوة حميدة لمن يطمع في الخير من الله في الدنيا والآخرة ومَن يُعْرِض عما ندبه الله إليه من التأسي بأنبيائه
ويوال أعداء الله
فإنَّ الله هو الغنيُّ عن عباده, الحميد في ذاته وصفاته المحمود على كل حال:







وحين ننظر إلى صور حياتها الشريفة :ع : نراها قد جسَّدت الإسلام الحقيقي في كل مفردات حياتها



بدءاً من تعاطيها بنتاً مع أبيها :ص: حتى أنّه :ص:
كنّاها بأم أبيها:
:بحار الأنوار: المجلسي:ج43:ص16

ومعلومٌ أنَّ الكُنيَّة الحسنة إنما تُشعر بالرفعة المعنوية لصاحبها

فلو لم تكن الزهراء :ع: بدرجة عالية من الكمال والتربية والأخلاق لما استحقتْ تَكنيَّّة أبيها:ص: لها بهذه الكُنيَّة الشريفة.

وكنيَّة أم أبيها هي كنيَّة حقة تختزن في قيمها ودلالاتها كل ما يُريده الإسلامُ منّا وخصوصا في عنوان البنوة .

فلم تكن الصديّقة فاطمة :ع: بنتاً لرسول الله:ص: فحسب
بل تحولتْ إلى أبعد من البنوة
فصارت أمَّا حانيَة على أبيها :ص:

ولسنا نُريدُ أن نخوض في التأريخ الشريف في حياة فاطمة :ع: وتعاطيها مع أبيها :ص: حياتيا

بقدر ما نبتغي التأسيس والتفريع وإضافة الوعي الجديد كماً ونوعا في حياتنا المعاصرة.

ومن هنا ينبغي بنا رجالاً ونساءاً أن نقف عند هذه النقطة التربوية المُمَيَّزة.
نقطة التعاطي بين الأبناء والأباء .

وممكن أن يتجلى وقوفنا هذا ببر الوالدين على أقلِّ تقدير عمليا.
لذا قال الله تعالى:
{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }الأحقاف15

وعلى هامش هذه الآية القيِّمَة الشريفة ::
نقول إنَّ الله تعالى قد أوصى الإنسان أنْ يحسن في صحبته لوالديه بِرًّا بهما في حياتهما وبعد مماتهما

فقد حملته أمه جنينًا في بطنها على مشقة وتعب, وولدته على مشقة وتعب أيضًا, ومدة حمله وفطامه ثلاثون شهرًا.

وفي ذكر هذه المشاق التي تتحملها الأم دون الأب
دليلٌ على أنَّ حقها على ولدها أعظم من حق الأب.

حتى إذا بلغ هذا الإنسان نهاية قوته البدنية والعقلية, وبلغ أربعين سنة
دعا ربه قائلا: ربي ألهمني أن أشكر نعمتك التي أنعمتها عليَّ وعلى والديَّ
واجعلني أعمل صالحًا ترضاه, وأصلح لي في ذريتي
إنِّي تبتُ إليك من ذنوبي, وإنِّي من الخاضعين لك بالطاعة والمستسلمين لأمرك ونهيك, المنقادين لحكمك.



و في مجال الزوجية كانت هي :عليها السلام:

الزوجة الصالحة والمُطيعة

لعلي :عليه السلام: والمُربية لأبنائه :ع:


وهو القائلُ عنها:عليه السلام:
:ولا أغضبتني ولا عصتْ لي أمرا ، ولقد كنتُ انظرُ إليها فتكشفُ عنى الغمومَ والأحزان بنظري إليها :
:المناقب: الخوارزمي:ص354



وشيٌْ عظيمٌ أن يُحدِّث الزوج عن أخلاق زوجته الصالحة واقعا



وكذا شيٌْ عظيمٌ أيضا أن تُحدِّث الزوجةُ عن أخلاق زوجها واقعا.

لذا نحن بأمس الحاجة التربوية والفعليَّة لئن نتخلَّق بأخلاق المعصومين:عليهم السلام:

وشهادة عليٍ :عليه السلام: هذه في حق فاطمة :عليها السلام:

إنما هي رسالة بيِّنة وهادفة تشي إلى ضرورة أن تفقه الزوجة ثقافة التعايش مع زوجها وفق ثنائية الحقوق والواجبات .

وكذلك أن يفقه الزوج معنى الزوجية في مفاهيمها وتطبيقاتها الشرعية والآخلاقية حياتيا.



لم تعتمد:ع: في حياتها الزوجية على خدم ولاعبيد ولا اجراء

بل كانت :ع : تقوم بنفسها بواجبات البيت .


وذات يوم قالت:ع: لأبيها:ص: عندما دخل بيتها:

يا أبتِ لا طاقة لي بخدمة البيت ، فأخدمني خادما يخدمني ويعينني على امر البيت

فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله :

يا فاطمة أيَّما أحب إليكِ ، خادم أو خيرٌ من الخادم ؟

فقال عليٌ:ع: : فقلتُ : قولي خير من الخادم
فقالت : يا أبتِ خيرٌ من الخادم

فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله :
تكبرين الله في كل يوم أربعا وثلاثين تكبيرة
وتحمدينه ثلاثا وثلاثين مرة
، وتسبحينه ثلاثا وثلاثين مرة
فذلك مائة باللسان وألف حسنة في الميزان :

يا فاطمة إنَّكِ إن قلتها في صبيحة كل يوم ، كفاكِ الله ما أهمك من امر الدنيا والآخرة :
:المناقب:الخوارزمي:ص354




وهنا تتجلى ثقافة الشكر والرضا والحمد والمعنويات عند فاطمة :ع:

فالرضا بما قضى الله تعالى وقدَّر هو أعظم مما يتوقعه الإنسان في أمانيه
فلذا قال تعالى :
(( وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ )) النمل19



وعن الإمام الصادق عليه السلام قال :
دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على فاطمة عليها السلام
وعليها كساء من ثلة الإبل ، وهي تطحن بيدها ، وترضع ولدها
فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أبصرها

فقال : يا بنتاه ! تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة
فقد أنزلَ اللهُ عليَّ :
((وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى )) الضحى5
:مجمع البيان:الطبرسي:ج10:ص382




ومع التزامها :ع: بمفردات الزوجية والإمومة الصالحة وادارة بيتها المتواضع



لكنها بقيتْ بتولا عابدة متعلقة دوما بالله تعالى


والتاريخ ينقل لنا صورا مُشرقة عن عبادتها

حيث قال عنها ولدها الحسن :ع : قال :


رأيتُ أمي فاطمة:عليها السلام: قائمةً في محرابها ليلة الجمعة
فلم تزل راكعة ساجدة حتى انفجر عمود الصبح
وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات ، وتسميهم
وتكثر الدعاء لهم ، ولا تدعو لنفسها بشئ
فقلتُ : يا أماه ، لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يا بني ، الجار ثم الدار
:دلائل الإمامة:محمد بن جرير الطبري:الشيعي:ص152



إذن فالزهراء :ع : فعلا وحقا إمرأة مقدَّسة تحمل قيم الله تعالى في ذاتها


فهي كما تتصل بالله في نفس الوقت كانت تتصل مع الناس وتتوسط للحق تعالى في قضاء حوائجهم


ولم تؤثر حاجاتها على غيرها

وهي صاحبة الايثار لوجه الله تعالى المعروف في القرآن الكريم

{إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً }الإنسان:9


وقد جاء في سبب نزول سورة الدهر أو هل أتى:
أنه وثبَ النبي : صلى الله عليه وآله : حتى دخل منزل فاطمة :عليها السلام :
فرأى ما بهم فجمعهم ، ثم انكب عليهم يبكي

ويقول : أنتم منذ ثلاث فيما أرى وأنا غافل عنكم !

فهبط جبرئيل :عليه السلام : بهذه الآيات
( إنَّ الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا )

قال : هي عين في دار النبي : صلى الله عليه وآله : تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين
( يوفون بالنذر )
يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين : عليهم السلام : وجاريتهم
( ويخافون يوما كان شره مستطيرا )
يقول : عابسا كلوحا
( ويطعمون الطعام على حبه )
يقول : على شهوتهم للطعام وإيثارهم له
( مسكينا ) من مساكين المسلمين
( ويتيما ) من يتامى المسلمين
( وأسيرا ) من أسارى المشركين
ويقولون إذا أطعموهم :
( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا )

قال : والله ما قالوا هذا لهم ، ولكنهم أضمروه في أنفسهم
فأخبر الله بإضمارهم
يقولون : لا نريد منكم جزاء تكافؤننا به ولا شكورا تثنون علينا به ، ولكنَّا إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه:
الأمالي : الصدوق :ص333




وهذه الحادثة تضعنا في واقع الوعي وضرورة رصد الوضع العام إنسانيا ومجتمعيا

فالمعصومين:ع: حينما يتعاملون مع الآخرين لم يضعوا أمام أعينهم إلاّ بشرية الآخر وإنسانيته قبل كل شيء
لذا تصدقوا على الأسير المُشرك.

فضلاً عن تصدقهم على المسكين واليتيم

وهنا تنفتح نافذة العمل المُخلِص لوجه الله تعالى في إطلالتها الحياتية .
لتُضيف بُعداً جديدا في كينونة فاطمة :عليها السلام:

يطلُّ علينا بإشراقة تكشف عن أهمية الإخلاص لله تعالى في العمل مطلقا
وتعني هذه الإشراقة الفاطمية لزوم التجرد عن الذاتيات البشرية في الحركة المجتمعية بشريا.
كي ينهض الإنسان بواقعه إنسانيا ودينيا قبل أنْ يلحظ شيئا آخر سوى وجه الله تعالى.



وإنَّ من المُلاحَظٌ أيضا في حياة فاطمة الزهراء:عليها السلام:
هو نشاطها الفعّال و الصالح في الحركة المجتمعية أيضا وبصورة حافظت معها على حجابها وإحتجابها .

والذي يستوقف الباحث في هذا المجال القيِّم هو حجاب الزهراء :عليها السلام وحشمتها وشرافة ذاتها وكيانها الشخصاني.

حتى في أصعب الظروف النفسية والمجتمعية
وأعني أنّها :عليها السلام: قد ضربت رقما صعبا في واقع الوجود والحياة
بحيث صمدت نفسيا وقيميَّا بوجه البلاء الذي حلَّ بها بعد شهادة أبيها محمد النبي الخاتم:ص:

ويذكر التأريخ :
أنَّه لما أجمع أبو بكر وعمر

على منع فاطمة: عليها السلام :
فدكاً وبلغها ذلك . .

لاثتْ خمارها على رأسها
واشتملتْ بجلبابها وأقبلت في لِمّة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها
ما تُخرم مشيتها مشية رسول الله: صلى الله عليه وآله :
حتى دخلتْ على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم

فنيطتْ دونها ملاءة
فجلستْ:عليها السلام:
ثم أنَّت أنّة أجهش القوم لها بالبكاء ، فارتج المجلس
ثم أمهلت هنيئة حتى إذا سكن نشيج القوم وهدأت فورتهم ،
افتتحت الكلام بحمد الله والثناء عليه والصلاة على رسوله ، فعاد القوم في بكائهم ، فلما أمسكوا عادت في كلامها :
فخطبت :عليها السلام:خطبتها الشهير
:الإحتجاج :الطبرسي :1ج: ص : 132


والذي أعنيه في هذا النص هو البعدُ القيَميِّ في حجاب الزهراء :ع: واحتجابها .

أما مسألة مطالبتها بحقها في فدك ومحاججتها الغاصبين له
هذا ما سأتناوله لاحقا في بحثٍ آخر إن شاء الله .

ولقد تجلى بُعد الحجاب والإحتجاب الفاطمي القيَمي في عبائر النص أعلاه وهي:

لاثتْ خِمارها على رأسها
واشتملتْ بجلبابها
وأقبلت في لِمّة من حفدتها ونساء قومها
تطأ ذيولها
ما تخرم مشيتها مشية رسول الله: صلى الله عليه وآله :

فنيطتْ دونها ملاءة

واللوث في اللغة : هو الطي والجمع
ولاثت خِمارها أي: لفّته والخمار بالكسر : المِقنعة
سميت بذلك لأن الرأس يُخمر بها أي يغطى .

وهو تعبيرعن ستر تمام الرأس الشريف لها:عليها السلام:

و الاشتمال بالشئ جعله شاملا ومُحيطا لنفسه
والجلباب : الرداء والإزار
وهو تعبيرعن لبس الملابس الساترة لتمام الجسم وبصورة تامة.


في لمَّة : أي جماعة وهنّ جماعة من النساء معها .

وتطأ ذيولها :أي أنَّ أثوابها كانت طويلة تستر قدميها
فكانت:عليها السلام:
تطأها عند المشي

وأما معنى:
ما تُخرم مشيتها مشية رسول الله: صلى الله عليه وآله :
أي لاتترك في مشيها مشية أبيها :ص: في الهدوء والوقار والهيبة.

و نيطتْ دونها ملاءة : أي :عُلِّقتْ
وناط الشئ علَّقه : والملاءة الإزار أي الستار الحاجب بينها وبين القوم .

فتلك المفردات أعلاه والتي تجسدت واقعا في حركة فاطمة :ع: في المجتمع آنذاك .
تجعلنا أمام الحق بعينه في ضرورة أن تلتزم المرأة المعاصرة اليوم بالحجاب والإحتجاب .

وأعني بالحجاب هو المقدار الواجب الذي فرضه الله تعالى على النساء أجمعين .
من ستر تمام الرأس والبدن وترك الزينة والتبرج أمام الرجال الأجانب

وأما الإحجتاب فهوالوجه الآخر للحجاب المادي
بل هو الجوهر الشريف في صورة الحجاب.

والإحتجاب يعني أن تضع المرأة حاجزا نفسيا وسلوكيا وذهنيا أمام الرجل الأجنبي عنها .
في حال التعاطي معه.

ويتجلى ذلك الحجاب و الإحجتاب المطلوب من المرأة والمُؤَسَّسُ له قرآنيا في قوله تعالى:

(( وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }النور31

{ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً }الأحزاب 32
بمعنى:

فلا تتحدثن مع الرجال الأجانب بصوت لَيِّن يُطمع الذي في قلبه مرض في الشهوة الحرام
وهذا أدب واجب على كل امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر, وقُلن قولا بعيدًا عن الريبة لا تنكره الشريعة .

وحقيقةً إنَّ الحجاب الشرعي للمرأة وكذا إحتجابها النفساني والسلوكي لايُشكِّل جدار فصلٍ عائقٍ
بينها وبين حركتها المجتمعية حياتيا.

بقدر ما يُشكِّل درعاً حصيناً تترس به عن أعين الرجال الأجانب وطمعهم بها .

وهذا ما توفرتْ عليه شخصية الصدِّيقة فاطمة :عليها السلام:
إذ أنَّها :ع: تحجَّبتْ وإحتجبتُ وتحرَّكتْ وخطبَتْ وطالبتْ بحقها وحق بعلها علي:عليه السلام: .

لذا إذا ما أردنا أن نبني جيلا صالحا من النساء المؤمنات
فما علينا إلاّ أن نطرح لهُنَّ أنموذج الزهراء:عليها السلام:

بالصورة الحقة والمتوازنة في أبعادها الوجودية قيَميَّا

ويجب أن نقف عند كل مفصلٍ حياتي من مفاصل حياة فاطمة :عليها السلام:
وأن ننظر إلى كيانيَّتها الرامزة إنسانيا ودينيا بعينين صحيحتين وبصيرتين
كي تكتمل عندنا صورة الحق وأهله .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف:


من مواضيع : مرتضى علي الحلي 0 مقولةُ التَقبُّل في القرآن الكريم ومقاييسها
0 و ماذا بَعدَ شَهري مُحرَّم و صَفر ؟
0 الرَسولُ الأكرمُ مُحَمَّدٌ (صلى اللهُ عليه وآله ) في مِسكِ الخِتام يَستَشهِدُ مسموما
0 ثمرات زيارة الأربعين الشريفة
0 رؤى المرجعيّة الدينيّة الشريفة في يوم الجمعة
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)



تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 02:52 PM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024
جميع الحقوق محفوظة لـ منتديات أنا شيعـي العالمية


تصميم شبكة التصاميم الشيعية